ازدهر "الأرابيسك" خلال عصر الدولة العثمانية في مصر، واستخدم في تزيين القصور والمساجد، وهو عبارة عن رسومات هندسية مُعقدة ومتداخلة، وتكون محفورة أو مطبوعة على الخشب. عظام وجلود حيوانات، حوافر أبقار، أصداف وقواقع بحرية، أشياء قد تُثير اشمئزازك فور دخولك ورشة "أرابيسك عتيقة" للوهلة الأولى، لكن ما أن تنظر حولك وتجد تحف فنية رائعة صنعتها أنامل فيومية من الحوافر والعظام والجلود يتغير تفكيرك فورًا، وتأسرك تلك التحف فتشعر بأنك تريد أن تقتنيها جميعًا، وما يُزيدها روعة وجمالًا وجودها داخل ورشة صغيرة يملؤها عبق التاريخ، وتتلألأ بفعل أشعة الشمس النافذة من شباك صغير في يسار الورشة، ويجلس بين كل ذلك عم "علي شويشة" أقدم صانع أرابيسك بمحافظة الفيوم، وإلى يمينه ابنه الذي يُعلمه "فنون الصنعة" ليُحافظ عليها من الاندثار. "البداية" كانت بسفر "علي" الطفل الصغير الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره إلى القاهرة للتنزه لدى خاله وعندما يذهب معه إلى ورشته الخاصة ويراقب عمله أغرم بصناعة الأرابيسك، تلك المهنة التي تحول عظام الحيوانات إلى أغلى الهدايا في العالم. بدأ "علي" يتعلم فن الصنعة من خاله وتخصص في "تطعيم الصدف"، وبعدما توفي "البداية" كانت بسفر "علي" الطفل الصغير الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره إلى القاهرة للتنزه لدى خاله وعندما يذهب معه إلى ورشته الخاصة ويراقب عمله أغرم بصناعة الأرابيسك، تلك المهنة التي تحول عظام الحيوانات إلى أغلى الهدايا في العالم. بدأ "علي" يتعلم فن الصنعة من خاله وتخصص في "تطعيم الصدف"، وبعدما توفي خاله، عاد إلى قريته وأنشئ ورشته الخاصة أسفل منزله، وبدأ تعليم أولاده، حيث يقوم بتصنيع أشكال وألوان متعددة من الأرابيسك. وفي حديثه ل"التحرير" قال "شويشة"، إن رحلة "الأرابيسك" طويلة وأصعبها تحضير العظام التي يشتريها من الجزار ثم يتم تقطيعها ووضعها في "مية نار" لتكون لامعة، وتُقطع على الماكينة حسب الشكل المطلوب. ويضيف، أن بعد ذلك يقوم بتوفير الخامات المُستخدمة في صناعته مثل صدف البحر، والعظام والحوافر والجلود والجزارين والبوليستر، ثم يبدأ في تقطيعهم وتنعيمهم ليقوم بتطعيم الخشب به، حيث يقوم بتركيبها على الحروف أولًا ثم يُكملها من الدخل، وتأتي بعد ذلك مرحلة تفريغ الأرابيسك بالأركت، ثم يُصب البوليستر فوقه في المرحلة الأخيرة لسد الفراغات الموجودة بينها. وكشف أنّه يجب تنعيم "الشغل" فوق ماكينة "الجلخ"، ثم يقوم بتركيب المفصلات والأقفال، ثم يُلمعها "الأسترجي" ثم يتم تنجيدها بالقماش المطلوب من الداخل. وأكمل، أن المرحلة الأخيرة في صناعة الأرابيسك هي ذهابها ل"المشعراتي" وهو خريج كلية فنون تطبيقية ليقوم بالرسم عليها ووضع اللمسة الأخيرة عليها، ويتم عرضها للبيع في البازارات ومحال الفضة، أو تصديرها للخارج. وبينما يلتقط شويشة أحد الصناديق من أمامه ليطعمه بالصدف، يوضح أنه متخصص في "تطعيم الصدف والأرابيسك الفرعوني" موضحًا أن "الأرابيسك" ينقسم إلى صدف وفرعوني وإسلامي، وعربي، وفارسي وقبطي، كاشفًا أن الأرابيسك الفرعوني هو الأكثر طلبًا من الأجانب ويكون مثل البردي ولكن يتم نحته على الخشب، مثل كرسي الملك "توت عنخ آمون". وشدد، على أن يتم تصدير الفرعوني للدول الأجنبية والبازارات في الأقصر وأسوان والغردقة وشرم الشيخ، أمّا الإسلامي يُصدر إلى الكويت والإمارات والسعودية ودول الخليج، وكشف عن مشكلتهم في عدم التسويق، مطالبًا بمنفذ بيع لتسويق المنتجات، مشيرًا إلى أن المحافظ رفض وطالبنا بإنشاء مدرسة لتعليم الأطفال للمحافظة على مهنة الأرابيسك من الاندثار. وينتج شويشة أنواعًا كثيرة من الأرابيسك مثل إطارات الصور، أو إطارات بها آيات قرآنية، وغرف نوم، وكراسي، وترابيزات، وعلب لحفظ المصاحف، والمجوهرات، والهدايا، والمناديل، وشكمجية، ومراكب وقطع ديكور، ومزهريات، وصواني تقديم شاي وقهوة مكونة من ثلاث قطع تُباع بآلاف الجنيهات في البازارات لكنه يبيعها ب200 جنيه فقط. "سن الفيل والعظام والنحاس" يستخدم في صناعة الكراسي الأرابيسك، بينما الصدف وحوافر الأبقار تدخل في صناعة العلب، وتختلف في الأحجام والأسعار حسب طلب "الزبون" وتبدأ من 5 سم وحتى متر، وتتراوح أسعارها بين 50 جنيهًا وحتى 5 آلاف جنيه، حسب الحجم والخامات المستخدمة في التصنيع، وفقًا ل"شويشة". على جانب آخر، قال "محمد" نجل "شويشة" إن "الأرابيسك" حرفة فن، ولكن تقابلها مشاكل كثيرة أهمها عدم التسويق، مُطالبًا اللواء عصام سعد محافظ الفيوم بتوفير منفذ بيع بميدان السواقي بالمدينة لعرض منتجاتهم، موضحًا أنّهم تقدموا بطلبات عدة مرات للمحافظ السابق لكن دون جدوى. وأضاف أن المشكلات الأخرى تتمثل في ارتفاع أسعار الخامات المستخدمة في صناعة الأرابيسك.