18 عالماً من جامعة القناة في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم    نقيب المهندسين: ملتقى الابتكارات ومشروعات التخرج 2024 بادرة طيبة لدعم المتفوقين    بدء حملة التحصين ضد طاعون المجترات بكفر الشيخ    «التموين» تنتهي من صرف مقررات سبتمبر بنسبة 89%    جهاز تنمية المشروعات يقدم برامج تدريبية مجانا لشباب دمياط    الزراعة: زيادة صادرات مصر الزراعية ل 6.4 مليون طن (فيديو)    حزب الله: استهدفنا القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع للمنطقة الشمالية الإسرائيلية    معاريف: صافرات الإنذار تدوي في الجليل الأعلى والغربي    إغلاق مراكز الاقتراع في الانتخابات الرئاسية بسريلانكا    صفقات حرس الحدود.. تعاقد مع 9 لاعبين قبل انطلاق الموسم الجديد    حسين لبيب رئيساً لبعثة الزمالك في السعودية لخوض السوبر الأفريقي    حريق هائل بعقار سكني بالشرقية    ضبط مطبعة بداخلها عدد كبير من المطبوعات بدون تفويض بالنزهة    «الداخلية»: شرطة المرور تضبط 27876 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    ضمن فعاليات أسبوع أفلام جوته.. ماريان خوري وماجي مرجان في ندوة «السينما والعائلة»    أنغام تُشغل حفل البحرين.. والجمهور يعلق: «أنتِ صوت الطرب العربي وكوكب الشرق والكون كله»    وزير الصحة يؤكد حرص مصر على التعاون مع الهند في مجال تقنيات إنتاج اللقاحات والأمصال والأدوية والأجهزة الطبية    بث مباشر| مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء ووزير الصحة    عمرو الفقي يوجه التحية لصناع مسلسل برغم القانون    بعد 182 مليار جنيه في 2023.. برلماني: فرص استثمارية بالبحر الأحمر ونمو بالقطاع السياحي    التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للتدريب واللجنة المنظمة لمنتدى شباب العالم يتولون ملف المتطوعين بالمنتدى الحضرى العالمى الثانى عشر بمصر    إخلاء سبيل المفصول من الطريقة التيجانية المتهم بالتحرش بسيدة بكفالة مالية    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج بتنهي أي خلاف ولا تدعو للتطرف أو التعصب    أوكرانيا: روسيا تهاجم زابوروجيا ب322 قذيفة خلال الساعات ال24 الماضية    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    بلاش ساندوتشات اللانشون فى المدرسة.. أكلى طفلك العيش البلدى والفول والبيض    وزير النقل يصدر تعليمات جديدة بخصوص القطار الكهربائى والمترو قبل الدراسة    ميدو يوجه رسالة خاصة لجماهير الزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر الإفريقي    موعد مباراة ريال مدريد وريال سوسيداد والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني    صور| "بالجلباب والطربوش".. المعاهد الأزهرية تستقبل الطلاب في أول أيام الدراسة بقنا    محافظ المنوفية: طرح 12 مدرسة جديدة للتعليم الأساسي والإعدادي والثانوي    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    المشاط تبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الوكالة الفرنسية للتنمية    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    انتظام الدراسة في أول أيام «العام الجديد» بقنا (تفاصيل)    رواتب تصل ل25 ألف جنيه.. فرص عمل في مشروع محطة الضبعة النووية - رابط التقديم    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    تقرير أمريكي: بلينكن لم يزر إسرائيل بجولته الأخيرة خشية تقويضها لجهود الوساطة    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    التعريف ب "علم مصر" في الحصة الأولى بمدارس كفر الشيخ - صور    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    بدء العام الدراسي الجديد.. ما هي خطة وزارة الصحة لتأمين للمنشآت التعليمية؟    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    «اعرف واجبك من أول يوم».. الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل رابعة ابتدائي 2024 (تفاصيل)    انخفاض جديد في درجات الحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    وزير خارجية لبنان: لا يمكن السماح لإسرائيل الاستمرار في الإفلات من العقاب    مهرجان المسرح العربى ينطلق باسم «كريم عبد العزيز» فى أكتوبر    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    الزمالك يُعلن طبيعة إصابة مصطفى شلبي ودونجا قبل مواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    ملف مصراوي.. عودة شوبير الرسمية.. تأهل الزمالك لدور المجموعات بالكونفدرالية.. وظهور فتوح    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آسفين يا ثورة
نشر في التحرير يوم 06 - 12 - 2011

لا أعرف من أين ورثنا مهارة الحديث لمدة ساعات بكلام لا يمكن وصفه إلا بأنه كلام «فارغ». على مدار عشرة أشهر سمعنا تمجيدا للثورة وللشباب ولعظمة المصريين من كل المصادر، وهذا شىء محمود فى حد ذاته. لكن المحك الرئيسى لأى كلام يقال فى الدنيا هو النتائج أو حتى الفعل المباشر الملموس. من أين اعتقد كل هؤلاء المتكلمين أن ثمانية عشر يوما فى الشارع أرست الديمقراطية بمنتهى السهولة؟ يبدو أن تعريفاتنا للديمقراطية مختلفة تماما، ولا يكاد اثنان يتفقان عليها، فنتائج عشرة أشهر كافية أن تؤكد وهم هذه الفكرة، ناهيك عن تناوب اليأس والأمل على النفوس، وهما من أكثر الحالات إرهاقا.
إن مجرد فرض محاكمات عسكرية على المدنيين، حتى لو كانوا «بلطجية»، لهو مفهوم مخالف للديمقراطية تماما، فالمدنى لا بد أن يُعرض أمام قاض طبيعى، وهو الذى يصدر عليه الحكم القانونى.
طالب قطاع كبير من الشعب بإلغاء هذه المحاكمات، وكان الجزء الآخر يرى أن هذه هى الوسيلة الفعالة لعقاب المخالفين. مع قليل من التأمل لا بد أن يدرك الرافضون لإلغاء المحاكمات العسكرية أنها مناقضة تماما للديمقراطية.
لم ينج أى من خضع للمحاكمات العسكرية من تعذيب وحشى وانتهاك مبالغ فيه فعلا ولفظا، وعلى الرغم من توثيق كل هذه الانتهاكات والأساليب التى لم تختلف كثيرا عن أساليب النظام السابق، اختار الكثيرون أن يغضوا الطرف عنها، وأن يمارسوا الإنكار الذاتى، أو أن يعتبروا أن هذا جزاء «البلطجى» فى أحسن الأحوال.
لم يدرك هؤلاء الرافضون الاعتراف بوجود تعذيب أن هذا مناف تماما للديمقراطية، وأن التعذيب -كبداية قبل أى شىء- هو من سمات النظم القمعية، والأهم أنهم لم يدركوا حتى الآن أن ما يحدث من انتهاكات يمكن أن يصيب أى شخص.
أما الموت المجانى فهذا هو الموجع. كيف تمكن المصريون من الاعتياد ببساطة وسهولة على فكرة الموت، وهو شعب يقدس الموت ويعتبره حدثا جللا؟ فى غمضة عين -حرفيا- وافق قطاع كبير من الشعب على فكرة القتل بالرصاص «وهى طريقة عسكرية بحتة»، والاختناق بدخان القنابل «أسلوب هتلر» والدهس بالمدرعات «لم أسمع عن هذا من قبل» على أساس أن هذا جزاء «المأجورين». حقا، هل هذا جزاء من يخالفك فى الرأى؟ وقد تدرجت المسألة، فكان فى البداية الإنكار التام أن هناك قتلى «شهداء»، ثم تطور الأمر فأصبح النقاش ينادى أن هناك قتلى من الشرطة، والغريب أن هذا لا يبرر قتلهم أيضا. فموت أى طرف لهو شىء مناف تماما للديمقراطية المنشودة.
ثم نضج الأمر تماما وأصبح التليفزيون البائس مسؤولا تماما عن التحريض على القتل، بل وإظهار الفرحة العارمة كلما سقط المزيد من الشهداء، تماما كما كان الرومان يهللون عندما يفتك الأسد بالمسيحى فى الحلبة «كان ذلك فى القرون الوسطى».
بكل هذه الدماء والجروح والآلام التى لم تلتئم «وسيحتاج الأمر إلى وقت طويل»، أسهمت أصوات شيوخ وقساوسة فى تقسيم المجتمع إلى ليبرالى وإخوانى وقبطى، واستجاب العديد إلى ذلك. فاعتبر كل طرف أن الآخر هو العدو. لم يدرك أى طرف أن المسألة ليست إلا توجهآ سياسيآ لا علاقة له بالمعتقد الدينى، لكن هذا ما فعله بنا تعليم وثقافة مبارك.
لم تبذل السلطة العسكرية أى مجهود لفض هذا الاشتباك، بل أصرت أن تعقد الانتخابات على هذه الدماء والعداوات، لتنتهى أسطورة التسامح، التى ظل العديد من المحللين السياسيين يتغنون بها على مدار عقود.
من الطبيعى أن تتنافس كل الفصائل على مقاعد البرلمان، لكن ذلك على أساس برامج سياسية بعينها. فقط فى الأنظمة المستبدة القمعية يحدث التنافس على أساس الترويج لفكرة المعتقد الدينى. هل هذه هى الديمقراطية التى حلمنا بها؟ أيا كان شكل البرلمان القادم -وهو آخر الهموم- لا بد أن نعمل على إزاحة هذه العداوات بقدر المستطاع، حتى لا نضطر فى النهاية أن نقول «آسفين يا ثورة». ربما ينبغى أن نتوقف قليلا عن «الكلام الفارغ» لنتمكن من النظر إلى الجوهر لا القشرة الخارجية، التى لا تسمن ولا تغنى من جوع للديمقراطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.