كشفت وكالات استخبارات أمريكية عن محاولة روسيا خداع العالم باستعراض صاروخ باليستي مزيف في مؤتمر صحفي، كان سببا في خلاف بين موسكووواشنطن حول سباق التسلح في الثالث والعشرين من يناير الماضي، عقدت وزارة الدفاع الروسية مؤتمرا صحفيا استعرضت فيه ما قالت إنه صاروخ "كروز" كان محل خلاف لسنوات عدة بين الولاياتالمتحدةوروسيا، إلا أن الأمر كله كان مجرد خدعة، حيث اكتشفت وكالات استخبارات أمريكية، أن الصاروخ ومنصة الإطلاق والرسوم التخطيطية التي ظهرت في المؤتمر الصحفي، غير حقيقية، وجاءت هذه المحاولات الروسية لخداع العالم، قبل أيام قليلة من إعلان الولاياتالمتحدة انسحابها من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى التي ترى واشنطن أن موسكو انتهكتها. وأشارت صحيفة "دايلي بيست" الأمريكية، إلى أن التقارير التي أعدتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ووكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الوطنية، كشفت أنه لا يوجد أي مما عرضته روسيا في مؤتمرها الصحفي، له علاقة بالصاروخ الذي تتهم واشنطنموسكو بتطويره. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، تأكدت الوكالات وأشارت صحيفة "دايلي بيست" الأمريكية، إلى أن التقارير التي أعدتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ووكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الوطنية، كشفت أنه لا يوجد أي مما عرضته روسيا في مؤتمرها الصحفي، له علاقة بالصاروخ الذي تتهم واشنطنموسكو بتطويره. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، تأكدت الوكالات الاستخباراتية الأمريكية، أن منصة الإطلاق وحاوية الصاروخ "الكروز" التي استعرضتهما وزارة الدفاع الروسية، لا تعود إلى الصاروخ الذي ادعت أمريكا منذ 2014 أنه يعد خرقا للمعاهدة التي وقعت في 1987. ووفقا لاثنين من المصادر الحكومية الأمريكية فإن الصاروخ الذي تشير إليه الولاياتالمتحدة أكبر من ذلك الذي ظهر في المؤتمر الصحفي، ويستخدم منصة إطلاق مختلفة. حيث أشارت الوزارة الروسية في مؤتمرها الصحفي إلى أن الصاروخ الذي ادعت أمريكا أنه ينتهك معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى، ما هو إلا نسخة مطورة من صاروخ "كروز" آخر يُدعى "9 إم 728". وأضافت الوزارة أن مدى الصاروخ لا يتجاوز 10 كيلومترات، وهو أقل من مدى النسخة القديمة من الصاروخ، بسبب عدد من الإضافات التي أدت إلى زيادة حجمه. ولإثبات صحة ادعائها عرضت الوزارة الروسية للصحفيين، ما قالت إنه الرسوم التخطيطية للصاروخين، إلا أن التقارير الأمريكية، كشفت أن الرسم التخطيطي للصاروخ "9 إم 729" لم تكن تعود للصاروخ الحقيقي. ماذا يعني انسحاب روسياوأمريكا من معاهدة الصواريخ؟ وصرح مصدر حكومي أمريكي للصحيفة الأمريكية أن العربة التي تحمل منصة الإطلاق والصاروخ، التي عرضت في المؤتمر الصحفي، لم تكن متوافقة مع الصاروخ "9 إم 729". كانت الولاياتالمتحدة قد اتهمت روسيا منذ 2014، بانتهاك معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى، التي وافقت بموجبها البلدان على تدمير جميع الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز الأرضية التي يتراوح مداها بين 500 كيلومتر و5.5 ألف كيلومتر، بالإضافة إلى عدم اختبار أو إنتاج أو نشر صواريخ من هذا النوع. فمع بداية الألفية، بدأت روسيا في تطوير صواريخ "9 إم 729"، التي ادعت واشنطن أنها تمثل انتهاكا للمعاهدة، وبعد خمس سنوات من اتهام إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لروسيا بانتهاك الاتفاقية، أعلنت إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب، انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاقية. حيث قال الرئيس الأمريكي في بيان أصدره في الأول من فبراير الجاري: "لا يمكن أن نكون الدولة الوحيدة في العالم التي تلتزم بالاتفاقيات وحدها"، وأضاف: "إننا سنعمل على تطوير خياراتنا العسكرية، وسنتعاون مع حلفائنا في الناتو لمنع روسيا الاستفادة من انتهاك الاتفاقية". وبعدها بقليل أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أن الولاياتالمتحدة ستنسحب من المعاهدة، وفعلت المادة الخاصة بوضع مهلة لمدة 180 يوما قبل الانسحاب منها. لماذا انسحب ترامب من معاهدة السلاح النووي مع روسيا؟ ونقلت "ديلي بيست" عن مصدر حكومي أمريكي قوله إن التقرير المشترك لوكالة الاستخبارات المركزية، ووكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الوطنية كشف أن "هناك ستة اختبارات للصاروخ تجاوز مداها 500 كيلومتر"، وهذا يعني أن روسيا أثبتت أن صواريخها يمكن أن تطير إلى مدى محظور بموجب المعاهدة، وكان أطول اختبار من الستة اختبارات، اختبارا لصاروخ وصل مداه إلى 2070 كيلومترا. وتقيم الولاياتالمتحدة الصاروخ "9 إم 729" على أنه طراز بري متنقل من صاروخ "كاليبر" البحري الذي يبلغ مداه ألفي كيلومتر، عند التسلح بحمولة تقليدية، ومدى يصل إلى 2350 كيلومترا بحمولة نووية، وقد تم اختبار الصاروخ ست مرات على الأقل، وتجاوز المدى الذي يمثل انتهاكا للمعاهدة. وأوضح دان كوتس مدير المخابرات القومية الأمريكية في نوفمبر 2018، أن روسيا لم تختبر الصاروخ مطلقًا إلى مدى ينتهك المعاهدة من منصة إطلاق برية، مشيرا إلى أن روسيا قد استكملت بحلول عام 2015 "برنامج اختبار شامل للصاروخ 9 إم 729، يتضمن اختبارات متعددة من قاذفات ثابتة ومتنقلة على حد سواء". ووفقا لكواتس، فإن المعاهدة تسمح لروسياوالولاياتالمتحدة بإجراء اختبارات للصواريخ الأرضية تصل إلى المدى الذي تحظره المعاهدة، شريطة أن يتم نشر الصاروخ المعني على منصة جوية أو بحرية، وتم اختبار الصاروخ "كاليبر" البحري والذي تم اشتقاق "9 إم 729" منه بهذه الطريقة من قاذفة ثابتة. كما تم اختبار الصاروخ "9 إم 729" بالطريقة نفسها، ثم تم نقله إلى منصة إطلاق برية متحركة، حيث تم اختبارها على مدى أقل من 500 كيلومتر، مما يجعلها تبدو متوافقة مع المعاهدة، فوفقا لأحد المصادر، فإن أقصى مدى وصل إليه الصاروخ "9 إم 729" خلال اختباره من قاذفة برية متحركة كان 350 كيلومترا. الصين وراء انسحاب ترامب من معاهدة القوى النووية ومن خلال وسائل تقنية مختلفة، كانت وكالات الاستخبارات الأمريكية قادرة على التأكد من أن روسيا قد أعدت الصاروخ الذي اختبرته في مدى تحظره المعاهدة لاستخدامه على منصة إطلاق برية متحركة، وهو ما يعد انتهاكا للمعاهدة. من جانبها نفت روسيا الاتهامات الأمريكية بأنها انتهكت المعاهدة، وكان مؤتمرها الصحفي في يناير الماضي محاولة لإثبات أن الصاروخ "9 إم 729" امتثل للمعاهدة، باستثناء أنها لم تعرض الصاروخ.