كتبت كثيرا أنتقد تقاعس رجال الشرطة عن أداء العمل، واعتيادهم حالة التفشيخ مع تقاضى المرتب أسوة بزعيمهم مبارك، كما كتبت ضد صبيان حبيب العادلى من الضباط الذين أدمنوا البلطجة وأكل السحت وفرض الإتاوات على خلق الله.. واليوم أجد لزاما علىّ أن أشير إلى ضابط شرطة من أبناء مصر الشرفاء.. هو رجل من ظهر رجل، أدى واجبه وفعل ما عليه ولم تأخذه فى الحق غضبة ذئب أو لومة ضبع ضارٍ. قرأت بجريدة «التحرير» بتاريخ الأربعاء 19 أكتوبر خبرا كتبه كارم الديسطى يقول ما نصه: «مشّى العربية من غير تفتيش».. «لا يا باشا لازم أفتشها دا شغلى».. «قلت مشيها يا أفندى وإلا» كان ذلك نص الحوار الذى دار بين مدير مباحث الدقهلية وضابط كمين كفر العرب الذى رفض السماح لسيارة، يقودها نجل لواء شرطة بالعبور دون أن يفتشها بعد أن زكمت أنفه رائحة الحشيش الذى يفوح منها. كمين كفر العرب شهد الواقعة التى بدأت عندما قام النقيب أحمد رضا، الضابط بإدارة البحث الجنائى بمديرية أمن الدقهلية، بمباشرة عمله على الكمين، ومن ضمنه تفتيش السيارات القادمة من طريق الغربية، وعندما شاهد إحدى السيارات ذات الموديلات الحديثة لا تحمل لوحات أمامية قام بتوقيفها لسؤال قائدها عن رخصتى القيادة والسير، فقال الشاب الذى كان يقودها إنه نجل لواء شرطة ولا يحمل رخصة قيادة، فأصر الضابط على فحص أوراق السيارة واكتشف أنها ليست باسم ذلك الشاب وأنه لا يحمل توكيل إدارة، وكانت المفاجأة أنه فى أثناء قيام الضابط بمناقشة قائد السيارة اشتم رائحة مخدر الحشيش فحاول تفتيش السيارة، فرد الشاب قائلا: أنا ابن اللواء فلان، ثم أغلق السيارة ومنع الضابط من تفتيشها، فما كان من الأخير إلا أن أمر القوة المرافقة له بالتحفظ على السيارة لحين اتخاذ الإجراءات اللازمة، لكن الشاب دخل فى حالة هياج ودفع الضابط والقوات وتعدى عليهم بالضرب، ثم قام بالاتصال بوالده الذى تحدث تليفونيا مع الضابط وأخبره بأنه سيتم تفتيش السيارة، وبعد مرور نحو نصف ساعة حضر اللواء، والد الشاب، وقام بالاتصال بمدير المباحث الجنائية بالدقهلية الذى تربطه به علاقة صداقة، فقام العميد بالاتصال تليفونيا بالنقيب أحمد رضا الضابط المعين على خدمة الكمين، وأمره بصرف السيارة بدون تفتيش وإلا سيتم تحويله إلى التحقيق، فأصر الضابط على تفتيشها بحضور عدد من المواطنين والجنود الذين أيدوا موقف الضابط بعد أن قام بتحرير مذكرة بما حدث فى دفتر الأحوال، واتخذ الإجراءات القانونية حيال السيارة وقائدها. وقال الضابط إن حرصه على تفتيش سيارة نجل لواء الشرطة بعد أن اكتشف تعاطيه مخدر الحشيش داخل السيارة إنما جاء بناء على التوجيهات التى أصدرها اللواء منصور العيسوى بضرورة فرض الأمن وعدم الالتفات إلى أى استثناءات، من شأنها تعطيل سير تطبيق القانون على الجميع دون النظر إلى أى اعتبارات أخرى». انتهى الخبر الذى نشرته «التحرير» ومن الواضح أن الضابط أراد حماية نفسه من غضب الرؤساء بالاستناد إلى توجيهات منصور العيسوى، مع أن هذه التوجيهات لا أهمية لها فى الموضوع، فالنقيب أحمد رضا قام بتنفيذ القانون وهذا لا يحتاج إلى توجيهات من فلان أو علان. وفى الحقيقة، لقد قصدت إعادة نشر الخبر كاملا لأشرك المجتمع فى الموضوع وحتى يكون الضابط أحمد رضا فى حماية شعب مصر، ولا يتم الإساءة إليه وظيفيا، نتيجة احترامه نفسه وتأديته واجبه.. فهذا رجل يتعين أن نقف احتراما لنظافته وتماسكه النفسى واستجابته لتربية أمه وأبيه اللذين علماه أن يتصرف برجولة وشرف، ولم يفلح ما تعلمه فى الكلية وما تلقاه على أيدى الرؤساء فى إفساد بذرته الطيبة وفى تحويله من رجل محترم إلى مطيّة يركبها المنحرفون والصيّع ومتعاطو المخدرات!.