القفزة الهائلة في أسعار الورق وارتفاع تكاليف مدخلات الصناعة وهروب المعلنين والمنافسة الشرسة مع الإصدارات الرقمية جعلت الصحافة الورقية تدخل منعطفا خطيرا تمر الصحافة الورقية في العالم برمته حاليا بمرحلة فارقة ومنعطف خطير، نظرا للصعوبات والتحديات الهائلة التي تشهدها الصناعة خلال السنوات الماضية، للحد الذي يهدد باندثارها نهائيا، خاصة في ظل المنافسة الشرسة والطاحنة التي تشهدها مع الصحافة الرقمية وارتفاع تكاليف مستلزمات المطبوعات الورقية سواء في الأحبار والورق والطباعة، فضلا عن عزوف الجمهور عن المطبوع الورقي واعتماده على المطبوعات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار، وهو ما يجعل فرص المطبوع الورقي في البقاء ضعيفة في ظل الصعوبات والضربات المتوالية التي تواجهها في الوقت الراهن. الصحف الورقية في مصر، ليست بمنأى عن تلك الأزمات الكبيرة والطاحنة التي تواجهها صحف العالم، بل زاد الأمور تعقيدا القرار الصادر عن البنك المركزي بتعويم الجنية ليتم تحديده وفقًا لآليات العرض والطلب في السوق، وهو ما تسبب بدوره في زيادة أسعار المطبوعات الورقية نتيجة لارتفاع تكاليف كل مدخلات الصناعة، وظهور الصحف الورقية في مصر، ليست بمنأى عن تلك الأزمات الكبيرة والطاحنة التي تواجهها صحف العالم، بل زاد الأمور تعقيدا القرار الصادر عن البنك المركزي بتعويم الجنية ليتم تحديده وفقًا لآليات العرض والطلب في السوق، وهو ما تسبب بدوره في زيادة أسعار المطبوعات الورقية نتيجة لارتفاع تكاليف كل مدخلات الصناعة، وظهور وسائل تكنولوجية حديثة وقادرة على البقاء والاستمرار، وهو ما جعل الصحف المطبوعة في مصر تواجه أزمة طاحنة وتصبح بين مطرقة التكاليف الباهظة وسندان الصحافة الرقمية. تساؤلات على هامش الأزمة وهو ما استدعى طرح العديد من التساؤلات المتعلقة بمستقبل الصحافة الورقية، حول مدى قدرتها على البقاء في ظل تلك الصعوبات البالغة، وإمكانية قدرتها على الاستمرار في ظل هجرة المعلنين إلى الصحافة الرقمية بسبب انخفاض أسعارها وارتفاع نسب متابعتها، وهل تكون خطط الهيكلة ودمج الإصدارات الورقية الحل النهائي أمام الحكومة لمواجهة الأزمة الكبيرة التي تشهدها المؤسسات الصحفية القومية؟ لذلك عادت الأطروحات من جديد التي تستدعي ضرورة وضع خطط سريعة لمواجهة الأزمة الراهنة، تتمثل في ضرورة إعادة النظر في أسعار الصحف، وإنشاء مصانع لإنتاج الورق لمنع الاستيراد من الخارج لتقليل التكلفة، وتقليص عدد المطبوعات والإصدارات الخاسرة في المؤسسات الصحفية القومية، ليس ذلك فحسب، بل لجأت أغلب المؤسسات الصحفية الخاصة إلى بدائل جديدة تتمثل في الاعتماد على الإصدارات الرقمية لديها كبديل عن المطبوعات الورقية واستحداث وسائل جديدة لتطوير المنتج الرقمي والاستفادة من عائد الإعلانات في دعم المطبوع الورقي، إلى جانب استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لكسب جمهور جديد لها، والتفكير في استغلال المحتوى الرقمي، بحيث لا يكون مجانيا مثلما يحدث في بعض المؤسسات الصحفية بدول الخارج. الأزمات المتلاحقة التي تعاني منها الصحافة الورقية، جعلتها غير قادرة على «كبح جماح» صحافة الديجيتال أو ما يطلق عليها «الصحافة الرقمية»، فى ظل التطور الهائل والسريع فى التكنولوجيا ودخول تقنيات ووسائل وأنماط اتصال حديثة وبزوغ نجم وسائل التواصل الاجتماعي بصورة واضحة. الصحف الورقية في مأزق ورغم محاولات ملاك الصحف إنقاذ ما يمكن إنقاذه سواء من خلال تقليص عدد صفحات الجريدة ورفع أسعار الصحف الورقية، التي كانت تباع في السابق ب1.25 جنيه، أصبحت تباع ب2 جنيه، فإن تلك المحاولات لم تؤت ثمارها حتى اللحظة الراهنة. وتواجه الصحف الورقية في مصر، لا سيما "القومية"، أزمة كبيرة، لا سيما في ظل تراكم المديونيات عليها، ووجود مستحقات عليها لدى المؤسسات الحكومية، فضلا عن وجود عديد من الإصدارات الخاسرة، وهو ما يجعل مصطلح "إعادة الهيكلة ودمج الإصدارات" حاضرا طوال الوقت. وبحسب تصريحات للمتحدث باسم مجلس الوزراء المستشار نادر سعد، قال خلالها "إن الصحف الورقية مطالبة بإصلاحات لتقليل خسائرها، مثل تقليل عدد الإصدارات أو دمجها والتوجه للاستثمار في الصحافة الإلكترونية، منوها أن مديونيات الصحف القومية تقدر بالمليارات، حيث إنها ديون مستحقة لدى التأمينات والضرائب". قفزات هائلة في الأسعار لم تسلم الصحف الورقية من القفزات الواضحة في أسعار المطبوع الورقي، سواء من ناحية تكاليف الطباعة بعد ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري، وما نجم عنه من ارتفاع تكلفة استيراد الورق والأحبار، وكذلك ارتفاع أسعار لب الورق عالميا، والذي تسبب بدوره في إحجام عدد كبير من التجار عن استيراد الورق من الخارج، حيث تستهلك السوق المحلية نحو 500 ألف طن سنويا من الورق وتنتج 200 ألف طن، ويتم استيراد الباقي من الخارج، وهو ما تسبب في إحداث أزمة طاحنة في العديد من الصحف، لا سيما الحزبية والخاصة، لعدم قدرتها على تحمل النفقات الإضافية خاصة في ظل ضعف الإقبال من قبل جمهور القراء وظهور وسائل التكنولوجيا الحديثة، وارتفاع تكاليف الخامات وطباعة الورق التي قاربت نسبة الارتفاع 100%. حل للأزمة وهو ما فرض على رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية والخاصة الوصول إلى اتفاق في مارس 2015 يتضمن فرض رسم بيع الصحف لكل من «الأهرام»، و«الأخبار»، و«أخبار اليوم»، و«الجمهورية»، مع عدم زيادة سعر الأعداد الأسبوعية، حيث رفع سعر العدد اليومي للإصدارات الصحفية اليومية إلى جنيهين مصريين. وطال شبح الأزمة في مصر عددا من الصحف الحزبية من بينها "الوفد" المملوكة لحزب الوفد، و"الأهالي" المملوكة لحزب التجمع، وصل لحد التهديد بإغلاقهما، بسبب ارتفاع أسعار الورق بنسبة 45%. التحديات الضخمة والهزات العنيفة، التي تعاني منها صناعة الصحافة الورقية، جاءت متوافقة مع ما أظهره مؤشر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مايو الماضي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي أقرته منظمة اليونسكو 1993، معلنا أن إجمالي عدد النسخ الموزعة للصحف العامة محليا وخارجيا 534.6 مليون نسخة عام 2016 مقابل 560.7 مليون نسخة عام 2015 بانخفاض 4.6%، وبلغ عدد الصحف العامة، التي صدرت 76 صحيفة عامة، منها 4 صحف حزبية عام 2016 مقابل 75 صحيفة عامة، منها 3 صحف حزبية عام 2015 بزيادة بلغت نسبتها 1.3%، وفقا للبيان، فيما وصل عدد الدوريات لكل من القطاعات (الحكومي - العام - الأعمال العام والخاص التي تصدر محليا) إلى 159 دورية عام 2016، مقابل 167 دورية عام 2015 بانخفاض بلغت نسبته 4.8%. الوطنية للصحافة: البقاء للصحف الورقية يرى الكاتب الصحفي محمد الهواري، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، إن الصحافة الورقية لن تموت وقادرة على الاستمرار والبقاء رغم كل الصعوبات التي تواجهها والعراقيل التي تقف أمامها، مشيرا إلى أن ظهور الإذاعة والتليفزيون والسوشيال ميديا لم يتسبب في اندثار الصحف، لافتا أن الصحف الورقية مطالبة حاليا بتحسين المضمون حتى تشجع القراء على الإقبال عليها، منوها أن الصحف عليها أن تعى جيدا ما التيارات التي تخاطبها. وحول إمكانية دمج الإصدارات الخاسرة في الصحف القومية، قال الهواري "كلها أمور سابقة لأوانها"، مشيرا إلى أن هناك العديد من الأمور المنتظر أن تحدث في المرحلة المقبلة سواء فيما يتعلق بالتشكيل الجديد للهيئة الوطنية للصحافة والتغييرات على مستوى مجالس إدارات الصحف ورؤساء التحرير، مردفا "الرغبة في عدم إحداث حالة فراغ كان السبب الرئيسي وراء الإبقاء على الهيئات من أجل استقرار المهنة" الميرغني: الصحف الورقية مطالبة بتعديل متطلباتها لتتجاوز الرقمي واتفق معه في الرأى رجائي الميرغني، وكيل مجلس نقابة الصحفيين الأسبق، موضحًا أنه لا تزال هناك الرغبة الملحة لاستمرار الصحافة الورقية المطبوعة، مشيرا إلى أن الأمر متعلق بتعديل الصفة الوظيفية للصحافة الورقية بحيث تؤدي خدمة تتجاوز قدرات الصحافة الإلكترونية، منوها أن الصحافة الورقية يجب أن تراجع مواقفها بحيث تلبي احتياجاتها وتعمل على ما لا تستطيع الوسائط الرقمية أن تؤديه، لافتا أن هناك أمثلة في العالم تؤكد أن الصحافة الورقية لم تخل الساحة أمام وسائط الديجيتال.