الرواية تدور فى إطار أحداث ثورة 1919، وكتبت باللغة العامية المصرية وهى تمثل رواية شبه مكتملة البناء؛ لأن نهايتها اتسمت بالعجلة وفق ما وصفه بعض النقاد، والجديد أنها اتخذت من تيار الوعى شكلا لها وهو الذى ساد الرواية الأوروبية ثم العربية بعد ذلك، والذى راده آلان روب جرييه وفوكنر وجيمس جويس وصحبه. ومرجع ذلك ثقافة وتكوين الكاتب د. مصطفى مشرفة واطلاعه ودراسته الرفيعة للأدب الإنجليزى، وللآداب الأوروبية والغربية. الرواية تدور فى إطار أحداث ثورة 1919، وكتبت باللغة العامية المصرية وهى تمثل رواية شبه مكتملة البناء؛ لأن نهايتها اتسمت بالعجلة وفق ما وصفه بعض النقاد، والجديد أنها اتخذت من تيار الوعى شكلا لها وهو الذى ساد الرواية الأوروبية ثم العربية بعد ذلك، والذى راده آلان روب جرييه وفوكنر وجيمس جويس وصحبه. ومرجع ذلك ثقافة وتكوين الكاتب د. مصطفى مشرفة واطلاعه ودراسته الرفيعة للأدب الإنجليزى، وللآداب الأوروبية والغربية. الرواية ليست الوحيدة بالعامية المصرية، إلا أنها تبدو الأكثر اكتمالا من ناحية البناء والسرد، ومن آيات تفرد هذا العمل أن وقائع ثورة 1919، أو الحركة أو الانتفاضة الوطنية الشعبية الكبرى لم يتناولها على نحو مباشر، وإنما كان "مشغولا برسم وإبداع الشخصيات التى مارست الثورة، بعد أن كفرت بكافة الضغوط التى تمارس الرواية ليست الوحيدة بالعامية المصرية، إلا أنها تبدو الأكثر اكتمالا من ناحية البناء والسرد، ومن آيات تفرد هذا العمل أن وقائع ثورة 1919، أو الحركة أو الانتفاضة الوطنية الشعبية الكبرى لم يتناولها على نحو مباشر، وإنما كان "مشغولا برسم وإبداع الشخصيات التى مارست الثورة، بعد أن كفرت بكافة الضغوط التى تمارس عليها"، وفق ما أشار إليه الأستاذ شعبان يوسف فى مقدمته، وفى دراسته للرواية، ومن ثم ابتعدت عن الطابع التقريرى أو المباشر. هذا البعد اللا تقريرى فى الرواية عن 1919، هو ما يجعل بعض النقاد يستذكرونها إلى جانب عودة الروح لتوفيق الحكيم، والثلاثية لعميد الرواية المصرية والعربية نجيب محفوظ، لكن فى سياقات الوعى الداخلى لأبطالها، وليس على نحو عمدى كما فى عودة الروح أو الثلاثية، كما لاحظ بذكاء يوسف إدريس فى مقالة عن الرواية. (فى كتابه بصراحة غير مطلقة مكتبة مصر 1982م) ووفق ما ذهب د. شكرى عياد -فى مقال درس الأستاذ- "أن الرواية لم تكتمل كتابتها، فالقارئ تبين فى يسر أن الصفحات الخمس والتسعين الأولى هى التى كِتُبتَ كتابة روائية وأن الصفحات العشرين الباقية ليست إلا مذكرات مختصرة بالمادة الروائية الباقية، التى لو كُتبت على نسق القسم الأول لبلغت صفحات الرواية أربعمائة أو خمسمائة. ومع ذلك ذهب د. شكرى عياد إلى أن تلك الصفحات التى لم تبلغ المائة تبقى من أجمل ما كتب فى الفن الروائى بلغتنا (العامية أو الفصحى) (ص 313). إن اعتماد الكاتب على تيار الوعى أدى أيضا إلى أن يداول وفق د. شكرى عياد بين الواقع الخارجى والواقع الداخلى فى نسيج محكم. (من تجارب فى الأدب والنقد، الكاتب العربى، 1967، وورد فى وثائق الرواية). ذهب الكاتب عبدالله خيرت فى ملاحظة بارعة إلى أنه "المؤلف قد أثر استخدام العامية فى الحوار والسرد "حتى يعيش القارئ فى الأحداث"، وحتى لا يربك بهذه الثنائية، فإن القارئ سيلاحظ أن فى القصة لغتين مختلفتين تماما رغم عاميتها. لغة السرد العادية التى تسير بالأحداث سيرًا بطيئا، وتربطها، وتربط شخصياتها برباط واهٍ ممزق، وهى طريقة فى ربط أحداث القصة ببعضها تذكرنا بالحواديت التى تترك البطل فى مأزق وتعود بنا إلى أمه أو زوجته البعيدة. واللغة الأخرى هى لغة التداعى، لغة القصة الحديثة التى استفادت من علم النفس وانتفعت بنتائجه (ص 349 من الكتاب). يرى عبدالله خيرت -وبحق- أنهما لغتان تتباينان تباينا كبيرًا: اللغة العامية المبتذلة المستهلكة، التى تخدعنا، فنظنُّ لها بريقًا، واللغة العامية الأخرى التى تترجم مواقف معينة، وتكشف هواجس معينة، فتبدو لغة أخرى تماما غير العامية التى نعرفها. (ص 350). هذا الاحتفاء النقدى برواية قنطرة الذى كفر، يعود إلى عديد الأسباب، وعلى رأسها ما يلى: 1- توظيف واستيعاب تيار الوعى، ومنجزات علم النفس فى بعض مستويات السرد فى الرواية. 2- البنية السردية شبه المكتملة فى إطار من التعدد الدلالى والأسلوبى باللغة المحكية أو العامية. 3- الكتابة باللغة العامية وتوظيفها ببراعة فى عمل روائى شبه مكتمل. 4- استمرارية السجال العام والتاريخى بين المثقفين والكتاب المصريين حول العامية والفصحى وهو جزء لا يتجزأ، من بعض تشكلات الوعى النخبوى بالنزوع نحو القومية المصرية. - فى إطار الحركة الوطنية المصرية فى المرحلة شبه الليبرالية، وفى إطار استكمال القومية المصرية فى إطار تسلطى بعد 23 يوليو 1952. 5- الجدل الذى شاع فى عقد الستينيات حول لغة الكتابة المسرحية والروائية العربية الفصحى أم العامية لغة الشعب، فى إطار الأفكار الاشتراكية والأدب الملتزم، وسعى البعض إلى اللغة الثالثة فى الكتابة المسرحية مثل يوسف إدريس (فى نحو مسرح عربى) وكتابات توفيق الحكيم فى هذا الصدد. السؤال الذى يُطرح الآن، هل هذا السجال لا يزال من الاهتمامات الراهنة، أم أنه جزء من السجالات التاريخية، التى ارتبط بعضها بدعاوى بعض المستشرقين، وبدعم من الاستعمار البريطانى للتحول إلى اللغة العامية، ووضع قواميس لها؟ ونزوع بعض كبار المثقفين والمفكرين المصريين إلى ضرورة ضبط اللغة العامية المصرية، لتغدو لغة المشافهة هى لغة الكتابة، لاسيما فى ظل نزوعهم نحو القومية المصرية؟ هل أسئلة السجالات حول الفصحى والعامية مطروحة أم أن واقع وحالة الكتابة تجاوزت هذه الثنائية، من خلال اللغة الفصحى العصرية وما بعد الحداثية فى السرد ساهمت فى الإثراء اللغوى والتعبيرى للغة السرد، وبتوظيف العامية فى ثنايا السرديات السائدة؟ هل اللغة العامية المستخدمة فى بعض السرديات مفهومة فى إطار التغير فى مفردات، وعبارات، وتشبيهات العامية المعاصرة، أى عامية الأجيال الشابة، هل هناك عامية واحدة أم تعدد فى بعض مكونات العامية على أساس مناطقى؟ هل تصلح العامية فى السرد الروائى للترجمة للغات الأجنبية أم تظل عائقا أمام إطلالة الأدب المصرى والعربى فى إطار الثقافات العالمية؟ هل تصلح العامية كلغة سردية فى إطار ظاهرة الرواية الكونية أو العالمية "the gLobal NoveL" وفق كتاب الناقد أدم كيرش "Adam Kirsch" وهو وفق -سيد هارتا دب "Siddhartha Deb" الكاتب الهندى- "فى عالم يُعاد تشكيله بسرعة فائقة بفعل دفع العولمة، إذ فى حقبة يسود فيها السفر رخيص التكلفة بالطائرات، والاتصالات الرقمية، والنزعة الاستهلاكية المتغولة، والارتقاء المدينى والعالمى فى أغلب مناطق الأراضى، وهيمنة اللغة الإنجليزية... (ص 14، 15 أدم كيرش الرواية العالمية ت: لطيفة الدليمى، الناشر دار الهدى 2019) هذه الظروف المستجدة، عملت على نشأة شكل أدبى جديد بالكامل لم يُعد مأسورًا بأحكام داخل الحدود الوطنية، وغالبا ما يتناوله كتّاب يأنسون للترحّل بين الثقافات. الرواية العالمية (أو الكونية) (وهو المقصود بهذا الشكل الأدبى الجديد) تلتقط الموضوعات الأثيرة المعتادة لفن الرواية فى مساءلة الطبيعة البشرية واستغوار أبعادها وتضعها فى سياقات عالمية (كوسمو بوليتانية الطابع). ويذهب كيرش إلى أن "الرواية العالمية يمكن أن تكون رواية تتعامل مع الإنسانية على مستوى النوع البشرى بكامله، إذ إن المعضلات والتطلعات البشرية لا يتم التعامل معها إلا على مقياس يشمل الكوكب بكامله، أو يمكن لها أن تبدأ من مقياس بشرى محلى قريب لكنها تسعى فى الوقت ذاته لبيان الكيفية التى تغدو فيها أكثر الحيوات البشرية انصياعا للمحدوديات القائمة متأثرة بديناميكا الحركات عالمية الطابع. ويعلق سيد هارتا دب "وبرغم ذلك فإن مثل هذه السرديات تبقى مرتبطة أوثق الارتباط بشأن اهتماماتها المشتركة تجاه "المعضلات العالمية المعاصرة ومنها الهجرة، الإرهاب، التردى البيئى، الاستغلال الجنسى". ص 15. من هنا الاهتمام الكونى بأعمال كتبها هاروكى موراكامى، أوروهان باموق، وروبرتو بولانيو، ونغوزى أديتشى، ويلبيك، وأتوود. (م. س: الناشر دار المدى، 2019) فى ظل هذا النمط الجديد بين الروايات أين نضع السجال التاريخى فصحى أو عادية؟ السوق الأدبى العربى سيكون محليا فى عالم اللغات العامية المتعددة، التى ستكون محدودة الاستهلاك إلا فى أطرها الداخلية؟ أسئلة عديدة تطرحها الرواية الرائدة، قنطرة الذى كفر لمصطفى مشرفة، وتشير إلى بعض التحديات التى تواجه السرديات الروائية المصرية فى عالم معولم وما بعده، شديد الاختلاف، وخاصة فى ظل أسئلة الثورة الرقمية، ونمط اللغة الرقمية واستخداماتها فى السرد الرقمى وتغريداته.. إلخ.