قال الشاعر تميم البرغوثى فى وصف شعب مصر الذى ضرب الطغاة بالجزمة فى ثورة 25 يناير: «يا شعب يا مصلى قدام العساكر صف... يجرى الجريح من ورا لقدام لا خاف ولا خف تدوس عليه العربية تحوله لميت ألف... يا للعجب يقتلوه ويتوقعوا هربه!». ولإنهم يقتلوا القتيل ويتوقعوا هربه فقد أصدروا قرارا باستدعاء الشهيد مينا دانيال للمثول للتحقيق فى مجزرة ماسبيرو، لأنه بعد أن مات ارتكب عدة جنايات، شهد بها مجموعة من المواطنين الشرفاء من جماعة آسفين يا ريس! وقال أيضا تميم: «اعلم يا هذا الجيل إن الوطن بشره... لو مصر مالهاش نيل كان شعبها حفره». هذا البيت من الشعر موجه لكل من يتغنى بحب مصر وهو يحتقر المصريين ويملأ أيامهم بالسواد ويسمح لنفسه أن يعطى دروسا فى الوطنية ويديه ملوثة بالدماء، ثم يظن أن مصر هى الشوارع والشجر والنيل والسماء... لا يا أفندية.. مصر هى المصريون، ومن يعامل المصريين بغلظة لا يستحق أن يكون مصريا، وليس له منا سوى عظيم الاحتقار ثم المحاكمة بإذن الله عندما ننجح فى تحرير مصر من المحتلين، وسوف تكون محاكمة حقيقية لا تمثيلية كالتى نعيشها مع الرئيس المكنوس منذ شهور. «اضرب عليّا أنا مش جارى يا قناص.. من إمتى خوّفنا يا ابن الكلب ضرب رصاص. كل اللى شاف الشهيد بقى تاره تاره الخاص». أعتقد أن الجميع قد آمن الآن بأن تميم البرغوثى كان نافذ البصيرة وهو يتحدث بلسان ابن مصر الذى أعلن للقناص ابن الكلاب أننا لن نجرى ولن نخاف من ضرب الرصاص، والدليل على هذا أن المجزرة التى حدثت بميدان التحرير على مدى اليومين الماضيين قد حولت اعتصاما بسيطا يضم العشرات فقط إلى تجمع حاشد بالميدان، وكلما اشتدت الوحشية فى الضرب، ازدادت أعداد المتظاهرين وقوى تشبثهم بالميدان. لقد دق صبيان مبارك بما فعلوه مسمارا كبيرا فى نعشهم، وأصبح بينهم وبين شعب مصر ثأر ودم.. وهذا هو نفس موقف مبارك وحبيب العادلى يوم 28 يناير، وهو لا يختلف كثيرا عن موقف الإرهابى بشار الأسد فى سوريا أو المتفحم على صالح فى اليمن. ماذا يظن عصام شرف أن شعب مصر سوف يفعل معه؟ هل يعتقد أننا سنظل نعامله على أنه حامل شهادة معاملة أطفال ولا تجوز مساءلته؟ إن الأستاذ شرف مسؤول عن كل نقطة دم سالت فى الميدان مثله مثل جميع أعضاء المجلس العسكرى ومثل أحمد شفيق بطل موقعة الجمل، فهل كان شرف مشغولا بتدبير البومبونى للمعتصمين فى التحرير مثل سلفه الذى وعدهم بالحلوى ثم أسال دماءهم؟ لقد شاهد العالم كله وحوش الأمن وهم يضرمون النيران فى ممتلكات الناس ويشعلون عمدا دراجة نارية فى الشارع، كما شاهد العالم على الهواء الضرب الوحشى الذى نفذته القوات بحق الشباب الأعزل، كما رؤوا الجنود وهم يمثلون بجثة شهيد بسحله على الأرض بعد أن قتلوه! إن حجم الوحشية والغل والعدوانية التى شاهدناها من الجنود غير مسبوقة ولم تحدث أبدا بين أبناء بلد واحد، حتى إن الجيش الإسرائيلى لا يتعامل هكذا مع الفلسطينيين، وهى وحشية تدل على كراهية شديدة يكنها الكفار لشباب الثورة، ولهذا لم يترددوا فى طحن الشباب بالهراوات والبيادات وتكسير عظامهم دون رحمة. لقد أسعدنا أسف المجلس العسكرى لما حدث وعزاءه لأسر القتلى والمصابين.. ولهذا فإننا نهيب بالمجلس الذى يحبنا ويأسف لمصابنا ويتعاطف مع قتلانا أن يساعدنا فى الثأر ممن ارتكب هذه الجريمة، وأن يتخذ الإجراء المناسب إزاء الجيش الإسرائيلى الذى سفك جنوده دماء شبابنا العزل الذين كانوا يعتصمون فى حماية جنود مصر!