سوف تحتفل مصر قريبا بإنشاء المقهى رقم 90 مليون بحيث يكون لدينا مقهى لكل مواطن، وكأن مصر توقفت تماما عن الإنتاج والإنجاز سوى المقاهى أو لم يعد لديها ما تقدمه للبشرية غير الشيشة. وبعيدا عن الهزل في موضع الجد فإن الأمر شديد الخطورة وأبعاده كثيرة فهذه المقاهى غالبا ما تُقام بدلا من جراجات انتظار السيارات وبالتالى تساهم في التكدس المرورى المزمن بإلغاء الجراجات واضطرار سكان العقارات ورواد المقاهى وضع سياراتهم في الشوارع المزدحمة أصلا، أضف إلى ذلك أن معظم أصحاب المقاهى لم يكتفوا بالاستحواذ على الجراجات بل على الأرصفة والشوارع مما يزيد من اختناقها، كما أن معظم روادها شباب وبنات وأولاد في العشرينيات من العمر لا أعرف كيف تسمح لهم أسرهم بالسهر يوميا وتدخين الشيشة حتى الساعات الأولى من الصباح، هذه طاقات يجب استغلالها في بناء البلد بدلا من ضياع أفضل سنوات عمرها وصحتها على المقاهي، كذلك معظم المدمنين والسارقين بدءوا طريقهم من كرسى المقهى، يجب على الدولة اتخاذ إجراءات صارمة في هذا الشأن بضرورة إعادة فتح الجراجات التي تحولت إلى مقاه أو مخازن أو أعمال تجارية أخرى وصاحب العقار المخالف يجب فرض غرامة كبيرة عليه تكون رادعة له ولغيره بجانب وقف تعامل الحى معه، وأقترح على محافظ القاهرة إن كانت هناك ضرورة لوجود هذه المقاهى أن يخصص لها أراضى معزولة في المدن الجديدة واتخاذ قرار جريء بنقلها خارج العاصمة كما سبق وفعلت الحكومة مع سوق روض الفرج بنقلها إلى مدينة العبور، القرار الذي لم يكن أحد يتوقع له النجاح بسبب النفوذ الكبير للتجار ومع ذلك كان سببا في إحياء مدينة العبور، أو مثلما حدث مؤخرًا مع الباعة الجائلين، نتخيل لو أن محافظ القاهرة فعل ذلك فإلى جانب أنه سوف يتم فتح الجراجات والمساهمة في حل مشكلة المرور والانتظار هو أيضا سوف يقوم بإحياء المدن الجديدة وسيحقق دخلا للدولة فبدلا من أن يستفيد أصحاب العقارات المخالفة تستفيد الدولة فليس منطقيا أن نكافئ المخالف في الوقت الذي تنفق فيه الحكومة المليارات لحل مشكلة المرور في القاهرة الكبرى، أيضا من الأمور المؤسفة هي قيام كثير من المواطنين بتبوير الأراضى الزراعية لإقامة مقاه وتدخين الشيشة وكذلك تبويرها لإقامة ملاعب كرة قدم خماسية يقوم أصحابها بتأجيرها للشباب بمبالغ كبيرة وهذه كارثة أخرى سوف نتناولها مستقبلًا. يجب عودة هيبة الدولة والقضاء على فساد المحليات بعد قيام الشعب بثورتين وخلع رئيسين وحبسهما.