عبد الرحمن محمود: المهنة في طريقها للاندثار.. والأرابيسك فن وصناعة لا تجد من يقدرها الآن.. الأثرياء العرب هم الأكثر إقبالا على هذا النوع من الفن.. وحسن أرابيسك كان عبقريا عمل عبد الرحمن محمود، 47 عاما، في مهنة الأرابيسك ما يقرب من 35 عاما منذ كان عمره 12 عاما، وعمل مع حسن أرابيسك، الشخصية الواقعية التي جسدها الفنان صلاح السعدني في مسلسل أرابيسك الشهير، الذي استوحاه الكاتب والسيناريست الراحل أسامة أنور عكاشة من الواقع. «التحرير» التقى صانع الأرابيسك عبد الرحمن محمود داخل إحدى ورش تصنيع الأرابيسك، وهو يفخر بأنه عمل مع حسن أرابيسك، الذي توفى منذ 3 سنوات تقريبا، ويصفه محمود بأنه كان عبقريا في هذا النوع من الفن، كما جسده المسلسل الشهير تماما. يرجع ظهور فن الأرابيسك، كما يقول محمود، إلى امتزاج الحضارة العربية وتطورها فى العصر الإسلامى الذهبى مع الشعوب الأخرى، إلا أن الأندلسيين هم من طوروه بشكل كبير وأدخلوا عليه الزخرفة بجانب فن العمارة. وظهر فنانو الأرابيسك العرب فى مصر وبلاد الشام فى القرن التاسع عشر لتزيين قصور السلاطين العثمانيين، وكان يرجع ظهور فن الأرابيسك، كما يقول محمود، إلى امتزاج الحضارة العربية وتطورها فى العصر الإسلامى الذهبى مع الشعوب الأخرى، إلا أن الأندلسيين هم من طوروه بشكل كبير وأدخلوا عليه الزخرفة بجانب فن العمارة. وظهر فنانو الأرابيسك العرب فى مصر وبلاد الشام فى القرن التاسع عشر لتزيين قصور السلاطين العثمانيين، وكان ازدهار فن الأرابيسك فى تاريخ المنطقة عائدا إلى انتشار الأثرياء والسلاطين الذين كانوا يتنافسون فى إضفاء التفرد على قصورهم ومنازلهم، ولم يقتصر الأرابيسك على الأثاث فقط بل دخل فى تكوينات المعمار الخاص بالمساجد والقصور. ويضيف محمود أنه اختار العمل في صناعة الأرابيسك تحديدا لأنها من الصناعات التي بها «تشغيل مخ»، لذلك جذبتني إليها وبها فن وزخرفة عشقتها منذ بداية عملي بها في سن ال12 عاما، حيث بدأت العمل مع أحد شيوخ صناعة الأرابيسك وهو حسن أرابيسك، الشخصية المستوحاة من الحقيقة بخان الخليلي، والتي مثلها الفنان الكبير صلاح السعدني، معتبرا أن كل صنايعي أسس ورشة أرابيسك هو حسن أرابيسك. يرى محمود أنه يشكل من شيء صامت وهو الخشب أشكالا تكاد تتحدث إلى نفسها وتعبر عن ذاتها وفق معايير ثابتة، لافتا إلى أنه في العصر الذهبي لصناعة الأرابيسك منذ نحو 30 عاما كان هناك استخدام واسع النطاق لفن الأرابيسك، وكانت واجهات البيوت بالأرابيسك، خاصة في المناطق الشعبية بالقاهرة الفاطمية، لكن الآن يقبل عليها فقط الأثرياء العرب ومحبو هذا الفن من أبناء الخليج، حيث يصل طقم الأرابيسك إلى 300 ألف جنيه وبالطبع كثير من طبقات المجتمع المصري مع الظروف الاقتصادية الصعبة غير قادرين على استخدامه في منازلهم لتكلفته العالية، لذلك المهنة في طريقها للاندثار، وأغلب من يطلب هذا النوع من الفن المساجد وغيرها من المباني التراثية وبعض الأغنياء. ويشير محمود إلى مزايا استخدام الأرابيسك فى فتحات الأبواب والشبابيك، إذ يعمل على تلطيف درجة الحرارة وتجديد الهواء والتهوية والإضاءة، وفى مشربيات المنازل خاصة الحرملك الذي يسمح للسيدات رؤية من بالخارج دون أن يراها أحد. ويوضح أن هناك أشكالا كثيرة من رسومات الأرابيسك والتي تظهر على الإبريق والفازات وبها خيال واسع. ويتحسر محمود على مهنة الأرابيسك، التي يقول إنها بدأت في طريقها نحو الاندثار بسبب هجرة كثير من الصنايعية لها نظرا لقلة الطلب عليها في مصر لتكلفتها العالية، متسائلا: من مِن الشباب المقبل على الزواج قادر على تركيب طقم أرابيسك، مشيرا إلى أن الشيخ محمد متولي الشعراوي كان عاشقا لهذا النوع من الفن، وطلب طقم أرابيسك منذ سنوات قبل وفاته وصممه له أحد شيوخ هذه المهنة، وهو الحاج كارم محمد مصطفى. ويلفت إلى أن صناعة الألوميتال أثرت كثيرا على مهنة الأرابيسك، حيث اتجه الكثير إليها بدلا من واجهات الأرابيسك، كما أن التكنولوجيا وعصر السرعة الذي سيطر على حياتنا أثرا أيضا على هذا النوع من الفن الذي يحتاج طقم الأرابيسك مثلا إلى عمل فريق من الصنايعية لأكثر من شهر لإنتاج طقم واحد. ويضيف أن المهنة لها فرسان، مثل على حمامة وشريف المرشدي وحسن أرابيسك. ويصف محمود شخصية حسن أرابيسك الحقيقية من خبرة التعامل معه بأنه كان شخصية عبقرية ومبدعة، فضلا عن أنه كان ابن بلد وتعلمت منه الكثير.