- صلاح عيسى: «المصادرة» لن تكون حاضرة.. و«الدستور» بيننا - حسين حمودة: انتظروا فترة «مد ثقافي» على غرار «التجربة الناصرية» - جابر عصفور معركة «الإبداع» مستمرة.. والأوضاع الحالية تؤكد «اقتراب الأزمة» - القعيد تصريحات «الجنرال» لا تبشر بخير يذكر نائمًا كنتُ جانبَه وسمعتُ الحرسْ يوقظون أبي!.. - خارجيٌّ? - أنا.. ?! - مارقٌ? - منْ? أنا!! صرخَ الطفلُ في صدر أمّي.. (وأمّيَ محلولةُ الشَّعر واقفةٌ.. في ملابِسها المنزلية) - اخرَسوا واختبأنا وراءَ الجدارِ - اخرَسوا وتسللَ في الحلقِ خيطٌ من الدمِ. (كان أبي يُمسكُ الجرحَ، يمسكُ قامته.. ومَهابَتَه العائلية!) - يا أبي - اخرسوا وتواريتُ في ثوب أمِّيَ، والطِّفلُ في صدرها ما نَبَسْ ومَضوا بأبي تاركين لنا اليُتم.. متَّشِحًا بالخرَس!! «الورقة الثالثة» من قصيدة «من أوراق أبو نواس «للشاعر الراحل أمل دنقل.. الغالبية داخل الوسط الأدبي والثقافي بشكل عام، بدءوا يرددون تلك الأبيات، بعضهم يتحدث عن عودة «قمع الإبداع».. وآخرون كانوا أكثر تفاؤلا وقالوا «لا جديد تحت شمس المحروسة».. أما المتفائلون -حتى النهاية- فتمسكوا بتأكيد أن «الدستور الجديد» كفل حرية الإبداع، ومنح المبدعين الفرصة كاملة لممارسة الإبداع، بما لا يخالف شرع الوطن. وما بين الخائفين من «الإبداع المشروط».. و»القمع المتوقع» تباينت ردود أفعال رموز الوسط الثقافي، فهناك من يشير إلى أن «دولة السيسي» لن تكون «قاسية» على الإبداع، كما يحاول تصويرها البعض، وهناك أيضا من يقول «اللي بينا الدستور والقانون». بداية قال الكاتب الصحفي صلاح عيسى: ما الذي يمنع وجود القيود والرقابة؟ لا يوجد ما يمكن أن يستجد على الأوضاع في مصر، وموضوع الحريات العامة بما فيها حرية الإبداع الفني والأدبي والثقافي والبحث العلمي وحرية النشر والطباعة كلها أمور منظمة في الدستور، الحريات يكفلها الدستور ويحيل للقانون في التطبيق، ولا أظن أن هناك اتجاها لدى أي أحد أن يقيد حرية الإبداع، وبشكل عام هناك حرية لنقد السلطة التي تصادر الكتب، وحرية تقاضي بشأنها، فمصادرة الكتب قرار غير موفق، لكن لا يعني وجود مصادرة لحرية الإبداع في ذلك العهد. وعن إمكانية وجود رقابة أو قيود في حالة نقد السلطة الحاكمة في عهد «السيسي» قال: كانت هناك عقوبة في قانون العقوبات تقضي بالحبس والغرامة لمن يطعن في شخص الرئيس في عهد «مرسي»، ثم ألغاها الرئيس المؤقت عدلي منصور، والشوارع كلها على الحوائط فيها نقدًا و«سبًا» للسيسي، لا يزيلها أحد، وهناك هجوم على فيس بوك وتويتر ولم يقدم أي أحد للمحاكمة، لم يشتك «السيسي» أو يطالب أحدا بمحاسبتهم»، موضحا أن حرية النقد وحرية الصحافة والإبداع والنشر والطباعة في الدستور مواد تصون وتحول دون إصدار قوانين تصادر هذه الحريات، ولن يستطيع أحد سلب تلك الحريات، والمهم أنها تمارس على شكل لا ينطوي على مخالفة القانون، الذي يعاقب على الطعن في الأعراض، والتحريض على العنف والدعوة للتمييز والطعن في الأديان ونشر المطبوعات الداعرة» البرنو» وهذه هي الموضوعات التي يمكن أن تخضع للقانون ومناط المحاسبة عليها هو القضاء، وليس السلطة الإدارية. «في حالة تحجيم حرية الإبداع أو النقد في عهد السيسي سيكون هناك قانون حاكم بيننا وبينه، هكذا أكد «عيسى» وأكمل بقوله: «السيسي» لا يستطيع أن يفعل ذلك، وهذه مخاوف وهمية يجري ترويجها. من جانبه قال وزير الثقافة الأسبق الدكتور جابر عصفور: كل ما نطالب به تطبيق الدستور، ومواد الدستور في حد ذاتها كافية لحماية حرية الأديب، وفي هذه المرحلة حرية الأديب منتهكة، والدستور حبر على ورق، وفي هذه الأسابيع القليلة تم الحكم على أديب بالسجن 5 سنوات لإصداره مجموعة قصصية بعنوان « أين الله» وهو الأديب كرم صبري. وأكمل «عصفور» بقوله: الحكم ذاته يعني أن كل مواد الدستور الخاصة بحرية التفكير والإبداع معطلة، ومجرد حبر على ورق، وعندما يجرؤ رئيس الوزراء على أن يصدر أمرًا بمصادرة فيلم هذا معناه اعتداء على الدستور، حتى لو كان الفيلم رديئًا، فالإبداع عندما يوجد ليست القضية فيه أنه رديء أو جيد، لكن القضية هي الحرية في الأساس، والواقع الآن يقول أن هناك انتهاكا لمواد الدستور وتمييزًا في المواطنة، وعلينا أن ندافع عن نصوص الدستور الآن حتى لا يجرؤ السيسي أو غيره على انتهاك حرية الإبداع، والفيصل هو الشعب، وحرية الإبداع إذا لم يتصد لها المثقفون فلن يكونوا جديرين بوصفهم مثقفين. وقال: المفروض أن ينطلق المثقفون من الآن للدفاع عن حرية الإبداع، فنصوص حرية الإبداع في الدستور منتهكة من القضاء والأزهر، فالرئيس القادم إذا رآنا نتهاون فسيعتاد على ذلك، ولو وجدنا نتصدي فلن يجرؤ على انتهاك حرية الإبداع وانتهاك مواد الدستور، وللأسف الجماعة الثقافية لا تدافع عن حرية الإبداع، بالشكل المطلوب. أما الكاتب يوسف القعيد فقد قال: مصطلح «جمهورية السيسي» خاطئ والصحيح أن نقول «جمهورية المصريين»، مع الأخذ في الاعتبار أن المشير عبد الفتاح السيسي أثناء طرحه برنامجه الانتخابي، وخلال غالبية اللقاءات التي عقدها وتحدث فيها عن أسلوبه في الحكم، ورؤيته للأوضاع لم يتحدث عن الثقافة والإبداع والسينما أو المسرح ولا الرواية أو الأدب أو الفكر وهذا أراه أمرًا «غير مبشر». على الطرف الآخر جاء الدكتور حسين حمودة الناقد وأستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة القاهرة ليطالب «حكومة السيسي» بإعادة النظر في جوانب كثيرة جدًا مما حدث في المجتمع المصري خلال العقود السابقة، وقال «حمودة»: دولة «السيسي» عليها أن تبدأ في الاهتمام بقضايا كثيرة مهمة تخص مقاومة الفساد، وسبل الحياة الكريمة للمصريين، وحقوقهم وواجباتهم جميعًا، واحترام القانون الذي يجب أن يطبق على الجميع، والحريات التي ينبغي أن تكون مكفولة أو متاحة للجميع ومنها حرية الانتقاد البناء، ومنها حرية الإبداع. «حمودة» أكمل بقوله: إن حرية الإبداع ركن أساسي من أركان الثقافة في كل المجتمعات التي تريد أن تتقدم وأن تزدهر، واحترام هذه الحرية يعني احترام المبدع، مادام مبدعًا حقيقيًا ولا يبتغي من إبداعه أي نوع من أنواع الرواج الرخيص، إن كل أشكال التقييد لحرية الإبداع سوف تنتهي عاجلًا أو آجلًا، ونعرف أن فكرة المصادرة غير قابلة للتحقق وكل الأعمال التي تمت مصادرتها أو حُكم على أصحابها، وكل الثقافات بما فيها الثقافة الغربية نفسها التي تزعم أنها تتيح حرية كبيرة للمبدعين، لقيت رواجًا أكبر فيما بعد وانتشرت بشكل أكبر مما لو سمح لها بالنشر دون مصادرة». وأوضح «حمودة» أن «السيسي» لا يضيق صدره من أي نقد وخاصة إذا كان بناءً بل يمكنه الاستفادة من الانتقادت التي تهدف للتخلص من سلبيات كثيرة، وإرساء دعائم لحياة اجتماعية وسياسية وثقافية أفضل للمصريين، مشيرا إلى أن فترة حكم «السيسي» قد تكون فترة مد ثقافي بما يشبه فترة المد الثقافي التي حدثت في حقبة الستينيات، وستكون امتدادًا لها. من جانبه قال الناقد الفني طارق الشناوي: الأزمة ليست في النظام ولكن في الفنانين والمثقفين، الذين يحاولون إرضاء الحاكم والمسئولين بأي شكل كان، حتى وإن كان هذا الإرضاء على حساب الفن والإبداع، والدليل على ذلك أن هناك الكثيرين من المبدعين الذين لم يقتنعوا بقرار المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء بمنع «حلاوة روح»، لأن العمل لا يسيء للمجتمع ولا يحتوي على مشاهد جريئة مثلما قالوا، إلا أنهم حابوا وجاملوا محلب ومحمد صابر عرب على حساب الفيلم ووافقوا على قرار المنع الفيلم. وأرجع «الشناوي» حالة «الهرولة من جانب الفنانين» إلى ما أطلق عليه «نيل الرضا»، وأكمل بقوله: الذين سارعوا بإعلان فروض الولاء والطاعة ل»محلب» ورجاله و»السيسي» أيضًا يظنون أنهم بأسلوبهم هذا يحجزون لهم مكانًا في «دولة المشير» وسيكونون من المقربين ل»رأس النظام». وأكمل الناقد الفني بقوله: قرار منع عرض «حلاوة روح» قلت -وقتها- إنه نموذج مصغر للشكل الذي سيتم التعامل به مع «أهل الفن» والأعمال الإبداعية بشكل عام، وأؤكد أن أسلوب التعامل سيكون «صارمًا جدًا» تجاه الفن والإبداع بشكل عام، وأتوقع أن تستمر القرارات الصارمة من جانب الرقابة تجاه الأعمال الإبداعية، ولن توافق الرقابة على أي عمل سينمائي إلا «بشق الأنفس». في السياق ذاته قال الناقد السينمائي وليد سيف: القرارات التي أصدرتها الجهات المسئولة حول الأعمال الفنية غير مبشرة، فلابد أن يكون هناك فارق بين النظام والفن، وأن تكون القرارات الفنية خارجة من الهيئات المختصة بالحركة الفنية مثل جهاز الرقابة على المصنفات الفنية وغرفة صناعة السينما والمركز القومي للسينما وغيرها، وألا تخضع هذه الهيئات إلى أوامر النظام ومسئوليه. وأكمل «سيف» بقوله: الفترة المقبلة ستشهد تحجيمًا حقيقيًا للإبداع، ومن الممكن أن يكون الهدف من وراء هذا الاتجاه هو إعادة القيم المثلى للفن، ولكن الذي لا يعلمه النظام، أن القيم لا تأتي من الحجر والحجب والمنع وإنما تأتي بنشر الثقافة والارتقاء بمستوى تعليم الفرد. حالة «التشاؤم» التي اشترك فيها «الشناوي» و»سيف» لم تجد لها مكانًا في رأي المنتج محمد حسن رمزي الذي قال: النظام الجديد سيهتم بالفن مثلما سيهتم بكل المجالات الأخرى، وتفاؤلي نابع من حوارات ولقاءات أجريتها مع عدد من المسئولين الحاليين حول حقوق المبدعين، والذي تأكد من أن الدولة تريد أن تدعم الفن الهادف بشكل كبير وتقف بجوار كل مبدع حقيقي. وأكمل «رمزي» حديثه قائلا: المشير عبد الفتاح السيسي يدرك جيدًا أهمية القوى الناعمة ومدى تأثيرها في الشارع المصري وفي سلوكيات المواطن، لذلك كله فإن الفن سيكون في عهده أفضل بكثير مما هو عليه الآن، ولن يسمح بالسطو الذي تقوم به الفضائيات الرخيصة على حقوق شركات الإنتاج وسرقة أعمالهم الفنية وعرضها دون وجه حق. تفاؤل «رمزي» ظهر أيضًا في حديث السيناريست بشير الديك الذي قال: المشير عبدالفتاح السيسي من الشخصيات القليلة التي تبحث في كل المجالات وتعلم جيدًا أهمية القوى الناعمة ومدى تأثيرها، كما أنه سيعود بالفن والإبداع إلى ما كان عليه من قبل، من أخلاق وقيم وإبداع حقيقي يهدف إلى التعلم والترشيد وليس لإثارة الغرائز. «الديك» أكمل بقوله: دولة «السيسي» لن يكون بها مكان للسيناريست والمخرج والمنتج الذي يستخدم الجنس والغرائز كوسيلة لجلب المكاسب المادية بصرف النظر عن نتائجها السلبية التي سوف تظهر في سلوك الشارع المصري في ظل الكبت الذي يعيشه الشباب. وفي نهاية حديثه شدد «الديك» على ضرورة استخدام الفن لمحاربة هذه الغرائز ببث القيم والأخلاق في وجدان الشباب والأجيال الصغيرة، وإبعادهم بشكل أو بآخر عن كل ما هو سلبي وسيئ، وهذا هو دور الفن الحقيقي الذي لابد أن يمارس في الدراما والسينما، على حد قوله.