«كل الكراسى اتكسرت.. من درسك اتعلم/ شفلك حدا بيرضى بالقهر.. ناسى الكرامة من دهر/ نحنا انقهرنا والقهر.. خلانا نتعلم». هذا هو نص الرسالة التى تراجعت أصالة عن توجيهها للرئيس السورى بشار الأسد، لأنها لا تعبر عن أفكارها الشخصية، أو ربما لم تعد كذلك. ما الذى تغير؟ هل اكتشفت أصالة أن مش كل الكراسى اتكسرت، وأن بعضها ما زال سليما؟ هل توقف الشعب السورى عن الشعور بالقهر، أم أن رئيسه وجد أخيرا كرامته المفقودة؟ لم تعد أصالة تكره بشار الأسد، وباتت تشعر بالندم على مهاجمته. أصبحت أيضا لا تكره نظامه، ومع ذلك ترفض فى الحوارات التى أجرتها مؤخرا اتهامها بالتراجع لأنها ما زالت مع الثوّار، فإن لم يكن هذا هو التراجع فلتشرح لنا المطربة السورية كيف يكون التراجع إذن، ولتشرح لنا أيضا كيف يتأتّى لشخص أن يؤيد ثوارا، ونظاما يطالب هؤلاء الثوار بإسقاطه فى نفس ذات الوقت.. ما هو بالعقل كده تيجى إزاى؟! ماذا حدث لأصالة التى كانت سندا للثوّار، وتمنت أن تطلق معهم صرخة «حرية»، حتى وإن كانت آخر كلمة ستنطق بها؟ هل أصبح صوت الزئير يخيفها بعد أن كان صوتها هو الأعلى؟ أم أن تهديدا بالقتل وراء تراجعها؟ ربما كان تهديدا بحرق منزل أهلها فى سوريا وإجبارهم على التبرؤ منها كما فعل شبيحة الأسد مع رولا إبراهيم مذيعة قناة «الجزيرة»؟ أم وراء الأمر تهديد باقتلاع حنجرتها على مرأى ومسمع من الجميع كما فعل نفس الشبيحة مع الشاعر والمطرب إبراهيم القاشوش؟ أيا كان نوع التهديد وحجمه فقد ابتعدت أصالة عن وجه الأسد فى نفس اليوم الذى أصدر فيه مئتا فنان من بلدها بيانا يطالبون فيه الشعب السورى بالالتفاف حول برنامج الإصلاح الذى أطلقه الرئيس باعتباره الضمانة الحقيقية للوصول إلى سوريا حديثة وعادلة. بيانا حمل توقيع نجوم منهم دريد لحام وسوزان نجم الدين وصفاء سلطان وجورج وسوف الذى يرقد بأحد مستشفيات سوريا فى حالة حرجة، ومع ذلك تجاوز آلامه كى لا تفوته فرصة المشاركة فى هذا الحدث الوطنى الجليل! بيان الفنانين السوريين لا يختلف كثيرا عن البيان الذى «تبرعت» أصالة بإلقائه على جمهورها خلال المؤتمر الذى أقامته احتفالا ببرنامجها «صولو». فكلا البيانين صدر فى نفس التوقيت، وحمل نفس اللهجة الواطية «نسبة إلى الصوت الواطى، أى المنخفض» والموالية للرئيس ونظامه، وكأنها رسالة لكل فنان سورى لم يخش أنياب الأسد: «عد إلى الصف، التزم بمكانك وسط الفئران، فلا مجال للتمرد هنا».