«نحن مجبرون على بيع جزء من السلع المدعمة فى السوق السوداء لتعويض خسائرنا، فمفتشو التموين يحصلون على رواتب شهرية منا، بالإضافة إلى استلام كميات من المستودعات ناقصة الوزن، أما النقل فهو على حسابنا»، هذه هى أهم دفوع بقالى التموين تجاه الاتهامات الموجهة إليهم، ولكى نكشف الحقائق قامت «فيتو» بمغامرة صحفية.. وإليكم الوقائع.. فى التاسعة صباحا كنت أجلس بمقهى بجوار مخزن رئيسى للسلع التموينية، أخذت أتصفح الوجوه لأتعرف على وسيط يدخلنى إلى هذا العالم وفى العاشرة جاء رئيس عمال المخزن ليتناول إفطاره على المقهى، كان من السهل التعرف عليه، من خلال أوامره للعمال بفتح المخزن، جلست بجواره، ورجوته أن يلحقنى بعمل لدى بقال تموينى نظرا لظروفى المالية الصعبة، قلت له: لك أجرى فى أول يوم عمل، وأريد تعلم مهنة تغنينى عن الاستدانة من أقاربى، وبالفعل وافق الرجل، وسرعان ما عرفنى بأحد بقالى التموين الذى جاء لاستلام حصته، قائلا له:«الراجل ده بلدياتى وعايزه يشتغل معاك وهينفعك فى الشيل والحط وعلى ضمانتى»، فأتفق البقال على إعطائى 02 جنيها يوميا من الساعة الرابعة عصرا حتى الحادية عشرة ليلا، بالإضافة لعشرة جنيهات فى حالة استلام حصة التموين من المخزن، ووافقت على الفور، وبدأت المغامرة. طلبت من البقال الوقوف بدلا منه فى الطابور لأدفع المبلغ المطلوب، الطابور يضم رجالاً ونساء، صاحت إحداهن:«الستات عايزين طابور لوحدهم»، وسرعان ما توالت التعليقات الساخرة: الثورة ياست بتقول إن ما فيش فرق بين الراجل والست، وآخر: ده إحنا بنتحامى فيكو.. وثالث : الفرق بينا وبينكم الشنبات بس!. كان البقال يراقبنى حتى لا أهرب بالثلاثة آلاف جنيه، وعند دفع الفاتورة طلب الصراف 5882جنيها، في حين أن مبلغ الفاتورة 0782جنيها، صرخت فى وجهه مطالبا بدفع مبلغ الفاتورة فقط، وبسرعة جاء البقال معتذرا للصراف: «معلش يا أفندى.. أصله غشيم.. ده أول يوم يشتغل معايا»، ثم قمت بتسليم الفاتورة لأمين المخزن، وبالفعل استلمت 2 طن أرز ودفع البقال عشرة جنيهات لأمين المخزن، وقمت بتحميل الكمية على سيارة نقل، وفوجئت ببقالين يبيعون كميات الأرز لتجار السوق السوداء، وفوجئت بأمين المخزن يسحب كيس أرز به 5 كيلو جرامات، وبالطبع اعترضت، فعاجلنى بقوله:«المعلم عارف إن هو ده النظام».. وبالفعل جلست فى صندوق السيارة بينما المعلم يجلس بجوار السائق، إلى أن وصلنا محل البقال، فقام المعلم بدفع 001 جنيه للسائق. فقلت له: الأجرة 06 جنيها وليس مائة.. قال المعلم: ما لكش دعوة.. شكلك غلباوى أوى.. روح أقعد لك ساعتين ع القهوة.. أنا رايح البيت وراجع الساعة 4 عشان نفتح المحل. خلال هذه المدة كان مواطنون كثيرون يقفون أمام المحل انتظارا لصرف حصصهم التموينية، تحدثوا كثيرا عن المهازل التى تحدث، قال قائل منهم إنه يحصل على سلع إضافية بأسعار السوق، آخر: البقال يضيف مبالغ إضافية على الفاتورة، وثالث اتهم البقال بالنصب والاحتيال، وجاء البقال فصمت الجميع، وطلبت منه أن أقوم بصرف المقررات التموينية بالبطاقة الذكية، فرحب الرجل، وبسرعة بدأت أقوم بالصرف، لكن البقا ل كان يضيف ثلاثة جنيهات على مقررات الأسرة الصغيرة وستة جنيهات على الأسرة كبيرة العدد، وتتعالى صيحات الناس بالدعاء على البقال «حسبى الله ونعم الوكيل»، وبالطبع وقعت مشادات بين المواطنين والبقال الذى كان يقول: اللى مش عاجبه يشتكينى في مكتب التموين. كان البقال يجمع الأرز «السايب» ويزن 7 كيلوجرام ويبيعه على أنه 8 كيلو جرامات، وأخذت البقال بعيدا وحذرته من عاقبة «ويخسرون الميزان» و «ويل للمطففين»، فابتسم وأخذ كيسا مدونا عليه «1كيلو جرام» ووزنه أمامى فاتضح أنه 009 جرام فقط، وهجمت علينا «أم محسن» صارخة فى المعلم «هات كل الأكياس سليمة»، وبالفعل أعطاها المعلم ما طلبته، وبعد أن غادرت قالت لى:«الست دى صعبة وبتفضح.. باريح بالى وأديها اللى هيا عاوزاه»، بعدها جاء شخص آخر «عرفت إنه جار البقال»، واشترى 5 كيلو زيت بسعر 03 جنيها، و02 كيلو أرز بأربعين جنيها، وبالطبع هى السلع المدعمة التى باعها البقال لجاره بدون بطاقة، وكان رد البقال لمن يطلبون أرز الشهر الماضى: فيه عجز فى المخازن هاجيب لكم منين؟ انتهى يوم العمل قبل منتصف الليل، فأعطانى البقال 03 جنيها، وأخذت استفسر منه عما حدث، فقال: أحضرنا 2 طن أرز، الطن ب 5341 جنيها، دفعت أنت بيدك 5882جنيها وعشرة جنيهات لأمين المخزن بالإضافة لخمسة كيلو جرامات أرز، ومائة جنيه نقل وإيجار المحل 005 جنيه وإيجار المخزن 003 جنيها شهريا، وفاقد الأرز والسكر بحوالى 002 جنيه، وراتب شهرى لمفتش التموين، ونسدد معونة الشتاء في جميع فصول السنة، والمصروفات الحقيقية 0052 جنيه شهريا، تعطينى الوزارة ألف جنيه، فتكون خسارتى كل شهر 0051 جنيه، ولابد من تعويض هذه الخسائر من المواطنين بالزيادة المالية على فواتيرهم وببيع جزء من السلع للسوق السوداء.
