مغيث: المدرسة فقدت هيبتها ومكانتها والتحرش سيزيد ويزيد معه التنمر والبلطجة.. وفؤاد: العادات والتقاليد وراء عدم الإبلاغ عن حالات التحرش.. وفرويز: العبء على الأسرة "قم للمعلم وفه التبجيلا/ كاد المعلم أن يكون رسولاً".. بيت شعر أراد أحمد شوقى أن يرسخ به قدر وقيمة المعلم فى المجتمع المصرى، الذى دائما ما كان يضرب به المثل فى كل شيء، إلا أن هذا البيت لم يعد يناسب عددا من المعلمين الذين تجردوا من مشاعر الرحمة والإنسانية، بعد أن غيب الشيطان عقولهم وتحولوا إلى ذئاب بشرية سائرين وراء شهواتهم ونزواتهم، حيث شهد الفصل الدراسي الأول العديد من حالات التحرش عندما أقدم عدد من المعلمين على التحرش بطلابهم، ليكشف الستار عن السرطان الصامت داخل جدران المدارس المصرية. أسباب التكتم وعلى الرغم من الإبلاغ عن عدد من حوادث التحرش هذا العام والقبض على مرتكبيها، فإن هناك الكثير من حالات التحرش التى تحدث داخل أروقة المدارس دون أن يعلم أحد عنها شيئاً، وهذا يرجع إلى عدد من الأمور أبرزها: العادات والتقاليد المصرية التى تقف عائقا أمام تقدم الكثير من الفتيات والسيدات اللاتي يتعرضن أسباب التكتم وعلى الرغم من الإبلاغ عن عدد من حوادث التحرش هذا العام والقبض على مرتكبيها، فإن هناك الكثير من حالات التحرش التى تحدث داخل أروقة المدارس دون أن يعلم أحد عنها شيئاً، وهذا يرجع إلى عدد من الأمور أبرزها: العادات والتقاليد المصرية التى تقف عائقا أمام تقدم الكثير من الفتيات والسيدات اللاتي يتعرضن للتحرش ببلاغات رسمية، بالإضافة إلى عامل صغر سن الأطفال وعدم درايتهم بما يحدث، ناهيك بتهديد المدرسين الفتيات والأطفال بالرسوب حال الحديث عما حدث. المتحرش بالأطفال ويطلق على التحرش الجنسي بالأطفال اسم "بيدوفيليا"، وهى الاشتهاء والولَع بالأطفال، وهو من الاضطرابات الجنسية الشهيرة، ويتميز هذا الاضطراب بوجود محفزات جنسية شديدة، أو خيالات جنسية مثيرة، مرتبطة بالأطفال غير البالغين الذين تقل أعمارهم عن 13 سنة، وتتكرر لمدة لا تقل عن ستة أشهر للمضطرب الذي لا يقل عمره عن 16 سنة. حادثة طوخ تجرد مدرس تربية رياضية "ف.د" من مشاعر الإنسانية وغيب الشيطان عقله وتحول إلى ذئب بشري، إذ استدرج طالبة في الصف الأول الابتدائي بمدرسة الدير الابتدائية المشتركة بإدارة طوخ التعليمية في القليوبية إلى الحمام، واستغل صغر سنها وأغواها بعشرة جنيهات وتحرش بها بملامسة أجزاء حساسة في جسدها. قبل أن تصرخ الفتاة ليتجمع بعض المدرسين والعمال وتحفظوا على المدرس وأبلغوا الشرطة التي حضرت إلى المدرسة واصطحبوه إلى مركز طوخ وسط محاولات من قبل أهل الطالبة للفتك به، وحرروا محضرا برقم 14281 إداري طوخ وتولت النيابة التحقيق. التحرش بطلاب الابتدائية كما شهدت مدرسة التحرير الابتدائية بدمنهور حادثا مؤسفا آخر، عندما حرر 5 أولياء أمور، محضرا برقم 9273 لسنة 2018، يتهمون فيه مدرس رياضيات بالتحرش بالبنات ووضع يده في أماكن عفتهن، مما يعد هتك عرض يعاقب عليه القانون، قبل أن تتمكن مديرية أمن البحيرة، من إلقاء القبض عليه وعرضه على النيابة العامة لتولي التحقيقات. التحرش ب15 طالبة ولم تتوقف جرائم التحرش عند هذا الحد، ففى قضية أخرى تحمل رقم 14757 لسنة 2017 إدارى قسم إمبابة، تم تحويل مدرس رياضيات للمحاكمة الجنائية، لاتهامه بالتحرش ب15 طالبة فى المرحلة الابتدائية بإحدى المدارس، بعد أن تم توجيه تهمة هتك عرض أطفال بالقوة له خلال وجودهم من خلال ملامسة مناطق حساسة بأجسادهم في أثناء وجودهم بالمدرسة. وقد تقدم بعض الأهالى ببلاغات لقسم إمبابة، يتهمون فيها "مدحت.ب.و"، 56 سنة، مدرس رياضيات بالمرحلة الابتدائية بمدرسة تجريبة لغات بدائرة القسم، بالتحرش بعدد من الطالبات فى المرحلة الابتدائية، بعد أن أخبروا آباءهم بتحرش المدرس بهم. وفى المنيا تم استبعاد المدرس "ع.س" مدرس لغة إنجليزية، بمدرسة ناصر رقم 2 الابتدائية، فى 5/9/2018 من التدريس، وإخلاء طرفه من المدرسة، بعد أن تقدم أحد أولياء الأمور ببلاغ إلى النيابة العامة ضده، يتهمه فيه بملامسة أجزاء حساسة من جسم التلميذة خلال إعطائها درسا خصوصيا داخل منزلها، وأن شقيقها الأصغر هو من قام بتصويرها. بداية الأمر كانت عندما تداول عدد من أهالي مركز مغاغة، مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يظهر فيه تحرش مدرس جنسيا بتلميذة، خلال درس خصوصي. المدرسة فقدت هيبتها ستظل حالات التحرش داخل المدارس بل ستزيد، وسيزيد معها التنمر والبلطجة والاعتدءات من الطلاب على المدرسين ومن المدرسين على الطلاب، نظراً لأن المدرسة فقدت هيبتها ومكانتها الاجتماعية والعلمية ولم تعد تؤدى الدور المنوط بها القيام به، ففى الماضى كانت المدرسة نموذجا فى كل شيء وكذلك الحال بالنسبة للمعلم "كنت ترمى الإبرة فى المدرسة ترن"، حسب ما قاله الخبير التربوي كمال مغيث. مغيث أضاف ل"التحرير": "فى الماضى كانت المدرسة لها قيمتها فى المجتمع وكان الطالب يتعلم بها المبادئ والقيم والأخلاق وكان كل من الطالب والمعلم يعلم حدوده جيداً. وتابع: "المعلمون فى الماضي كانوا يشعرون بمكانتهم الراقية فى المجتمع لذلك كانوا مثالاً للاحترام والأخلاق، وكانوا يحرصون على عدم اهتزاز هذه الصورة لدى الجميع، لذلك وضعوا حدودا لهم لا يتعدونها، خوفاً على مكانتهم، فلا يتلفظون بلفظ خارج، ولا يقومون بمثل هذه الممارسات وهذه السلوكيات الشائنة". تدني الحالة المعيشية من الأسباب واستطرد: "عندما غابت هذه المكانة وأصبحت مهنة التدريس غير مجدية للمدرس وفقد مكانته الاجتماعية، وأصبحت المدرسة بالنسبة إلى الطالب مجرد وسيلة لقضاء الوقت بها، لأنهم مجبرون على ذلك بالقانون، وكذلك الحال المدرسون يذهبون إلى المدرسة جبرا، ويتأهبون إلى الخروج منها إلى مهنة أخرى تحقق لهم عائدا ماديا مجزيا يعيشون منه، فأصبح من السهل أن يتحرش المدرس بطلابه وأن يعتدي عليهم". الدكتورة جيهان فؤاد، مقرر فرع المجلس القومى للمرأة في القليوبية، قالت إن أكثر جهة بالمحافظة يرد منها شكاوى هي التعليم سواء حالات لطالبات أو مدرسات تعرضن للتحرش من زملائهن. العادات والتقاليد وراء عدم الإبلاغ وأكدت فؤاد، في تصريحات ل«التحرير»، أن عدم الإبلاغ عن حالات التحرش يرجع إلى طبيعة المجتمع المصري وتقاليده التى تقف عائقا أمام تقدم الكثير من السيدات اللاتي يتعرضن للتحرش ببلاغات رسمية، ومعظم البلاغات التي نتلقاها شفهية أو تليفونية والمجلس يقوم بعمل ندوات وفاعليات ومبادرات لمواجهة هذه الظاهرة التي تهدد المجتمع والتأثيرات السلبية لانتشار تلك الظاهرة، وكيفية مواجهتها والتعامل معها، قائلة إن أكثر جهة بالمحافظة يرد منها شكاوى هي التعليم سواء حالات لطالبات أو مدرسات تعرضن للتحرش من زملائهن. وكشفت عن أشهر الحالات التي تلقاها فرع المجلس رسميا، كانت عام 2017، لمعلمة بمدينة كفر شكر، تحرش بها مدير مدرسة ابتدائية، مما تسبب لها في مشاكل أسرية أدت إلى قيام زوجها بطردها من المنزل عقب نقلها من المدرسة إلى مدرسة أخرى، وبعد سجال طويل انتهت الأزمة بإعادتها للمدرسة مرة أخرى كرد اعتبار لها. الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، طالب بضرورة أن يقوم أولياء الأمور بمتابعة أبنائهم وتشديد الرقابة بصفة مستمرة عليهم، ومتابعة تصرفات الطفل سواء فى المدارس أو الشوارع، فى ظل تزايد حالات التحرش داخل المدارس بصورة مبالغ فيها من قبل بعض معدومي الضمير، مشدداً على ضرورة محاسبة المتحرش وعدم غلق الموضوع أو السكوت خوفا من الفضائح، وضرورة تعريف الأطفال وتنبيههم بعدم الحديث مع الغرباء. توعية الأطفال ضرورة وأضاف فرويز: لا بد أن يكون هناك خصوصية شديدة للطفل وعدم التعرى نهائيًا فى الملابس، وتوعيتهم بمعلومات بسيطة عن كيفية التصدى للمتحرش ومقاومته بالفرار من أمامه أو الاستغاثة بالمواطنين وعدم سماع كلامه والانسياق وراءه. وتابع: "على الأهل العبء الأكبر فى دعم الطفل نفسيا، ومراعاته وعدم إهماله مرة أخرى والحرص على عدم الحديث فى الموضوع أمامه نهائيا، وإغلاقه لو أراد الطفل أن يتحدث فيه، وعدم الحديث من الأساس عن وقائع مشابهة".