«الثوار في واد والمجلس العسكري في واد أخر» يبدو أن هذا هو الوضع الذي يسيطر على المرحلة الراهنة ففي حين يعلن الثوار أنهم يريدون حكومة انقاذ وطني برئاسة شخصيات وطنية بعيدة كل البعد عن سياسات الحزب الوطني البائد و ارتضاها الثوار لإدارة المرحلة الانتقالية يقوم المجلس باختيار شخصيات أخري من أعضاء الحزب الوطني المنحل والتعامل بنفس سياساته. المحامي والناشط السياسي حمدي الاسيوطي قال ل«التحرير» أن كل ما يصدر عن المجلس العسكري من تصرفات وأفعال تؤكد أنه يعيد بناء النظام القديم من جديد ويسير علي نفس خطوات الرئيس المخلوع حسني مبارك، فمنذ إنطلاق الثورة حتي الان وبعد مرور تسعة أشهر لم يغيير المجلس العسكري أي شئ عما كانت عليه الاوضاع في العهد البائد، لدرجة تجعلنا نتحايل عليه لكي يتحرك من أجل الثورة. الأسيوطي أضاف أن اختيار الدكتور كمال الجنزوري في حد ذاته يعد امتدادا للنظام الساقط والعسكري يعلم رغبة المصريون في تشكيل وزارة انقاذ حقيقية لا يشارك فيها أي من أعضاء الفساد الذين دمروا مصر تحت مظلة مبارك لانهم أصبحوا صور باهتة غير مقبولة بين الجماهير ، وأشار إلي ان العسكري قابع علي نفس مقعد الطاغية وتعمد إفتعال المشاكل مع الثوار لانه لا يريد نقل السلطة للمدنيين. كما يري الاسيوطي أن حكومة الجنزوري ستفشل فشلا زريعا في تحقيق أي جديد لمصلحة الثورة ، قائلا نريد إجابة واضحة من المجلس العسكري علي سؤال واحد لماذا يترك العسكري الرموز الثورية الحقيقة ويذهب لاختيار بقايا النظام السابق لتستكمل تواجدها في الحياة السياسية المصرية. الدكتورعماد جاد الخبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية رأى أن المجلس جزء من نظام المخلوع و يمثل بؤرة ريادة الثورة المضادة مدللا علي ذلك بان كل اختياراته بعيدة كل البعد عن روح ثورة 25 يناير وتحقيق اهدافها محذر المجلس العسكري من انه وحدة من سيدفع نتيجة هذا البعد والتماشي مع روح الثورة وأهدافها . وأوضح جاد أن المجلس يتعامل مع الثورة على انها حركة تغيرية لا أكثر فيحاول أن يبقي علي نفس سياسات النظام البائد مع اجراء بعض التعديلات البسيطة . وأشار جاد إلي أن المجلس العسكري يهدف من وراء اختياراته لفلول الحزب الوطني الي الاتيان بعروسة ماريونيت لا تملك أيه صلاحيات لإدارة البلاد في المرحلة الانتقالية علي أن يقوم المجلس العسكري بإدارتها من وراء ستار . جاد أوضح أن علي المجلس العسكري أن يكف من الدوران في الإختيار من نخبة الحزب الوطني المنحل لافتا الي ان أختيار الدكتور كمال الجنزوري لرئاسة حكومة الإنقاذ الوطني من شأنه أن يشعل ميدان التحرير ويعيد ثورة الغضب الي نقطة الصفر داعيا المجلس العسكري إلى تكليف شخص له مصداقية في الشارع المصري. فيما رأى الدكتور عمر هاشم ربيع رئيس وحدة التحول الديمقراطي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن علينا ان نتحمل قرار المجلس العسكري بتكلفة الدكتور كمال الجنزوري برئاسة الوزراء في المرحلة الإنتقالية مشيرا إلي انها حكومة مؤقته وسترحل بعد شهرين وعلينا ان نتخطي هذه المرحلة بأي شكل من الأشكال لكي يرحل المجلس العسكري عن السلطة محذرا من انه لو إستمرت الاوضاع على هذا الشكل سيظل المجلس العسكري قابضا علي السلطة تحت دعوي عدم الإستقرار. ربيع أشار الي ان هناك اعتراضات كثيرة علي الجنزوري وانه من بقايا النظام البائد ولكن ما بالأمر حيلة فاستقرار البلاد في هذه المرحلة الهامة ورحيل العسكري يجب ان نتحمل لأجلهما اي شئ .