«معظم النار من مستصغر الشرر» فهل من الممكن أن تكون استقالات عدد كبير من أعضاء حزب الحرية والعدالة , مؤخرا, بالفيوم هى مستصغر الشرر لنار كثيفة تطول جماعة الإخوان المسلمين وحزبها ؟ الأمر وارد وفقا لعلماء الاجتماع السياسى وقد توقعه الدكتور عمار على حسن المتخصص فى علم الاجتماع السياسى ولم يستثن فى توقعاته اى تنظيم اسلامى خرج للعمل السياسى فى النور بعد مرحلة طويلة من العمل فى الظلام . وبعيدا عن نظرية حتمية الانشقاقات فى اى تنظيمات تخرج للعمل من طور السرية الى طور العلنية , فإن التجارب التاريخية ذات الصلة تجعل حدوث انشقاق مستقبلى فى الجسد الاخوانى ليس مستبعدا فالكيانات التى عملت فى السر ووصلت للسلطة حدث فيها ذلك كالحزب الشيوعى السوفييتى والصراع الدامى بين ستالين وتروتسكى , فضلا عن الحدث الكبير فى التاريخ الاسلامى والذى فرقت فيه السلطة ودسائسها بين بنى هاشم وبنى امية فى صراع دام بين على بن ابى طالب ومعاوية بن ابى سفيان بعدما كانا يمثلان كيانا واحدا تحولت بفضله الدولة الاسلامية من دولة مدنية الى شبه امبراطورية قوية بداية من ذلك الصراع والانشقاق . وما حدث فى الفيوم والتوقع بتكراره فى محافظات اخرى يؤكد ذلك حيث تقدم العشرات من اعضاء حزب الحرية والعدالة بالفيوم باستقالات جماعية من الحزب الى الامانة العامة بالقاهرة التى يترأسها الدكتور محمد البلتاجى , وذلك احتجاجا على افتتاح افرع بالقرى لجمعية النهضة الاسلامية . والعبرة هنا ليست بالاستقالات وانما بفحواها ومغزاها فقد جاءت اعتراضا على جمعية تعد الجناح التنموى للجماعة بالمحافظة و يترأس مجلس ادارتها مسئول الاخوان بالفيوم , ما يكشف ان الاستقالات دافعها الاساسى هو الرغبة فى ان يكون كل اطر العمل الاجتماعى والسياسى من خلال الحزب وليس الجماعة خاصة وان الشعب كله يعارض اخونة الدولة وهو دافع يحمل فى طياته مستصغر الشرر الذى بتكراره تندلع نار الانشقاق . الملفت ان المستقيلين من الوزن الثقيل وهو ما يعكس وجود صراع على النفوذ فى مرحلة السلطة وبريقها كاحد اهم دوافع الانشقاقات فى الكيانات السياسية المغلقة كجماعة الاخوان المسلمين وحزبها وإن ادعت الانفتاح على خلاف الحقيقة والواقع , فالمستقيلون: احمد عايش رجل الاعمال واكبر ممول لشعبة «هوارة عدلان» وثابت حسن , مدرس ومسئول عن جمع وتوزيع الصدقات , وعلى عبد الحليم , امام مسجد وسيد حسن , مدرس حاسب آلى . مبررات المستقيليين توحى ب « مستصغر الشرر» فقد اتهموا الجماعة بالكذب موضحين انها دفعت اعضاء «الحرية والعدالة» بالفيوم الى العمل من خلال الجمعية الشرعية وفروعها بالمحافظة لدعم مرشحى «الحزب» فى الانتخابات البرلمانية الماضية ، ودعم الدكتور محمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية ، مؤكدين انها اى الجماعة انفصلت عن الجمعية الشرعية وانقلبت عليها بافتتاح جمعية النهضة الاسلامية. المستقيلون وصفوا ما حدث بانه انقلاب من «الاخوان» وحزبها على جماعة أنصار السنة التى ساندت الحرية والعدالة ومرشحه الرئاسى، وهو انقلاب احدث جرحا يصعب علاجه بسهولة خاصة وانه اشتمل على تخوين لاعضاء الجمعية الشرعية ، واتهامات بسرقة الاموال برغم انها تحظى بثقة كبيرة بين الغلابة فى كل قرى ونجوع محافظة الفيوم . ما حدث على المستوى القاعدى للجماعة وحزبها فى الفيوم يمكن ان يكون بداية انشقاق واسع النطاق، لو حدث مثله على المستوى المركزى فى ظل الخلافات فى الرؤى والتصورات بين جيلين معروفين داخل الجماعة , ينتمى لاحدهما قيادات انشقت بالفعل كالدكتور عبد المنعم ابو الفتوح المرشح الرئاسى السابق .