عديد من التحذيرات وُجه إلى مسلسل «الحسن والحسين ومعاوية»، والحقيقة أنها تجاوزت مرحلة التحذيرات لتصل إلى التحريم القطعى لهذا المسلسل، وكنت أتمنى قبل أن يهل علينا رمضان، وذكرت ذلك على صفحات «التحرير»، أن لا نبدأ الشهر الكريم والخصومة معلنة بين المسلمين والأزهر الشريف، خصوصا أن كل المحطات الفضائية المصرية رفضت الاستجابة لنداء الأزهر بمنع عرض المسلسل، وتدخل وزير الإعلام أسامة هيكل، ولا أدرى بأى حق تدخل، وأيضا لم يستجب له سوى قنوات التليفزيون الرسمى، بينما المسلسل يبث الآن على 13 قناة، بينها 5 قنوات مصرية. قناعتى هى أن الدين يسر وليس عسرا، وإذا كان علماء أفاضل قد حرموا تجسيد حياة الحسن والحسين، فإن علماء أفاضل آخرين أباحوا التجسيد، وعلى الإنسان فى هذه الحالة أن يستفتى قلبه، ولقد استفتيه ووجدت أنه يدفعنى للمشاهدة، أحرص على رؤية المسلسل رغم أنه إخراجيا على المستوى البصرى والسمعى، وأيضا أداء أغلب الممثلين لم يصل إلى المستوى اللائق إبداعيا، إلا أن كل ذلك يدخل فى إطار وجهات النظر، ولا أحد من حقه أن يفرض أو يحرم على أحد المشاهدة، كما أنه لا يخل بالمبدأ الأساسى، وهو أننى منحاز إلى نزع الوصاية بعد أن سقطت هيمنة الدول على أمزجة ومشاعر الشعوب، شىء واحد وجدته يتجاوز حرية الرأى، وهو البحث عن ديانة المبدع، بدأ البعض من أجل البحث عن أسباب لتحريم المسلسل بالتلويح بأن الممثل الذى يؤدى دور معاوية بن أبى سفيان، وهو النجم السورى رشيد عساف، مسيحى الديانة، والغريب أن رشيد أيضا هو المرشح لأداء دور محمد حسن البنا فى الفيلم المزمع إنتاجه قريبا ردا على مسلسل «الجماعة» الذى عرضه التليفزيون فى رمضان الماضى! وبالمناسبة سبق أن قدم قبل نحو خمس سنوات النجم السورى باسم ياخور دور خالد بن الوليد فى المسلسل الشهير، وهو أيضا مسيحى الديانة، لكنه أجاد تقديم شخصية سيف الله المسلول! لماذا نبحث عن الديانة؟.. هل كان أنتونى كوين مسلما عندما لعب بطولة فيلم «الرسالة» فى النسخة الأجنبية فى دور حمزة بن عبد المطلب؟.. هذا الفيلم قدم خدمة جليلة للإسلام. التفتيش عن الديانة يلعب على وتر حساس لدى الجمهور، وأراه دخولا لمنطقة ملغومة، الكل يعلم أن مسلمين يشاركون فى ترميم كنائس، ومسيحيين يشاركون فى بناء مساجد، قبل أربعة أعوام لحن أدعية دينية لرمضان كل من الملحنين هانى شنودة، وميشيل المصرى، منذ أكثر من 30 عاما كان الناس فى رمضان يرتبطون بمشاهدة مسلسل إسلامى شهير وهو «محمد رسول الله» سيناريو وحوار الجزء الأول كتبه كرم النجار، سألته كيف حدث ذلك؟.. فأجابنى أن مخرج المسلسل أحمد طنطاوى رشحه لكتابة السيناريو، وسأله كرم: هل تعرف أننى مسيحى؟.. أجابه: لم أهتم. ولم يتساءل وقتها أحد فى الصحافة كيف لكاتب قبطى أن يتصدى لمسلسل يدعو لنشر الرسالة المحمدية. عدد كبير من الأفلام الخاصة التى تنتجها الكنيسة المصرية وتتناول حياة القديسين يشارك فى تنفيذها مسلمون، هذا الباب ينبغى أن يغلق تماما. الرأى الذى يحرم تجسيد الصحابة وآل البيت والمبشرين والصحابة، عليهم أفضل السلام، لا أوافق عليه، ولكنه جدير بالحوار والمناقشة، ولكن أن نحرم تجسيد المسيحى لشخصية إسلامية أتصور أنه يدخلنا فى نظرة طائفية ضيقة لا تليق برحابة الديانة الإسلامية