«لا إخوان ولا أحزاب.. ثورتنا ثورة شباب». شعار وواقع تجسد فى ميدان التحرير على مدى الأربعة أيام الماضية، وبلغ ذروته أمس. ومع الساعات الأولى من صباح أمس، التى شهدت مليونية الإنقاذ الوطنى، بدأ مئات الشباب يتوافدون على الميدان، يترك كل منهم انتماءاته السياسية عند مداخل الميدان، ويدخل لينضم إلى جموع المتظاهرين فى قلب الميدان، وليشارك فى صد اعتداءات قوات الأمن ضد المتظاهرين فى شارع محمد محمود. لم تبدأ المليونية مثل كل مليوينة سابقة، بل كانت تواصلا للمظاهرات والمواجهات المندلعة منذ أربعة أيام متتالية. بدأت أحداث أمس بتصعيد قوات الأمن من اعتداءاتها ضد المتظاهرين، بإلقاء مزيد من قنابل الغاز المسيلة للدموع وطلقات الرصاص المطاطى والخرطوش. مما أدى إلى تزايد أعداد المصابين والشهداء ورغم صمود المتظاهرين، الذين يتصدون إلى الاعتداءات بأجسادهم والحجارة فقط، بدأت قوات الأمن تتقدم لرد المتظاهرين إلى قلب ميدان التحرير. مطالب المليوينة لم تختلف كثيرا، عن نفس المطالب التى رفعها المتظاهرون، منذ السبت الماضى، وهى تشكيل حكومة إنقاذ وطنى ذات صلاحيات واسعة، تتولى إدارة شؤون البلاد لحين انتهاء المرحلة الانتقالية، وتشرف على إجراء الانتخابات، وتحديد جدول زمنى لنقل السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة، ومحاكمة المسؤولين عن قتل الثوار فى ثورة يناير وأحداث ميدان التحرير، واستكمال مطالب الثورة التى لم يتحقق منها شىء حتى الآن، ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين. «الجبان جبان والجدع جدع.. الثورة مستمرة لو عملوا البدع». هتاف لم يتوقف عن الترديد، إلى جانب هتافات أخرى تندد بسياسات المجلس العسكرى، وشعارات تعيد إلى الأذهان أجواء ثورة 25 يناير، أبرزها «الداخلية بلطجية»، «يا أبو دبورة ونسر وكاب.. غاوى ليه قتل الشباب»، و«يسقط يسقط.. حكم العسكر»، و«عاوزين حكومة حرة.. العيشة بقت مرة»، و«يا طنطاوى قول لعنان.. الثورة لسه فى الميدان»، و«تضرب نار تضرب مطاطى.. مش هنخاف مش هنطاطى». اللافت فى مليونية أمس، هو اختفاء المنصات التى كان يعتليها المتحدثون، وغياب الرموز والقوى السياسية عن المشاركة، حتى مثول الجريدة للطبع، فلم يظهر سوى النائب السابق جمال زهران الذى استقبله الشباب بترحاب كبير فى الميدان، وقال لهم «أنتم أمل مصر فى التغيير الحقيقى، وأنتم الأحق بالدفاع عن ثورتكم واستكمالها». ودعا زهران القوى الوطنية إلى المشاركة فى الاعتصام وعدم التعامل بطريقة براجماتية، وتفضيل مصلحة الوطن والثورة على المصالح الحزبية والانتخابية الضيقة. الميدان شهد أيضا نصب خيام داخل الصينية وفى أنحاء متفرقة منه، وكذلك زاد عدد المستشفيات الميدانية التى تقوم بعلاج المصابين جراء الاشتباكات، وشوهدت دراجات بخارية عديدة تقوم بمساعدة سيارات الإسعاف فى نقل المصابين إلى المستشفيات المجاورة لميدان التحرير. وكان لافتا أيضا الحضور المكثف للقوى الشبابية حيث حضرت حركة شباب «6 أبريل» بجبهتيها إلى جانب الاشتراكيين الثوريين واتحاد شباب الثورة العربية وعمال «أبيسكو» المؤقتين، وقد وجه الشباب انتقادات حادة للقوى التى لم تشارك، خصوصا جماعة الإخوان المسلمين، التى أكدوا أنها تبحث عن المكاسب الانتخابية حتى لو كان الثمن دماء الشهداء.