فلتبتهج يا أخي وصديقي أحمد بسيوني أو «بسيوني» كما تعودنا أن نناديه، إن استشهادك أثناء "المليونية" لم يذهب سدي، حينما كنت تحاول تصوير ذلك القناص الذي قتل أحد زملائك بالثورة، واصفا محاولتك بأنها "ستكون الشاهد علي هذا القاتل" ... لقد نزلت ميدان التحرير وشاركت معلنا عن وجودك الإنساني، حتي لو كان الثمن الذي ستدفعه هو المتبقي من حياتك، حتي وقت قريب كانت النكتة والابتسامة قد غابت عن وجوه المصريين، وعلت أصوات العنف والغضب لتسود السلوك المصري العام. أتساءل إن كان بسيوني مازال حيا بيننا يتنفس الحرية واسترداد الكرامة التي يعيشها المصريون الآن، الذين تعلو أصواتهم بالضحك والنكات الساخرة في كل مصر، كيف كان سيعبر عن هذه الأصوات كما دأب أن يقدم أعمالا فنية تقوم علي فلسفة الصوت الرقمي وعلاقته الفيزيائية مع الصورة. لم يكن مستغربا نزول هذا الفنان المتمرد الباحث عن الحرية والتغيير ابن حي روض الفرج، هذا الحي الشعبي الذي تري فيه الحياة بكل معانيها الإنسانية العميقة، وكيف يتجاوز الإنسان المصري مأساته بالحياة البسيطة والموسيقي الشعبية الصاخبة، تلك التي شارك بها بسيوني بمشروع «موسيقي إلكترونية» مبتكرة من حيث مزجه ما بين «الموسيقي الإلكترونية» والDJ من الأغاني والموسيقي الشعبية التي لا يسمع عنها البعض، التي يقدمها أبوأصالة «مولد تلتات» في الأفراح الشعبية بالأحياء المختلفة ليتراقص عليها ولاد البلد من المدعوين ويقدمون التحية لأصحاب الفرح، وذلك خلال مهرجان «الموسيقي الإلكترونية» 2010 الذي أقيم بمركز "درب 1718". لم ينفصل يوما بسيوني عن مجتمعه أو يبتعد عن هويته رغم تقديمه لنوع مستحدث من الفن علي ثقافتنا حتي الآن وهو «فن الصوت»، لذلك دأب علي إقامة الورش المجانية بكليته التربية الفنية، التي يعمل فيها مدرسا مساعدا بقسم الرسم والتصوير، ليدرب المشاركين علي التجريب في الأداء الحي لفن الصوت، ويستطيعون من خلالها التحكم بالطرق المتنوعة لعروض الصوت الحية أمام الجمهور والتفاعل المباشر معه بأدوات خاصة، سواء الأجهزة الصوتية أو البرامج الرقمية، تأكيدا علي المفاهيم الإبداعية في العلاقة المباشرة بين الفنان المؤدي والجمهور. فلتبتهج.. لأنه سيأتي اليوم الذي يدرك فيه «آدم وسلمي» أن والدهما دافع عن حياتهما بحياته.. كأنَّ الموتَ للأشرافِ أمٌّ مُشَبَّهَةُ القَسَاوَةِ بالحنانِ «من شعر تميم البرغوثي».