ملك الدراما يحيى الفخراني يغيب عن السباق الرمضاني هذا العام لأول مرة بعد مواجهة أزمات إنتاجية وتسويقية، فهل تكون النهاية على طريقة فيلمه "خرج ولم يعد"؟ رحلة طويلة للفنان يحيى الفخراني مع عالم الدراما الرمضانية، فهي مملكته الخاصة على الشاشة الصغيرة التي يمتلك زمام أمورها، فمنذ نحو 40 عامًا والنجم القدير طقس ثابت من طقوس شاشة الشهر الكريم، بدءًا من بطولته التليفزيونية الأولى من خلال مسلسل "ريش على مافيش" (1978) للعبقري الكبير أسامة أنور عكاشة، ثم دوره في العام التالي في المسلسل الشهير "أبنائي الأعزاء شكرا" مع القدير عبد المنعم مدبولي، وكان العمل بداية شهرة الفخراني الحقيقية، وسرعان ما استطاع بصدقه وبراعته الفنية أن يصل سريعًا إلى قلوب المشاهدين. حجز يحيى الفخراني مبكرًا، على عكس كل نجوم جيله، مكانًا متميزًا لنفسه في الصف الأمامي للممثلين المتميزين، في عالم الدراما التليفزيونية، بعدما أيقن بذكاء كبير معتاد عنه أنه ليس من نجوم الشباك السينمائي، فبدأ في الدراما بالبطولات الجماعية حتى وصل إلى البطولة المطلقة، وأصبح علامة أساسية في رمضان، وحرص أن حجز يحيى الفخراني مبكرًا، على عكس كل نجوم جيله، مكانًا متميزًا لنفسه في الصف الأمامي للممثلين المتميزين، في عالم الدراما التليفزيونية، بعدما أيقن بذكاء كبير معتاد عنه أنه ليس من نجوم الشباك السينمائي، فبدأ في الدراما بالبطولات الجماعية حتى وصل إلى البطولة المطلقة، وأصبح علامة أساسية في رمضان، وحرص أن يوجد بعمل كل عام، وهذا العام، وفي مفاجأة لجمهوره، أوقف النجم الكبير تحضيرات مسلسله الجديد، وذلك بسبب ارتفاع الميزانية وعدم قدرة الشركة المنتجة على حل هذه المشكلة، وبعد فترة من المفاوضات مع القائمين على العمل قرر التراجع عن تقديمه، ليخرج الفخراني عن المنافسة الدرامية في شهر رمضان المقبل. وخروج الفخراني من السباق وراءه العديد من التساؤلات خاصةً أنه واحد من أهم ملوك الدراما المصرية والعربية، وتحظى أعماله بمشاهدة قوية رغم المنافسة الرمضانية الشديدة، فهو الضيف المرغوب فيه من الجميع في كل شهر رمضان، والذي في حال غيابه يتسم الموسم بفقدانه أحد أهم عناصره وعلاماته الراسخة، فهو قادر على جذب المشاهد مهما كانت مرحلته العُمرية، وتساعده على ذلك المفاجأة التي يحملها لجمهوره كل عام في أعماله. خروجه من السباق هذه المرة بالتحديد لافت للانتباه بشدة في ظل خروج عدة نجوم اعتادهم الجمهور في رمضان، من السباق لأسباب مختلفة، تُشير في مجملها إلى أن الدراما تواجه أزمات إنتاجية وتسويقية طاحنة. الفخراني الذي يحتفل في الأسبوع الأول من إبريل القادم بذكرى ميلاده الرابع والسبعين، عاما بعد عام، حقق نجاحات تليفزيونية أصبح من خلالها نجم رمضان الأول ولسنوات طوال، بتميز كبير في تقديم شخصيات مختلفة وتنوع في الأعمال، مع قدرة استثنائية على تجسيدها جميعًا ببراعة، فبعد مشاركته في بطولة "أبنائي الأعزاء شكرًا"، قدّم مسلسله "صيام صيام" (1981) مع المخرج محمد فاضل والمؤلف صالح مرسي، وقدّم فيه شخصية "الأستاذ صيام" الذي يسعى في كل حلقة لترسيخ قيمة أن الصوم عن الطعام ليس هو كل الصيام. وعلى الرغم من النجاح المحدود، واصل الفخراني في السنوات التالية تقديم أعمال درامية، مثل مسلسلي: "الحياة مرة أخرى" (1984) مع سناء جميل، "هيام وفارس الأحلام" (1986) مع نيللي، وصولًا إلى علامته الفارقة "ليالي الحلمية" (1987) وشخصيته الأهم "سليم البدري" الباشا الأرستقراطي ذو النفوذ، فالعمل هو واحد من روائع الدراما المصرية والعربية، وحقق نجاحًا له تجاوز المأمول، حتى أنه قدّم منه أجزاء خمسة في السنوات التالية ارتبط بها كل من عاصروا المسلسل، بل كل الأجيال المتعاقبة. "ليالي الحلمية" كانت الانطلاقة الكبرى والأهم ليحيى الفخراني، ليصبح من بعدها النجم التليفزيوني الأهم الذي يُقدّم كل ما يحلو له وللجمهور، حتى إنه طرق باب الدراما السياسية عام 1994 بمسلسله "لا" عن قصة مصطفى أمين، حيث قدّم شخصية المواطن "عبد المتعال محجوب" الواقع تحت ظلم السلطة، والآمل في حدوث التغيير، ثم مسلسل "الخروج من المأزق" (1995) الذي تناول قضية توظيف الأموال، وقدّم فيه شخصية شريرة من نوادره، وفي نفس العام يُقدّم الفانتازيا في رمضان في "ألف ليلة وليلة: علي بابا والأربعين حرامي" مع الكاتب يسري الجندي. في العام التالي وبعدما أدرك الفخراني من النجاح الكثير والكثير، قدّم واحدة من أهم علاماته، في مسلسل "نصف ربيع الآخر" مع المخرج يحيى العلمي والمؤلف محمد جلال عبد القوي، وقدّم خلاله شخصية المحامي "ربيع الحسيني" الحائر ما بين القيم والمبادئ، وتحقيق الثراء السريع، تلا ذلك في رمضان 1997، تعاون جديد مع القدير أسامة أنور عكاشة، من خلال رائعة جديدة، وهي مسلسل "زيزينيا" الذي قدّم من خلاله شخصية واحدة "بشر عبد الظاهر" ولكنها بتناقضها شخصيتين، هو الحبيب المخلص والماجن أيضًا، ليواصل بريقه وبقوة في جزءين للمسلسل. استغل الفخراني هذا النجاح واستمر في تقديم الأعمال التليفزيونية، وظل يُقدّم المزيد والمزيد، "لما التعلب فات" (1999)، "أوبرا عايدة" (2000) وشخصية المحامي الفاسد "سيد أوبرا" مع المخرج أحمد صقر، و"للعدالة وجوه كثيرة" (2001) وشخصية "جابر مأمون" رجل الأعمال الشهير وبئر الأسرار، مع المخرج محمد فاضل مجددًا، ويعود للفانتازيا مع يسري الجندي مرة أخرى في حكاية "جحا المصري" (2002) الشهيرة مع المخرج مجدي أبو عميرة، ثم يُقدّم رائعة "الليل وآخره" (2003) وواحدة من أشهر شخصياته "رحيم المنشاوي" مع المخرجة رباب حسين. واصل الفخراني طريقه ونجاحاته غير مبال بالإخفاقات المؤقتة العابرة، وبقوة دفع كبيرة قدّم "عباس الأبيض في اليوم الأسود"، مُقدّمًا الكوميديا داخل إطار اجتماعي مع المخرج نادر جلال والمؤلفين سمير خفاجي ويوسف معاطي، ثم دخل مرحلة هي الأسوأ في تاريخه، فقدّم أعمال: "المرسى والبحار"، "سكة الهلالي"، "شرف فتح الباب"، و"ابن الأرندلي"، وهي أعمال في الفترة من 2005 حتى 2009، وهي في مجملها لم تُحقق أي نجاحات له ولم تبق في ذاكرة محبيه، اللهم إلا مسلسل "يتربى في عزو" (2007) مع النجمة الراحلة كريمة مختار. لا يكف يحيى الفخراني دائمًا عن المحاولة، حتى نجح في استعادة بريقه في 2010 من خلال مسلسل "شيخ العرب همام" ليُقدّم الدراما الصعيدية لأول مرة في تاريخه مع السيناريست عبد الرحيم كمال، ومنذ ذلك العام، ويكتفي الفخراني بعمل واحد كل عامين، وهو ما يتيح له مزيدًا من التأني في اختياراته، وتقديم المزيد من التجارب الجديدة عليه، أكد ذلك في "الخواجة عبد القادر" (2012) الذي قدّم خلاله واحدة من أغرب قصص الحب التي ظهرت في الدراما التليفزيونية المصرية، وشهد العمل الميلاد الفني لنجله المخرج شادي الفخراني. وبعد أن قدّم مأساة شكسبير الشهيرة "الملك لير" في 2001، قدّمها بشكل جديد في "دهشة" (2014) مواصلًا تميزه المعتاد غير مبال بحروب نسب المشاهدات القائمة، وهو ما حققه في "ونوس" (2016) مع شادي وعبد الرحيم للمرة الثالثة، مواصلًا تجاربه أيضًا في تقديم شخصية "شيطان"، وبعد أن غاب الفنان الكبير عن خوض منافسات ماراثون رمضان 2017، عاد في 2018 ب"بالحجم العائلي"، ليعود به أيضًا للكوميديا الاجتماعية التي خاصمها طوال 11 عامًا منذ "يتربى في عزو"، ليُبهرنا ويُبهجنا بكوميديا عائلية بامتياز، وضحكة صافية يخرجها منّا بسهولة ويسر. الفخراني الذي قدّم كل الألوان والقوالب، وتحولت مسلسلاته إلى "نوستالجيا" لا تفارق ذاكرة محبيه، ويُلقب ب"ملك الدراما"، يغيب عن السباق الرمضاني هذا العام لأول مرة بعد مواجهة أزمات إنتاجية وتسويقية، فهل يكون غيابا مؤقتا، أم تكون النهاية على طريقة فيلمه "خرج ولم يعد"؟