حتى 19 مارس الماضى لم يكن وجود المجلس العسكرى فى السلطة شرعيا، لكن خروج 18 مليون مصرى فى الاستفتاء على تعديل الدستور، الذى أجراه المجلس، منح الشرعية له، هذه الرؤية «القانونية»، يطرحها المفكر الإسلامى، المرشح المحتمل للرئاسة سليم العوا، لحسم الجدل حول هذه القضية. يصمت قليلا، ثم يعود للوراء حتى يثبت فكرته، فى الندوة التى عقدت مساء أول من أمس، تحت عنوان «مصر إلى أين؟» فى هليوبوليس، أن تكليف المجلس بإدارة أمور البلاد، من خلال خطاب تنحى مبارك لم يكن شرعيا، ولا يقره الدستور، لذا فالشرعية جاءت من تلبية الملايين نداء المجلس للتوجه إلى الاستفتاء، لذا فإن شرعية المجلس، حاليا، غير قابلة للجدل، موضحا أن الطريق الصحيح للتحول نحو الديمقراطية هو البدء بالانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية، رافضا التخوفات من استحواذ أى تيار إسلامى أو علمانى على المقاعد البرلمانية، مشيرا إلى أن منصب الرئيس لا بد أن يكون بسلطات محددة وليس شرفيا. سلطات المجلس والحكومة الحالية، يراها العوا، مؤقتة، لكنها يجب أن تنتهى إلى حكم ديمقراطى مدنى، وليس إلى حكم عسكرى، أو خاص بمصالح جماعات أو أحزاب، كما أنه لا يجوز للمجلس التدخل فى الكيان البرلمانى، ولكن يمكنه تغيير ذلك وفقا لما سيقرره البرلمان المنتظر. آخر موعد يحدده العوا لبقاء المجلس فى السلطة هو فبراير 2012 القادم، بعدها «لا يجوز أن نسمح له بذلك»، على حد تعبيره، لأننا «نحن أصحاب الأموال التى تستثمر، ونحن أصحاب وملاك أراضيها، ولا بد من التزام المجلس العسكرى بخارطة الطريق التى حددها الاستفتاء (التعديل الدستورى)». العوا، الذى يرفض المظاهرات والاعتصامات، يرى أن مظاهرات جمعتى 8 و29 يوليو فى ميدان التحرير، سببتا تأخير اتخاذ الإجراءات التحضيرية لانتخابات مجلسى الشعب والشورى، شهرا كاملا. تعدد تيارات الإسلام السياسى أمر جيد، فى رأى العوا، لأن الأساس أن الفكرة الإسلامية تحتمل التعددية، والخطر فى قلتها وإزاحتها وعزلها، فكل تيار يعبر عن آرائه، ويختلف أو يتفق معه من يريد، ولكن دون أن يتعرض للتيارات الأخرى بالأذى، موضحا أن الشريعة الإسلامية هى المرجعية الشرعية للدستور المصرى، بدأت منذ عام 1886 ودخلت دستور 1923 واستمرت فى جميع دساتير مصر، ولا تؤثر على النظام التشريعى للوطن، فرغم أن الدستور يصرح بأن الشريعة مصدر السلطات فإنه لم تطبق أحكام الشريعة، والقانون المدنى هو القانون المطبق فى المحاكم كلها.
محاكمة مبارك هى سابقة لأول مرة فى تاريخ المحاكمات العربية لرؤساء الدول، فى رأى العوا، مضيفا أن المحاكمة العلنية له ولأفراد نظامه غير قابلة للنقاش، لأنه أجرم فى حق الوطن، مضيفا أن مبارك برىء حتى تثبت إدانته، لذا لا بد من محاكمته محاكمة نزيهة، وأمام قضاء مدنى، مضيفا أن هناك ثلاثة مجالات لا بد من التخطيط لها، ومنها إعادة الثقة للكيان البشرى المصرى الذى أفقده مبارك الكرامة، وإعادة تمكين الأفراد من مواقع السلطة، وإعادة تأسيس مصر كدولة قانونها يطبق كما أقر دون تحريف.