قبل الثورة بعامين كتبت عن الصراع بين الحزب الوطني وجماعة الإخوان, الذي حرم مصر من إصلاحات كثيرة, والوطني استخدم الإخوان فزاعة لإحكام سيطرته على البلد, والغلابة فيها هم الذين دفعوا ثمن هذا الصراع, كانوا يعانون الفقر والجهل والمرض, والحزب وأعضاؤه ينهبون ثروات الوطن, الغلابة يموتون في القطارات والعبارات وفي حوادث الطرق وفي البحار والمحيطات, وكل أجهزة الدولة كانت مشغولة بالصراع بين الحزب والجماعة. الغلابة أصابهم السرطان وشربوا من مياه المجاري وأكلوا من زراعات على الصرف الصحي, والشباب ضيع أفضل سنوات عمره على المقاهي, ومنهم من مات غرقا وهو يبحث عن رزقه في أوروبا, المواطن كان مهانا في الداخل والخارج ومبارك يرتب أوراقه لتوريث نجله الحكم, ويضغط على الخارج بورقة الإخوان المسلمين. الخلاصة.. أن المواطن الفقير المعدم دفع ثمن الصراع على السلطة, ولم ينته هذا الوضع بعد الثورة التي قام بها الشعب من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية, ولكن حتى الآن, لا عيش ولا حرية ولا عدالة اجتماعية والفقير مازال فقيرا، قبل الثورة و بعدها. اللى بيجوعوا هم الغلابة, واللى بيموتوا, هم الغلابة, واللى بيضيع حقهم, أيضا الغلابة, بينما النخبة تبحث عن كراسٍ ومجد وتصفية الحسابات, والفقراء يبحثون عن لقمة العيش, لم نتحرك خطوة للأمام بعد الثورة، مقضيِّنها كلام وتربص. القطارات تحصد أرواح الناس والدم على الأسفلت, ومواجهات كل ساعة بين أطراف مختلفة والحدود الله أعلم بها, سلاح رايح جاي ومخدرات هنا وهناك, وقيمة المواطن 5 آلاف جنيه أو 10 أو حتى 40.. هي دي قيمة المواطن فى مصر! بين الكارثة والكارثة، كارثة.. نخاف من النوم حتى لا نستيقظ على كارثة جديدة.. الأمهات قلبها موجوع.. أم تلبس ابنها ويروح يشجع مباراة كرة قدم, يرجع في كفن.. وأم تلبس ابنها ويروح المدرسة أو المعهد أو الكلية, يرجع لها أشلاء.. وأم سعيدة بابنها الجندي اللى راح يحمي الحدود، يرجع هو أيضا فى كفن.. أخاف أن الصراع على السلطة وشماعة الفلول والنظام السابق والثورة المضادة تستمر معنا كثيرا وتستمر معها معاناة الغلابة, طبعا أنا أعرف أن المسئولية كبيرة, والتركة ثقيلة وما تم إفساده في سنين لن يتم إصلاحه في شهور, لكن كان ومازال لدينا أمل أن نبدأ ونضع أقدامنا على بداية الطريق, لأن الانطباع السائد لدى كثير من المواطنين أن جماعة الإخوان تعمل لمصلحة أعضائها فقط, وأن كل اهتمام رئيس الجمهورية هو تمكين الإخوان وتسكينهم في جميع المناصب المهمة في البلد, بصرف النظر عن الكفاءة أو الخبرة وإذا استمرت الأمور بهذا الشكل, فإن الغلابة سوف يستمرون في دفع الثمن في الماضي والحاضر والمستقبل, وهذا ما لا يرضاه المولى تبارك وتعالى.