دموع تسيل بطول الطريق إلى سيناء.. زوجات ثكلي.. وقلوب محطمة على الطريق يتشبث أفراد بالحياة ويتعلقون بأوهى خيوط الأمل.. فيما يغيم الصمت على ذويهم «مفقودون» كلمة تكاد تزهق منها الأرواح كمداً.. لماذا؟ وكيف فقدوا؟ ومن الذى سيعود بهم؟؟ ضباط ذهبوا فى حماية الوطن إلى خدمته ولم يعد منهم أحد.. ثلاث زهرات ذاهلات يبحثن عن أزواجهن، مر العام مراً على كل منهن.. زفرة تطلقها إحداهن تمزق قلوب أخريات يصرخن.. محمد حسين، شريف المعداوي، ومحمد الجوهرى أين هم؟ الملازم أول محمد حسين 22-1-1102 يوم لا تنساه واحدة من الزوجات الثلاث، يوم أن ذهب أزواجهن مجتمعين من المنصورة لمأمورية فى سيناء وتحديداً فى رفح بالعريش، أسبوعان.. كانت مدة زواج ولاء سلامة 32 سنة من الملازم أول محمد حسين، وهى ذات المدة التى أخبرها أنه سيقضيها بمأموريته مع زملائه .. اندلعت الثورة بعد أيام من سفرهم وفى حالة الانفلات الأمنى التى حدثت وانقطاع المواصلات وجهت الأوامر من مديرية الأمن للضباط الثلاث بالتزام الفندق الذى يقيمون فيه لحين استقرار الأوضاع.. بعد 01 أيام من بداية الثورة أخبرها الزوج بعودته وزملائه كان ذلك بالتحديد الساعة الحادية عشرة من مساء يوم الجمعة 4 فبراير، وبعد أقل من ثلاث ساعات قطع الاتصال.. أغلقت هواتفهم، وغابت أصواتهم.. الرائد محمد الجوهرى تحكى دعاء رشاد زوجة الرائد محمد الجوهري، وبيدها ابنيهما ردينة 5 سنوات ومصطفى 3 سنوات .. بألم.. قدمن بلاغاً لمديرية أمن الدقهلية وآخر لمديرية أمن شمال سيناء عن اختفاء مفاجئ لأزواجهن، وجاءهم الرد شديد الغرابة.. لعل الضباط الثلاث قرر كل منهم أن يغير مساره ربما مأمورية أخري، وربما استجمام!! بفزع يرددن: فى هذا الوقت؟؟ ويأتى الرد متكسراً بقطع من الثلج: ولم لا؟؟ أحداث تفضى للجنون.. كابوس يجثم على أنفاسهن، يهرعن لمقابلة وزير الداخلية كان وقتها محمود وجدى يرفض مقابلتهن بحجة أن هؤلاء الضباط «مفقودون» وليس فى يده شيئاً يفعله.. إلى وزارة الدفاع كانت الوجهة التالية، وإلى مدير الأمانة العامة قدمن بلاغاً للمجلس العسكرى بالوقائع.. وبعد التغيير الوزارى كانت العودة مرة أخرى لوزارة الداخلية لمحاولة لقاء اللواء العيسوى الذى قابلهن وأكد أنه قد سمع عن أمر هؤلاء الضباط، وأعطى تعليمات بتشكيل فريق بحث يذهب إلى العريش ويقف على الحقيقة. سيارة محترقة وبجوارها بقع دماء وحقيبة، الدم الذى تبين أنه غير آدمي، والحقيبة التى تخص أمين شرطة اسمه وليد سعد الدين من مدينة ههيا بالشرقية وهو مختفى أيضاً منذ نفس التاريخ، ووجودهما بجوار سيارة الضباط الثلاث لغز ملغم بالألغاز.. شهور طويلة مرت.. الجميع عاجزون.. حتى أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة البيان رقم 75 والذى أعطى فيه أوامره للجهات المعنية بسرعة البحث عن الضباط وإعادتهم لذويهم فى أسرع وقت.. بعد البيان تولت المخابرات القضية.. وتشعبت جذور العجز. الرائد شريف المعداوى شيرين شمس العشرى زوجة الرائد شريف المعداوى وأم طفليه حبيبة 5 سنوات، ويوسف 3 سنوات، تحكى عن معلومات تصفها بالمؤكدة تزيد الأمر غرابة وتعقيداً تقول المعلومات إن لجنة شعبية استوقفتهم فى منطقة بئر العبد، خطفوا، أحرقت سيارتهم، وتم بيعهم!! بعض البدو الذين يعلمون لحساب إحدى الجماعات التكفيرية بشمال سيناء، قاموا بخطف الضباط وبيعهم للإرهابيين مقابل 051 ألف دولار للضابط الواحد منهن.. أحد الدعاة الإسلاميين المقيمين بالمنصورة وصاحب الشعبية الجارفة فى شمال سيناء أبلغها أنه اطمأن على الضباط بنفسه بعد أن ذهب مع شخص من البدو ورآهم بعينه هكذا قال ثم عاد ونفى معرفته بأى شيء بعد أن عرف أننا أبلغنا المخابرات.. ربما تكون كل المعلومات خاطئة إلا هذه.. هذا آخر خيط للأمل ويجب ألا نفقده.. تختنق الكلمات وتذرف دموع كدماء .. تكمل.. فى يوليو الماضى أكدت مصادر لنا أن طلبات الخاطفين قد ذهبت إلى المخابرات ومعها دليل على حياة أزواجنا وسلامتهم، بأمل هرعنا نستفسر عن صحة تلك المعلومات، إلى المخابرات.. لا جواب، حتى نواب مجلس الشعب الذين اتصلنا بهم، رفضوا طرح القضية فى المجلس . لا يعقل أن كل أجهزة الدولة تقف عاجزة عن إيجادهم، فى الوقت الذى تنجح فى إعادة 3 كوريات بعد اختطافهن بساعات، يمر عام من الصمت أمام اختفاء ثلاثة ضباط مصريين.