نظرة فابتسامة.. فسلام فكلام.. ثم قصة حب، فزواج عرفى.. ثم جريمة قتل.. الجانى فيها الزوجة والمجنى عليه هو الزوج.. أما الضحية الحقيقية فهم 3 أطفال فى عمر الزهور فقدوا والديهم فى لحظة واحدة.. الأب ذهب الى مثواه الأخير، والأم خلف أسوار السجن تنتظر مصيرها المجهول.. ترى ماهى الأسباب الحقيقية وراء تحول الحب الكبير إلى كره شديد وصل إلى درجة القتل؟ وكيف نفذت الزوجة وأسرتها حكم الإعدام فى زوجها؟ وما هو مصير الأبناء ورد فعلهم تجاه ما حدث ؟ هذه الأسئلة وغيرها الكثير يجيب عنها محقق «فيتو» فى الحوار التالى. فى البداية.. كيف علمت بالحادث؟ - من خلال متابعتى اليومية للحوادث الجديدة فى مديرية أمن القليوبية لفت نظرى إخطار عن جريمة قتل فى منطقة شبرا الخيمة.. سألت ضباط المباحث حول تفاصيل الحادث، فأكدوا أن الضحية رجل فى العقد الرابع من العمر.. ذهب إلى منزل أسرة زوجته لمصالحتها، وهناك حدثت مشادة كلامية بينهم فانهالت الزوجة وعائلتها على زوجها ضربا وطعنا ولم يتركوه إلا جثة هامدة وقالوا إن السبب هو الخلافات الزوجية. إلى هنا تبدو الجريمة عادية.. فما الذى دفعك للاهتمام بها؟ - بالفعل تبدو الجريمة للوهلة الأولى عادية ومكررة، ولكن من خلال التحريات الخاصة التى أجريتها اكتشفت أنها تحمل بين طياتها الكثير من التفاصيل المثيرة، وفيها أيضا مأساة حقيقية لثلاثة أطفال أصبحوا أيتاما فى لحظات.. ليسوا أيتاما ، فحسب بل فقدوا الأب والأم معا، وينتظرهم مصير مجهول. وما هى هذه التفاصيل المثيرة؟ - خرجت من مديرية الأمن إلى شارع «الحنفية» بشبرا الخيمة حيث وقعت الجريمة.. وفى منزل القتيل التقيت بعمه الحاج حمدى عبدالله.. وبعد أن قدمت واجب العزاء سألته عما حدث، وبكلمات تقطر ألما وحسرة أجاب: « محمد كان شابا طيبا وخلوقا.. تولى تربية أشقائه بعد وفاة والدهم.. تعرف على زوجته « أمل» منذ زمن طويل، وربطت بينهما قصة حب كبيرة، وتزوجها عرفيا دون علمنا، ورغما عن أبيها وأمها، وعندما حملت منه تزوجها بعقد شرعى ،وعاشا معا فى هدوء واستقرار فترة طويلة من الزمن ،أنجبا خلالها 3 أبناء هم سعيد -8سنوات-، وفهد-5سنوات-، ورقية -3 سنوات-.. صمت الرجل لحظات مسح خلالها دمعة انحدرت على خديه واستطرد: « تحسنت العلاقة بين محمد وزوجته، وبين أسرتها ولكن والدتها كانت تتعامل معه معاملة سيئة ، وتحرض ابنتها ضده حتى كثرت الخلافات بين الزوجين، وفى المرة الأخيرة تركت أمل منزل الزوجية إلى منزل أسرتها وعندما توجه محمد لمصالحتها انهالت الزوجة وأسرتها عليه ضربا وطعنا بالسكاكين حتى مزقوا جسده».. لم يستطع الرجل مقاومة دموعه فانهمرت غزيرة وبكى بكاء حارا، فتركته وتحدثت مع شقيق القتيل. وماذا قال عن تفاصيل الحادث؟ - أكد لى أنه يوم الحادث كان واقفا فى شرفة المنزل، وشاهد شقيقه عائدا من عمله ، وعندما نادى عليه أخبره بأنه سيذهب لمصالحة زوجته حسب اتفاق مسبق مع شقيقها ، ثم دخل منزل أسرتها.. وبعد لحظات سمع استغاثة «محمد» ، فنزل مسرعا لإنقاذه ، ولكنه وجد الباب مغلقا من الداخل.. حاول فتحه أو كسره .. ولكنه لم يتمكن، وفى هذه الأثناء كان يسمع صرخات شقيقه والضربات والطعنات تنهال على جسده.. وأخيرا سكن كل شيء، ونجح فى فتح الباب، ليجد أخاه ملقى فى مدخل المنزل غارقا فى دمائه.. اسرع به إلى المستشفى لإنقاذه، ولكنه فارق الحياة فى الطريق، وهنا غلبته دموعه فتوقف عن الكلام. ألم تلتق بوالدة المجنى عليه؟ - بلى.. ولكنها كانت منهارة .. ولا تكف عن البكاء وبكلمات مختنقة قالت: « منهم لله حرمونى من ابنى وحرموا أطفاله من حنانه.. اغتالوا فرحة عمرى وتركوا فى قلبى ألما لن يمحوه الزمن.. لن يشفى غليلى سوى أن أرى زوجته القاتلة وأسرتها قتلى، وممزقين مثلما فعلوا فى ابنى»، ثم انهارت تماما وهى تردد بلوعة: «ابنى راح وساب لى الجراح». وماذا عن الأبناء.. كيف هم الآن؟ - زاغت عينا المحقق وترقرقت فيهما الدموع وأجاب: « أما هؤلاء فهم المأساة الحقيقية.. شاءت الأقدار أن يشاهدوا والدتهم وهى تقتل أباهم.. رأوها تنهال عليه طعنا بالسكين والدماء تتفجر من جسده، واعتقد أن هذا المشهد لن تمحوه الأيام من ذاكرتهم أبدا. وهل تحدثت معهم باعتبارهم شهود العيان؟ - نعم تحدثت مع سعيد وفهد.. الأول بدا شارد الذهن .. طغى الحزن على ملامحه البريئة.. ينظر دائما إلى الأرض.. سألته عما حدث فأجاب: « معرفش حاجة غير إن ماما قتلت بابا ومش هاشوفه تانى.. ودلوقتى بقيت أنا واخويا واختى أيتاما ومفيش حد ياخد باله منا.. خايف أروح المدرسة العيال يعايرونى.. نفسى أسأل ماما هى ليه عملت كده وحرمتنى من عطف بابا ومن حنانها؟.. وبصراحة مش عارف أكره ماما ولا أحبها».. ثم طأطأ الطفل رأسه إلى الأرض وتوقف عن الكلام، وانهمرت دموعه فى صمت. أما فهد فقد التصق بشقيقه الأكبر وكأنه يحتمى به، وعندما سألته عما حدث قال بكلمات متلعثمة: « أنا كنت فى بيت جدى مع ماما وشفت خالى عمرو وهو بيضرب بابا على رأسه بعصاية كبيرة، وكمان شفت ماما وهى بتضرب بابا بالسكينة فى وشه ورقبته.. وبعدين وقع على الأرض والدم كان مغطيه ..ووجدت جدتى «فاطمة» وخالتى «شيماء» وفضلوا يضربوا فى بابا لحد لما مات وانا وسعيد كنا بنعيط ونتحايل عليهم عشان يسيبوا بابا يعيش». سألته: «انت بتكره ماما؟» أجاب: «مش عارف.. بس انا بكرههم كلهم عشان موتوا بابا، وياريتنى كنت كبير عشان أدافع عنه». أين الزوجة القاتلة الآن وهل تحدثت معها عن سبب الجريمة؟ - بعد أن ارتكبت الأسرة جريمتها تمكن أفرادها من الهرب باستثناء الزوجة التى ألقى القبض عليها.. وعندما طلبت مقابلتها رفضت أجهزة الأمن بحجة ان القضية مازالت فى طور التحقيق.. فاكتفيت بأقوالها فى المحضر. وبم بررت جريمتها؟ أكدت أنها ليست نادمة على جريمتها وأن زوجها استحق الموت بعد أن باع حبها له ، وتناسى تضحياتها من أجله، ودأب على ضربها وإهانتها وإذلالها وأوضحت: « عرفت محمد منذ أكثر من 01سنوات.. أحببته من كل قلبى وبادلنى حبا بحب.. لم أكن أرى أحدا فى الدنيا سواه.. عاديت أهلى وتزوجته عرفيا رغما عنهم.. كنت له مثالا للزوجة الصالحة بعد أن تزوجنا شرعيا.. أنجبت 3 أطفال كنت أتمنى ان أراهم يكبرون امام عينى ولكنه أبى.. تغيرت معاملته لى وأصبح عصبى المزاج يثور لأتفه الأسباب.. ثم بدأ يضربنى ويتعمد إهانتى أمام الناس.. شعرت بالمهانة لأننى قدمت له كل الخير ، ووقفت معه فى وجه أسرتى.. تمادى فى إذلالى فقررت الانتقام منه.. استدرجته الى منزل اسرتى بحجة مصالحتى واتفقت مع امى وشقيقى على قتله، وما إن دخل الباب حتى انهلنا عليه ضربا وطعنا الى أن فارق الحياة. وهل ذكرت شيئا عن أطفالها فى المحضر؟ قالت إنها تحملت كثيرا من أجلهم، وحاولت ان تصلح من أحوال زوجها حتى يكبر الأبناء بينهما، ولكنها لم تفلح.. ثم بكت بكاء حارا وهى تقول «ربنا يتولاهم».