رحمة طفلة في مقتبل العمر.. كانت تحلم مثل كل الفتيات في مثل عمرها، بحياة هادئة مستقرة، بين والدين يحبانها ويوفران لها كافة أوجه الرعاية، ويغدقان عليها من حنانهما، غير أن الأقدار أبت أن تحقق لها هذه الأمنية البسيطة، وكثرت الخلافات والمشاكل بين والديها، وانتهى الأمر بطلاقهما.. شهور قليلة وتزوج الأم من امرأة أخرى، وأنجب منها طفلين.. أساءت زوجة الأب معاملة "رحمة"، واعتادت الاعتداء عليها بالضرب وتعنيفها، وتجاهلت وجودها في المنزل واهتمت فقط بطفليها.. أما الأب فقد انشغل في عمله كسائق تاكسى، ونسى ابنته نهائيا.. لم تحتمل الطفلة الصغيرة كل هذا العذاب، وقررت أن تتخلص منه على طريقتها الخاصة.. أحضرت حبلا وربطته في شجرة أمام منزلها، وبلا تردد انتحرت شنقا.. مأساة الطفلة رحمة، يرويها محقق "فيتو" بالتفصيل في السطور التالية: البداية كانت عندما استيقظ أهالي "عزبة محجوب" التابعة لمركز المنيا، على مشهد غريب من نوعه.. طفلة في الثالثة عشرة من عمرها، معلقة من رقبتها بحبل في شجرة أمام منزلها.. هرع الأهالي إليها، واكتشفوا أنها "رحمة" ابنة جارهم "عماد" سائق التاكسى، حملوا جثمانها إلى المستشفى ظنا منهم أنها مازالت على قيد الحياة، غير أن الأطباء أكدوا وفاتها، وان سبب الوفاة هو الشنق باستخدام حبل.. أبلغ المستشفى اللواء أسامة متولى مدير أمن المنيا بالحادث، وانتقل فريق من رجال المباحث إلى مكان الواقعة، وبدأ في جمع المعلومات والتحريات حول الطفلة وأسرتها، بعد أن تسربت إليهم الشكوك في وجود شبهة جنائية في الحادث، وبعد بحث وتحر وسؤال العديد من الجيران وأقارب الطفلة، تبين انها فضلت الموت على العيش في جحيم زوجة أبيها، فقررت الانتحار شنقا ونفذت حكم الإعدام في نفسها. محقق "فيتو" التقى عددا من جيران الطفلة، وسألهم عن الأسباب التي قد تدفع طفلة في مقتبل العمر على قتل نفسها.. فأكدوا جميعا بكلمات ملؤها الحسرة والحزن، أن رحمة كانت طفلة مرحة يبها الجميع، ويحنو عليها خصوصا بعد طلاق والدتها وزواج أبيها من سيدة أخرى هي "نعيمة.س" والتي بدأت تهمل ابنة زوجها، وتضاعف هذا الإهمال بعد أن انجبت طفلين.. الجيران أضافوا: " زوجة الأب كثيرا ما كانت تنهر رحمة، وتعتدى عليها بالضرب، وكانت توبخها بعنف وتسئ معاملتها أمام الجيران، وكانت تمنعها من اللعب مع أقرانها في الشارع، كما انها كانت تمنعها من مشاهدة قناة أطفال كانت تحب متابعة برامجها. وعندما كبرت الطفلة وأصبحت على مشارف الشباب، لم تحتمل تلك المعاملة، وتأثرت حالتها النفسية بشدة، خصوصا وان والدها كان مشغولا عنها بعمله طواله الوقت.. ويبدو أن رحمة فضلت الموت على الحياة في كل هذا العذاب، فشنقت نفسها في شجرة أمام منزل والدها". وفى تحقيقات النيابة العامة التي أجراها محمد سلامة وكيل نيابة مركز المنيا، أنكرت زوجة الأب "نعيمة" أنها أساءت معاملة الطفلة أو انها قد تكون سببا في انتحارها وقالت: "كنت اعاملها مثل أولادى تماما، ولم أقصر في حقها أبدا، وكاى أم كنت أمنعها من مشاهدة قنوات الأطفال لفترات طويلة، ولم يخطر على بالى قط انها ستتخلص من حياتها بهذا الشكل".. بعد انتهاء التحقيقات أمرت النيابة بدفن الجثة.