صور عديدة ترصدها الأعمال، إلا أنها تشترك في غالبيتها على إظهار المرأة الصعيدية ما بين الانكسار والجهل واقتصار حياتها على المنزل والتشجيع على قضية الثأر الأزلية. لا يزال صعيد مصر منبعًا لمزيد من الحكايات التي تُلهم صُناع الدراما لتقديم أعمال جديدة، في رمضان الماضي عُرض مسلسل "نسر الصعيد" للفنان محمد رمضان، ويُعرض حاليًا مسلسل "أهو ده اللي صار" للمخرج حاتم علي، ومن بين الشخصيات التي رسمها المؤلف عبد الرحيم كمال، شخصية "نادرة" والتي تُجسدها الفنانة روبي، وهي ابنة الصعيد التي تربت في الإسكندرية تحت رعاية "خديجة هانم"، ولكنها لا زالت تحتفظ بتقاليد والدها الخادم "زكريا" النابعة من أرضه وجذوره، وهي فتاة مغلوبة على أمرها رغم أنها مُتعلمة ونشأت في بيئة مختلفة. وتتعدد أوجه المرأة الصعيدية في الدراما التليفزيونية، ولكن هل الصورة التي عكستها الدراما هي نفسها الصورة الحقيقية لنساء الصعيد؟ وهل ترصد الأعمال التطور الذي طرأ على الواقع النسائي الصعيدي والتي تمضي بالتوازي مع التغيرات المجتمعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي يشهدها المجتمع ككل خلال السنوات الماضية؟ وتتعدد أوجه المرأة الصعيدية في الدراما التليفزيونية، ولكن هل الصورة التي عكستها الدراما هي نفسها الصورة الحقيقية لنساء الصعيد؟ وهل ترصد الأعمال التطور الذي طرأ على الواقع النسائي الصعيدي والتي تمضي بالتوازي مع التغيرات المجتمعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي يشهدها المجتمع ككل خلال السنوات الماضية؟ وفي السطور التالية نتعرض لعدد من صور المرأة الصعيدية في الدرما. طايع (2018) مسلسل "طايع" من إخراج عمرو سلامة وتأليف دياب، وعرض عدة نماذج مختلفة للمرأة الصعيدية، الأم "عواطف" والتي جسدتها الفنانة سهير المرشدي، وهي امرأة لا تكف عن تشجيع ولديها على الأخذ بثأر والدهما، وتُحرضهما على سفك الدماء دون إبداء أي عاطفة، و"مهجة" التي جسدتها صبا مبارك، وهي الفتاة المُحبة والتي لا تعبأ بالعادات والتقاليد ولا تهتم بما يدور حولها، وتريد فقط أن تكون مع حبيبها، ووالدتها "أم مهجة" التي جسدتها سلوى محمد علي، وهي المرأة المسالمة التي يتملكها الغّل بعد مقتل ابنتها وتنتقم من الجميع بالنهاية رغمًا عن رغبة زوجها القعيد. يونس ولد فضة (2016) مسلسل "يونس ولد فضة" للمخرج أحمد شفيق والمؤلف عبد الرحيم كمال، ويُظهر المرأة الصعيدية على أنها قوية صلبة وذات سطوة وصاحبة رأي، من خلال "فضة" التي تُجسدها الفنانة سوسن بدر، التي يموت زوجها في حادث فتقرر تبني طفل وتمنحه اسمها واسم زوجها حتى يرث سلطانه، بجبروت امرأة تتحدى الجميع حتى تتحول إلى الكبيرة. سلسال الدم (2013-2018) مسلسل "سلسال الدم" للمخرج مصطفى الشال والمؤلف مجدي صابر، واستطاعت النجمة عبلة كامل لعب دور "نصرة" محور العمل الأساسي باقتدار طوال 5 أجزاء، وهي امرأة حققت رقمًا قياسيًا في التحدي والعِناد وقوة الشخصية الصعيدية التي تدافع عن أبنائها في مواجهة شرسة مع "هارون" الذي جسده رياض الخولي، فيما أظهر العمل أيضًا صور أخرى للمرأة الصعيدية، فمثلًا "إخلاص" والتي جسدتها الفنانة علا غانم، ظهرت بملابس وماكياج مبالغ فيهما، وهو ما اعتبره الكثيرون لا يمت للواقع بصلة. امرأة من الصعيد الجواني (2006) مسلسل "امرأة من الصعيد الجواني" من إخراج بشير حسن وتأليف حسن المملوك، وتدور أحداثه حول المرأة الصعيدية بين الحقوق التي أعطاها لها الدين بسماحته، وسلبها المجتمع فيها بانغلاقه، خاصة في الصعيد الجواني من خلال الشخصية الرئيسية "نوارة" والتي جسدتها الفنانة معالي زايد، حيث يتركها زوجها ويذهب إلى الإسكندرية بحثًا عن العمل، وهناك يتعرف على امرأة لعوب يتزوجها ويبيع أرضه ويمتنع عن الإنفاق على زوجته وبناته، فتطلب "نوارة" الطلاق، وتقوم بجهد خارق لاستكمال تعليم بناتها خاصةً بعدما رفض شقيقها أن يعطيها ميراثها. امرأة من زمن الحب (1998) مسلسل "امرأة من زمن الحب" للمخرج إسماعيل عبد الحافظ وتأليف أسامة أنور عكاشة، وخلاله تُقدّم الفنانة سميرة أحمد دور "وفية" المرأة الصعيدية المتفتحة التي تتولى مسئولية تربية أبناء شقيقها بعد سفر والدهم إلى الخارج، حيث تأتي من الصعيد إلى القاهرة لتصطدم بأخلاق ومقابلة أبناء أخيها لها، وتتعرض لعديد من المواقف المعاكسة لها والمضطربة والانتقالية في حياة أبناء أخيها، لكنها تحل الأمور بحكمة وعقلانية، وتساهم في السيطرة على كل مشاكل أبناء شقيقها. الضوء الشارد (1998) مسلسل "الضوء الشارد" للمخرج مجدي أبو عميرة والمؤلف محمد صفاء عامر، وتدور القصة حول الصراع الطبقي بين طبقة الإقطاعيين القدامى وطبقة الملاك الجدد في الصعيد، وأظهر العمل قوة المرأة الصعيدية من خلال نموذج "الحاجة ونيسة"، التي جسدتها الفنانة سميحة أيوب، حيث إنها المرأة اللينة مع ولديها، وإذا ما استدعت المواقف قوتها فإنها تُظهرها بقوة، هي تتسم بالرقة والحزم الشديد في آن واحد، وتحاول الحفاظ على عز وجاه زوجها الراحل، وسلطان نجلها "رفيع" الذي بات "كبير العزايزة". الوتد (1996) مسلسل "الوتد" من إخراج أحمد النحاس وتأليف خيري شلبي، وأظهر المرأة الصعيدية قوية متحكمة قاسية، من خلال الست "فاطمة تعلبة" التي جسدتها باقتدار الفنانة هدى سلطان، فهي كأم مصرية ترغب في استقرار عائلتها، وتتدخل في جميع اختيارات أولادها المختلفة، وتحاول توسعة ممتلكات وأراضي العائلة، لكنها تسيطر على العائلة وزوجات أولادها. ذئاب الجبل (1993) مسلسل "ذئاب الجبل" للمخرج مجدي أبو عميرة والمؤلف محمد صفاء عامر، وقدّم شخصية "وردة" التي جسدتها سماح أنور، وهي الفتاة الصعيدية المُتعلمة التي رفضت الزواج من قريب لها بطريقة تقليدية، وهربت من القرية بعلم أبيها لتتزوج من آخر وتكسر كل القواعد المتعارف عليها، ويعرض أيضًا المسلسل شخصيات مثل "نعمة زوجة علوان" التي جسدتها إنعام سالوسة، وهي امرأة ضعيفة ومقهوة ومغلوبة على أمرها. صور عديدة ترصدها الأعمال، إلا أنها تشترك في غالبيتها على إظهار المرأة الصعيدية ما بين الانكسار والجهل واقتصار حياتها على المنزل وتربية الأولاد فقط، كما تصورها الأعمال على أنها الراعية الأولى للاستمرار في مسيرة قضية الثأر الأزلية.