أثار رعب واشنطن وتل أبيب.. من هو إبراهيم عقيل الذي اغتالته إسرائيل؟    وزير الخارجية: تقسيم السودان خط أحمر، وقضية مياه النيل حياة أو موت، وخسائرنا بسبب انخفاض عائدات قناة السويس 6 مليارات دولار، لا بد لإسرائيل أن تنسحب من رفح ومحور فيلادلفيا    موعد الشباب ضد التعاون في دوري روشن السعودي والقنوات الناقلة    حدث ليلا.. تطورات جديدة بشأن حزب الله وإسرائيل والحرب على غزة (فيديو)    موعد مباراة يوفنتوس ضد نابولي في الدوري الإيطالي والقنوات الناقلة    عاجل.. فيفا يعلن منافسة الأهلي على 3 بطولات قارية في كأس إنتركونتيننتال    موعد انكسار الموجة الحارة وتوقعات حالة الطقس.. متى تسقط الأمطار؟    حبس متهم مفصول من الطريقة التيجانية بعد اتهامه بالتحرش بسيدة    رسميا.. رابط الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل الصف الثاني الابتدائي    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    فلسطين.. شهيد وعدة إصابات جراء قصف الاحتلال لمنزل في خان يونس    ضبط 12شخصا من بينهم 3 مصابين في مشاجرتين بالبلينا وجهينة بسوهاج    عمرو أديب: بعض مشايخ الصوفية غير أسوياء و ليس لهم علاقة بالدين    هل يؤثر خفض الفائدة الأمريكية على أسعار الذهب في مصر؟    فصل التيار الكهرباء عن ديرب نجم بالشرقية لأعمال الصيانة    النيابة تأمر بإخلاء سبيل خديجة خالد ووالدتها بعد حبس صلاح التيجاني    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    أرباح أكثر.. أدوات جديدة من يوتيوب لصناع المحتوى    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    هاني فرحات: جمهور البحرين ذواق للطرب الأصيل.. وأنغام في قمة العطاء الفني    وفاة والدة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية    موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    عاجل - رياح وسحب كثيفة تضرب عدة محافظات في العراق وسط تساؤلات حول تأجيل الدراسة    "حزب الله" يستهدف مرتفع أبو دجاج الإسرائيلي بقذائف المدفعية ويدمر دبابة ميركافا    وزير الخارجية: الجهد المصري مع قطر والولايات المتحدة لن يتوقف ونعمل على حقن دماء الفلسطينيين    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    مواصفات فورد برونكو سبورت 2025    في احتفالية كبرى.. نادي الفيوم يكرم 150 من المتفوقين الأوائل| صور    الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تعزى وزير الداخلية فى وفاة والدته    عبد المنعم على دكة البدلاء| نيس يحقق فوزا كاسحًا على سانت إيتيان ب8 أهداف نظيفة    مواصفات هاتف Realme P2 Pro الجديد ببطارية كبيرة 5200 مللي أمبير وسعر مميز    ملف يلا كورة.. تأهل الزمالك.. رمز فرعوني بدرع الدوري.. وإنتركونتيننتال في قطر    نائب محافظ المركزي المصري يعقد لقاءات مع أكثر من 35 مؤسسة مالية عالمية لاستعراض نجاحات السياسة النقدية.. فيديو وصور    صرف فروقات الرواتب للعسكريين 2024 بأمر ملكي احتفاءً باليوم الوطني السعودي 94    حفل للأطفال الأيتام بقرية طحانوب| الأمهات: أطفالنا ينتظرونه بفارغ الصبر.. ويؤكدون: بهجة لقلوب صغيرة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    وزير الثقافة بافتتاح ملتقى «أولادنا» لفنون ذوي القدرات الخاصة: سندعم المبدعين    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    راجعين.. أول رد من شوبير على تعاقده مع قناة الأهلي    إسرائيل تغتال الأبرياء بسلاح التجويع.. مستقبل «مقبض» للقضية الفلسطينية    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على وحدة السودان وسلامته الإقليمية    بعد قرار الفيدرالي الأمريكي.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    مستشفى قنا العام تسجل "صفر" فى قوائم انتظار القسطرة القلبية لأول مرة    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    حريق يلتهم 4 منازل بساقلتة في سوهاج    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    تعليم الإسكندرية يشارك في حفل تخرج الدفعة 54 بكلية التربية    ريم البارودي تنسحب من مسلسل «جوما» بطولة ميرفت أمين (تفاصيل)    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    أوقاف الفيوم تفتتح أربعة مساجد اليوم الجمعة بعد الإحلال والتجديد    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    الإفتاء: مشاهدة مقاطع قراءة القرآن الكريم مصحوبة بالموسيقى أو الترويج لها محرم شرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سردية عامية مصرية وأسئلة قديمة وجديدة
نشر في التحرير يوم 05 - 08 - 2019

الرواية تدور فى إطار أحداث ثورة 1919، وكتبت باللغة العامية المصرية وهى تمثل رواية شبه مكتملة البناء؛ لأن نهايتها اتسمت بالعجلة وفق ما وصفه بعض النقاد، والجديد أنها اتخذت من تيار الوعى شكلا لها وهو الذى ساد الرواية الأوروبية ثم العربية بعد ذلك، والذى راده آلان روب جرييه وفوكنر وجيمس جويس وصحبه. ومرجع ذلك ثقافة وتكوين الكاتب د. مصطفى مشرفة واطلاعه ودراسته الرفيعة للأدب الإنجليزى، وللآداب الأوروبية والغربية.
الرواية تدور فى إطار أحداث ثورة 1919، وكتبت باللغة العامية المصرية وهى تمثل رواية شبه مكتملة البناء؛ لأن نهايتها اتسمت بالعجلة وفق ما وصفه بعض النقاد، والجديد أنها اتخذت من تيار الوعى شكلا لها وهو الذى ساد الرواية الأوروبية ثم العربية بعد ذلك، والذى راده آلان روب جرييه وفوكنر وجيمس جويس وصحبه. ومرجع ذلك ثقافة وتكوين الكاتب د. مصطفى مشرفة واطلاعه ودراسته الرفيعة للأدب الإنجليزى، وللآداب الأوروبية والغربية.
الرواية ليست الوحيدة بالعامية المصرية، إلا أنها تبدو الأكثر اكتمالا من ناحية البناء والسرد، ومن آيات تفرد هذا العمل أن وقائع ثورة 1919، أو الحركة أو الانتفاضة الوطنية الشعبية الكبرى لم يتناولها على نحو مباشر، وإنما كان "مشغولا برسم وإبداع الشخصيات التى مارست الثورة، بعد أن كفرت بكافة الضغوط التى تمارس
الرواية ليست الوحيدة بالعامية المصرية، إلا أنها تبدو الأكثر اكتمالا من ناحية البناء والسرد، ومن آيات تفرد هذا العمل أن وقائع ثورة 1919، أو الحركة أو الانتفاضة الوطنية الشعبية الكبرى لم يتناولها على نحو مباشر، وإنما كان "مشغولا برسم وإبداع الشخصيات التى مارست الثورة، بعد أن كفرت بكافة الضغوط التى تمارس عليها"، وفق ما أشار إليه الأستاذ شعبان يوسف فى مقدمته، وفى دراسته للرواية، ومن ثم ابتعدت عن الطابع التقريرى أو المباشر.
هذا البعد اللا تقريرى فى الرواية عن 1919، هو ما يجعل بعض النقاد يستذكرونها إلى جانب عودة الروح لتوفيق الحكيم، والثلاثية لعميد الرواية المصرية والعربية نجيب محفوظ، لكن فى سياقات الوعى الداخلى لأبطالها، وليس على نحو عمدى كما فى عودة الروح أو الثلاثية، كما لاحظ بذكاء يوسف إدريس فى مقالة عن الرواية. (فى كتابه بصراحة غير مطلقة مكتبة مصر 1982م) ووفق ما ذهب د. شكرى عياد -فى مقال درس الأستاذ- "أن الرواية لم تكتمل كتابتها، فالقارئ تبين فى يسر أن الصفحات الخمس والتسعين الأولى هى التى كِتُبتَ كتابة روائية وأن الصفحات العشرين الباقية ليست إلا مذكرات مختصرة بالمادة الروائية الباقية، التى لو كُتبت على نسق القسم الأول لبلغت صفحات الرواية أربعمائة أو خمسمائة.
ومع ذلك ذهب د. شكرى عياد إلى أن تلك الصفحات التى لم تبلغ المائة تبقى من أجمل ما كتب فى الفن الروائى بلغتنا (العامية أو الفصحى) (ص 313).
إن اعتماد الكاتب على تيار الوعى أدى أيضا إلى أن يداول وفق د. شكرى عياد بين الواقع الخارجى والواقع الداخلى فى نسيج محكم. (من تجارب فى الأدب والنقد، الكاتب العربى، 1967، وورد فى وثائق الرواية).
ذهب الكاتب عبدالله خيرت فى ملاحظة بارعة إلى أنه "المؤلف قد أثر استخدام العامية فى الحوار والسرد "حتى يعيش القارئ فى الأحداث"، وحتى لا يربك بهذه الثنائية، فإن القارئ سيلاحظ أن فى القصة لغتين مختلفتين تماما رغم عاميتها.
لغة السرد العادية التى تسير بالأحداث سيرًا بطيئا، وتربطها، وتربط شخصياتها برباط واهٍ ممزق، وهى طريقة فى ربط أحداث القصة ببعضها تذكرنا بالحواديت التى تترك البطل فى مأزق وتعود بنا إلى أمه أو زوجته البعيدة.
واللغة الأخرى هى لغة التداعى، لغة القصة الحديثة التى استفادت من علم النفس وانتفعت بنتائجه (ص 349 من الكتاب).
يرى عبدالله خيرت -وبحق- أنهما لغتان تتباينان تباينا كبيرًا: اللغة العامية المبتذلة المستهلكة، التى تخدعنا، فنظنُّ لها بريقًا، واللغة العامية الأخرى التى تترجم مواقف معينة، وتكشف هواجس معينة، فتبدو لغة أخرى تماما غير العامية التى نعرفها. (ص 350).
هذا الاحتفاء النقدى برواية قنطرة الذى كفر، يعود إلى عديد الأسباب، وعلى رأسها ما يلى:
1- توظيف واستيعاب تيار الوعى، ومنجزات علم النفس فى بعض مستويات السرد فى الرواية.
2- البنية السردية شبه المكتملة فى إطار من التعدد الدلالى والأسلوبى باللغة المحكية أو العامية.
3- الكتابة باللغة العامية وتوظيفها ببراعة فى عمل روائى شبه مكتمل.
4- استمرارية السجال العام والتاريخى بين المثقفين والكتاب المصريين حول العامية والفصحى وهو جزء لا يتجزأ، من بعض تشكلات الوعى النخبوى بالنزوع نحو القومية المصرية.
- فى إطار الحركة الوطنية المصرية فى المرحلة شبه الليبرالية، وفى إطار استكمال القومية المصرية فى إطار تسلطى بعد 23 يوليو 1952.
5- الجدل الذى شاع فى عقد الستينيات حول لغة الكتابة المسرحية والروائية العربية الفصحى أم العامية لغة الشعب، فى إطار الأفكار الاشتراكية والأدب الملتزم، وسعى البعض إلى اللغة الثالثة فى الكتابة المسرحية مثل يوسف إدريس (فى نحو مسرح عربى) وكتابات توفيق الحكيم فى هذا الصدد.
السؤال الذى يُطرح الآن، هل هذا السجال لا يزال من الاهتمامات الراهنة، أم أنه جزء من السجالات التاريخية، التى ارتبط بعضها بدعاوى بعض المستشرقين، وبدعم من الاستعمار البريطانى للتحول إلى اللغة العامية، ووضع قواميس لها؟ ونزوع بعض كبار المثقفين والمفكرين المصريين إلى ضرورة ضبط اللغة العامية المصرية، لتغدو لغة المشافهة هى لغة الكتابة، لاسيما فى ظل نزوعهم نحو القومية المصرية؟
هل أسئلة السجالات حول الفصحى والعامية مطروحة أم أن واقع وحالة الكتابة تجاوزت هذه الثنائية، من خلال اللغة الفصحى العصرية وما بعد الحداثية فى السرد ساهمت فى الإثراء اللغوى والتعبيرى للغة السرد، وبتوظيف العامية فى ثنايا السرديات السائدة؟
هل اللغة العامية المستخدمة فى بعض السرديات مفهومة فى إطار التغير فى مفردات، وعبارات، وتشبيهات العامية المعاصرة، أى عامية الأجيال الشابة، هل هناك عامية واحدة أم تعدد فى بعض مكونات العامية على أساس مناطقى؟
هل تصلح العامية فى السرد الروائى للترجمة للغات الأجنبية أم تظل عائقا أمام إطلالة الأدب المصرى والعربى فى إطار الثقافات العالمية؟
هل تصلح العامية كلغة سردية فى إطار ظاهرة الرواية الكونية أو العالمية "the gLobal NoveL" وفق كتاب الناقد أدم كيرش "Adam Kirsch" وهو وفق -سيد هارتا دب "Siddhartha Deb" الكاتب الهندى- "فى عالم يُعاد تشكيله بسرعة فائقة بفعل دفع العولمة، إذ فى حقبة يسود فيها السفر رخيص التكلفة بالطائرات، والاتصالات الرقمية، والنزعة الاستهلاكية المتغولة، والارتقاء المدينى والعالمى فى أغلب مناطق الأراضى، وهيمنة اللغة الإنجليزية... (ص 14، 15 أدم كيرش الرواية العالمية ت: لطيفة الدليمى، الناشر دار الهدى 2019) هذه الظروف المستجدة، عملت على نشأة شكل أدبى جديد بالكامل لم يُعد مأسورًا بأحكام داخل الحدود الوطنية، وغالبا ما يتناوله كتّاب يأنسون للترحّل بين الثقافات.
الرواية العالمية (أو الكونية) (وهو المقصود بهذا الشكل الأدبى الجديد) تلتقط الموضوعات الأثيرة المعتادة لفن الرواية فى مساءلة الطبيعة البشرية واستغوار أبعادها وتضعها فى سياقات عالمية (كوسمو بوليتانية الطابع).
ويذهب كيرش إلى أن "الرواية العالمية يمكن أن تكون رواية تتعامل مع الإنسانية على مستوى النوع البشرى بكامله، إذ إن المعضلات والتطلعات البشرية لا يتم التعامل معها إلا على مقياس يشمل الكوكب بكامله، أو يمكن لها أن تبدأ من مقياس بشرى محلى قريب لكنها تسعى فى الوقت ذاته لبيان الكيفية التى تغدو فيها أكثر الحيوات البشرية انصياعا للمحدوديات القائمة متأثرة بديناميكا الحركات عالمية الطابع.
ويعلق سيد هارتا دب "وبرغم ذلك فإن مثل هذه السرديات تبقى مرتبطة أوثق الارتباط بشأن اهتماماتها المشتركة تجاه "المعضلات العالمية المعاصرة ومنها الهجرة، الإرهاب، التردى البيئى، الاستغلال الجنسى". ص 15.
من هنا الاهتمام الكونى بأعمال كتبها هاروكى موراكامى، أوروهان باموق، وروبرتو بولانيو، ونغوزى أديتشى، ويلبيك، وأتوود. (م. س: الناشر دار المدى، 2019) فى ظل هذا النمط الجديد بين الروايات أين نضع السجال التاريخى فصحى أو عادية؟ السوق الأدبى العربى سيكون محليا فى عالم اللغات العامية المتعددة، التى ستكون محدودة الاستهلاك إلا فى أطرها الداخلية؟
أسئلة عديدة تطرحها الرواية الرائدة، قنطرة الذى كفر لمصطفى مشرفة، وتشير إلى بعض التحديات التى تواجه السرديات الروائية المصرية فى عالم معولم وما بعده، شديد الاختلاف، وخاصة فى ظل أسئلة الثورة الرقمية، ونمط اللغة الرقمية واستخداماتها فى السرد الرقمى وتغريداته.. إلخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.