اتخذ العالم يوم 18 ديسمبر للاحتفال بلغتنا العربية.. ولكننا وعلى العكس يجب أن نحتفي بها كل يوم.. فهي تمثل الكثير لنا بالنسبة لثقافتنا وهويتنا "لغتنا الجميلة" هو برنامج قدمه الإعلامي والأديب فاروق شوشة، عبر إذاعة البرنامج العام، انطلق من بعد نكسة 1967، وبهدف أن يذكر الناس بتراثهم، ويعطيهم عبرًا من ماضينا، ومقولات وأمثالا تثبت قلوبهم، وتزيح ولو قليلًا عنهم ألم الهزيمة.. البرنامج استمر في رسالته ليعاصر حرب أكتوبر عام 1973، والنصر الكبير الذي حققه الجيش المصري على عدوه، التي بعدها بشهور قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في المنظمة، ليصبح 18 ديسمبر من كل عام تاريخًا للاحتفال بلغتنا عالميًّا. اللغة العربية هي أكثر اللغات السامية تحدثًا وانتشارًا في مختلف دول العالم، فحسب آخر الإحصائيات، هناك نحو نصف مليار شخص يتحدثونها حول العالم، فبالإضافة إلى الدول العربية، ينتشر المتحدثون بها في "تركيا وإيران وتشاد ومالي وماليزيا وسنغافورة"، إضافة إلى الدول الغربية، بل إن البعض يعتبرون اللغة المالطية اللغة العربية هي أكثر اللغات السامية تحدثًا وانتشارًا في مختلف دول العالم، فحسب آخر الإحصائيات، هناك نحو نصف مليار شخص يتحدثونها حول العالم، فبالإضافة إلى الدول العربية، ينتشر المتحدثون بها في "تركيا وإيران وتشاد ومالي وماليزيا وسنغافورة"، إضافة إلى الدول الغربية، بل إن البعض يعتبرون اللغة المالطية ما هي إلا لهجة للغة العربية، وتشبه لهجات أهل شمال إفريقيا، وبالتحديد تونس. يعود انتشار اللغة العربية بهذا الشكل الواسع،إلى الدين، حيث إنها لغة القرآن، والمسلمون يتلون القرآن في صلواتهم باللغة العربية، مهما اختلفت ألسنتهم، كما يوجد الملايين حول العالم الذين يحفظون القرآن عن ظهر قلب، وأيضًا العربية لغة شعائرية رئيسية في الكنائس بالوطن العربي. لا يوجد بالتحديد معلومات دقيقة عن ظهور الأبجدية العربية، فهناك اعتقاد أنها انبثقت من اللغة النبطية (الأنباط شعب عربي قديم)، أو من اللغة الآرامية، وكانت منتشرة بشكل واسع في الشام وفلسطين، وفيما يستند اعتقاد آخر إلى أن منشأها من اليمن، فقد عثر على أقدم نقوش خاصة باللغة العربية، في جنوب الجزيرة العربية، وهي الكتابة المعروفة بخط المسند، وتعود إلى عهد مملكة سبأ، في القرن العاشر قبل الميلاد. مع انتشار الإسلام عبر ربوع المعمورة، حازت الكتابة العربية اهتماما كبيرا، خاصة "لسان" (لهجة) قريش، فالقرآن نزل به، وقد انتشرت اللغة مع الفتوحات الإسلامية في الإقليم كله، الذي امتد في أول قرن هجري من الصين شرقًا وحتى جنوبفرنسا غربًا. استمرت الحروف العربية بشكلها غير المنقوط وغير المشكول حتى منتصف القرن الأول الهجري، وجرى تنقيط الحروف في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وقام بذلك نصر بن عاصم الليثي، ويحيى بن يعمر العدواني، حيث قام هذان الرجلان بترتيب الحروف الهجائية بهذه الطريقة الشائعة في يومنا هذا (الترتيب الأبجدي الحالي)، وأهملا ترتيب الحروف على الطريقة القديمة (أبجد هوز)، وفي الثلث الأخير من القرن الأول الهجري أضحت اللغة العربية لغةً عالمية؛ خاصةً عندما بدأت تنتقل مع انتقال الإسلام إلى المناطق المحيطة بشبه الجزيرة العربية، إذ استخدمت اللغة العربية في تلك المناطق، وأصبحت اللغة الرسمية للدول، كما كان استخدامها دليلاً على الرقي، والتقدم الحضاري والاجتماعي. وعودة إلى عام 67ه، وتنفيذًا لطلب أمير العراق، عثر أبو الأسود الدؤلي على طريقة لضبط كلمات القرآن الكريم، حيث وضع نقطة فوق الحرف لتدل على الفتحة، ونقطة تحت الحرف لتدل على الكسرة، كما وضع نقطةً على يسار الحرف للدلالة على الضمة، ونقطتين فوق الحرف أو تحته أو على يساره للدلالة على التنوين، وكان يترك الحرف الساكن خاليًا من النقاط، وكان هذا الضبط يُستعمل في المصحف فقط. ويُعد أبو الأسود الدؤلي أول من قام بضبط اللغة، وقد استعان بعلامات كان يستعملها السريان للدلالة على الرفع والجر والنصب، وللتمييز بها بين الاسم والفعل والحرف. ويرجع تسمية العربية بلغة الضاد إلى كونها اللغة الوحيدة التي تحتوي على صوت الضاد، علماً بأنه حرف يتميز بصعوبة نطقه عند غير العرب، حتى إن بعض القبائل العربية لا تستطيع النطق به، كما أن بعض المتكلمين بغير العربية يعجزون عن إيجاد صوت بديل له في لغاتهم. يعتبر مصطلح لغة الضاد مصطلحًا حديثًا، وكان ذلك في القرنين الثاني والثالث الهجري؛ وهو وقت تدوين وتعقيد اللغة، حيث لم يكن هذا المصطلح معروفًا في الجاهلية، وصدر الإسلام، وكذلك في العصر الأموي، حيث إن التنبه لقيمة الضاد في لغة العرب ظهر منذ دخل العجم في الإسلام بشكل كبير جداً، وعجزت هذه الوفود عن النطق بحرف الضاد في اللغة العربية، وبذلك بدأ علماء اللغة يهتمون بهذا الحرف، ويولونه جزءًا كبيرًا من دراستهم. من هؤلاء العلماء الأصمعي، وسيبوبه، والخليل بن أحمد؛ حيث قال سيبويه عنه يعد حرف الضاد ضمن الأصوات غير المستحسنة ولا الكثيرة في اللغة من ترتضى عربيته ولا يستحسن في قراءة القرآن ولا في الشعر، قال الأصمعي ليس للروم ضاد. ولا بدّ من الإشارة إلى ظهور العديد من المؤلفات في الضاد، وظهرت العديد من الظواهر مثل: غياب الضاد وإبدال الظاء بالضاد؛ حيث ألف بعض اللغويين رسائل تميز بين الحرفين منها أرجوزة ابن قتيبة في التميز بين الضاد والظاء، ورسالة الفرق بين الضاد والظاء للصاحب بن عباد، وعلى الرغم من كل ذلك فإن اللغة العربية لم تسمَّ بلغة الضاد إلا بعد أن كتب المتنبي بعض الأبيات يفخر فيها بنفسه: "لا بقومي شرفت بل شرفوا بي وبنفسي فخرت لا بجدودي، وبهم فخر كل من نطق الضاد وعوذ الجاني وغوث الطريد".