يحتفلون به ب«لبشة» قصب وقلقاس احتفال بطعم الحب يشارك فيه المصريون جميعا، مسلمون ومسيحيون، يوقدون الشموع ويتبادلون الهدايا والحلوى ويجتمعون حول أطباق القلقاس، هذا الطقس الذى يحرص عليه المصريون منذ الفراعنة، فى ليلة الحادى عشر من شهر طوبة. الشاعر الجميل عبدالرحمن الأبنودى، حامل أختام الهوية المصرية الأصيلة بنبعها الدافق الدافئ، يعلق على ذلك: لم يعلمنا أحد حب النصارى، وإنما خرجنا للوجود فوجدناه، كنا أطفالا حين كنا نوقف اللعب إذا مر قس كنيستنا الفقيرة، كنا نخاطبه ب«أبونا»، وكان أطفالهم يقبلون يد شيخنا، واختلاط الأعياد هو الوجه الأنضج لهذه العلاقة الحميمة، والدليل الأكبر على نفى المسافات بيننا، فكانوا يلبسون الجديد فى أعيادنا، وكنا نشاركهم أعيادهم، وتعتبر أعياد ميلاد السيد المسيح وكل المناسبات الاعتقادية المتحلقة حول رأس السنة الميلادية أعيادا إسلامية ، فى نفس الوقت، سبت النور وأحد الخوص والغبيرة ورعرعة أيوب، وغيرها، أهم تلك الطقوس كان ذلك الطقس العجيب وهو «البلابيصا» - كلمة هيروغيليفية معناها الشموع - وخلال أسابيع كان القفاصون ينشطون فى إنجاز صلبانهم الجريدية، بحيث تكفينا جميعا، صلبان فى كل طرف من أطرافها الأربعة ثقب، يتوسطها عود جريدى حاد صاعد يقابله عود يتجه لأسفل، فى الليلة الموعودة نشترى صلباننا وأدواتها، عود قصب، برتقالة، أربع شمعات، ونبدأ بوضع شمعات الاحتفال الرفيعة كل فى ثقبها، بعدها نغرس البرتقالة فى العود الصاعد، والذى يتوسط الشمعات الأربع، ثم نغرس كل ذلك فى رأس عود القصب. القلقاس من أشهر الأطعمة التى يأكلها الأقباط أثناء الاحتفال، ويشرح القمص مرقص عزيز - كاهن الكنيسة المعلقة بمصر القديمة: إن القلقاس لا يؤكل عبثا، بل له رمز دينى خاص بالمعمودية، وهو يرمز للتطهر من السموم والخطية، ففى القلقاس مادة سامة ومضرة بالحنجرة، وهى المادة الهلامية، إلا أن هذه المادة السامة إذا اختلطت بالماء تحولت إلى مادة نافعة ومغذية، ونحن من خلال القلقاس نتطهر من سموم الخطية كما يتطهر القلقاس من مادته السامة بالماء، وتاريخيا لم يستطع حاكم منع المصريين من الاحتفال بعيد الغطاس، وأشهر رسائل المحمول التى يتبادلها الأقباط هى : لأغلى الناس فى عيد الغطاس أهدى أرق إحساس لبشة قصب وقلقاس!