السؤال المطروح بقوة الآن فى الشارع المصرى: ماذا يريد المجلس العسكرى؟ ماذا يريد المجلس العسكرى الذى ما زال يتحكم فى البلاد بعد مرور عشرة أشهر على الثورة، وهو الذى وعد بأن لا تزيد الفترة الانتقالية على 6 أشهر؟ ماذا يريد المجلس العسكرى فى ظل إصراره على بقاء الطوارئ؟ ماذا يريد المجلس العسكرى مع استمراره فى المحاكمات العسكرية للمدنيين حتى وإن أحال البعض منهم إلى النيابة العامة.. إلا أن ما ينظرها هى نيابة أمن الدولة العليا وهى نيابة استثنائية؟ ماذا يريد المجلس العسكرى من الانتخابات البرلمانية وهو الذى أجراها فى ظل عدم وجود أى قواعد ديمقراطية ومناخ ديمقراطى؟ أى نعم الانتخابات تجرى بحرية ولكن من غير نزاهة.. وها نحن نحصد ما فعله المجلس العسكرى بقوانينه ومراسيمه المنسوخة من قوانين ومراسيم النظام السابق المخلوع. بل وصل الأمر إلى قانون انتخابات معقد وأسوأ مما كان عليه فى السابق، فضلا عن تقسيم الدوائر بشكل غريب وعجيب، والإصرار على بقاء مجلس الشورى والاحتفاظ بطريقة انتخابه وتعييناته على الرغم من أن اختصاصاته «تافهة» وأجمعت القوى السياسية بما فيها التى تخوض انتخاباته على عدم أهميته وضرورة إلغائه لكنهم أصروا على الإبقاء عليه، بالإضافة إلى الإبقاء على نسبة 50٪ للعمال والفلاحين التى لم تعد مرغوبة ولم يعد لها وجود أصلا.. لكنهم يريدون الإبقاء بقدر الإمكان على هيكل النظام السابق بمساوئه! وها نحن نحصد عن طريق انتخاباتهم الحرة وغير النزيهة تشكيل مجتمع سياسى غريب عن الثورة، وصعود قوى إسلامية لم تكن تطمح فى الحصول على هذا المكسب الكبير فى تلك الانتخابات كالإخوان، وظهور السلفيين وحصولهم على مقاعد كثيرة رغم أنهم كانوا يدعون إلى هجر السياسة باعتبارها رجسا من عمل الشيطان.. فأصبحوا فجأة سياسيين وأعضاء فى البرلمان وأصحاب أحزاب بعد أن سمح لهم المجلس العسكرى بإنشاء أحزاب دينية بالمخالفة للقوانين. كما سنحصد برلمانا مشوها لا يعبر أبدا عن المجتمع بشكل صحيح ومطعونا فيه.. وفى قانونه.. وطريقة انتخابه.. وعملية الانتخابات نفسها بما فيها فرز الأصوات وإعلان النتائج. وقد لا يستمر العمل به شهورا لا سنوات، مما يعيدنا إلى الصفر من جديد. فماذا يريد المجلس العسكرى؟! وقد سعى إلى تبريد الثورة وتشتيت الثوار وصنع ائتلافات ليس لها علاقة بالثورة لإقصاء التيار الأصلى من ائتلاف شباب الثورة الذين رفضوا التفاف المجلس العسكرى على مطالب الثورة وأهدافها وواصلوا ذلك من خلال عمليات تشويه للثوار من أجل إجهاض الثورة وتحويل ثورة عظيمة ألهمت الشعوب العربية لتثور ضد مستبديها ومفسديها إلى حركة انقلابية يقودها جنرالات معاشات تحت مظلة إدخال إصلاحات على النظام السياسى.. وكفى اليه المؤمنين شر القتال. واتهموا الثوار بالخيانة والعمالة. ونشروا بين الرأى العام أن الثورة هى السبب فى الفوضى وعدم الاستقرار، وأنها خطر على اقتصاد البلاد، مع أنهم هم السبب فى استمرار الانفلات الأمنى بتعمدهم عدم محاسبة المسؤولين عن ذلك الانفلات، وتركهم الأوضاع الأمنية منذ قيام الثورة حتى الآن فى حالة من عدم الاستقرار لإشاعة جو الفوضى حتى يتحقق لهم الاستمرار فى السلطة والحكم.. وإلا فما التفسير لعدم ظهور البلطجية فى انتخابات المرحلة الأولى لمجلس الشعب، وهو الأمر الذى كان يتخوف منه الجميع؟! فماذا يريد المجلس العسكرى؟ وهو الذى عاند الثورة والثوار فى عدم الاهتمام بمطالبهم فى حكومة إنقاذ وطنى بمشاركة شخصيات وطنية شاركت فى الثورة بعد أن أجهض جهود حكومة عصام شرف وجعلها حكومة فاشلة وتابعة للمجلس العسكرى ولم ينس أن عصام شرف كان اختيارا للثوار بديلا عن أحمد شفيق الذى كان يحظى بتأييد الجنرالات. ويأتى الآن بحكومة جديدة ليس فيها إنقاذ وإنما هى مستنسخة من حكومات النظام المخلوع، وبشخصيات أثبتت فشلها.. ومع هذا لم يستطع إجراء تعديل على الإعلان الدستورى لمنحها صلاحيات كاملة وإنما اكتفى بالتفويض الذى يمكن أن يلغيه فى أى لحظة. فماذا يريد المجلس العسكرى؟ وهو الذى يسعى إلى تشكيل مجلس استشارى مدنى ليس له محل من الإعراب، أكثر شخصياته المرشحة له ليس لهم علاقة بالثورة بل منهم من اتخذ موقف العداء منه، وللادعاء أن هناك مشاركة مدنية فى القرارات التى يتخذها «العسكرى». ماذا يريد المجلس العسكرى؟ .. إنه يريد السلطة.. ووراثة النظام السابق المخلوع الذى جاء به.