"انتخابات حرة ونزيهة" هو ما يأمل أن يراه اليوم مواطنو زيمبابوي، للمرة الأولى منذ وصول الرئيس السابق روبرت موجابي إلى سدة الحكم في 1980. حيث تم إقصاء موجابي من منصبه العام الماضي، بعد نحو أربعة عقود من الحكم، وينافس في هذه الانتخابات 23 مرشحًا أبرزهم ايمرسون منانجاجوا الرئيس الحالي للبلاد، وزعيم المعارضة نيلسون تشاميسا. كيف وصلت زيمبابوي إلى هذه اللحظة؟ في نوفمبر من العام الماضي، سيطر الجيش الزيمبابوي على مفاصل العاصمة هراري، وأعلن في بيان متلفز القبض على عدد من العناصر الإجرامية المقربة من الرئيس موجابي. حيث سيطر الجيش على محطة التلفزيون الحكومية "زيد بي سي"، وتم نصب معابر تفتيش في المدينة ونشر الجنود بالقرب من المواقع الحكومية، بما في ذلك القصر الرئاسي، كما ألقى الجيش القبض على وزير المالية في البلاد، إغناشيوس تشومبو، الذي يعتبر عضوا بارزا في الحزب الحاكم. وجاءت هذه الخطوة بعد أن أقال موجابي، إيمرسون منانجوا نائبه آنذاك، الذي كان يعتبر وريثه الأكثر احتماًلا، وكان يتمتع بدعم العسكريين، كما جرت إقالة عدد من المسؤولين الكبار في الحزب الحاكم. وبعد سيطرة الجيش على البلاد، اندلعت المظاهرات الشعبية، لدعم تحرك الجيش، والدعوة لإقالة موجابي، وهو ما حدث بعد استجابة الأخير للضعوطات الشعبية والسياسية من حزبه الحاكم. ليتولى منانجاجوا منصب الرئيس المؤقت للبلاد، والذي أعلن في يناير الماضي أن زيمبابوي ستجري انتخابات خلال 4 أو 5 أشهر، دون مشاركة موجابي. اقرأ المزيد: مظاهرات في زيمبابوي للمطالبة بإقالة «موجابي» من هم أبرز المرشحين؟ يشارك في الانتخابات الرئاسية في زيمبابوي، التي تجرى للمرة الأولى دون مشاركة موجابي، بمنافسة بين 23 مرشحًا، أبرزهم الرئيس الحالي منانجاجوا، وزعيم المعارضة نيلسون تشاميسا. وكشفت استطلاعات الرأي الأولية تقدم منانجاجوا زعيم حزب "زانو بي إف" الحاكم، على تشاميسا الذي يقود تحالف حركة التغيير الديمقراطي. الرئيس ايمرسون منانجاجوا العمر: 75 عامًا الحزب: "زانو بي إف" الحاكم سعى منانجاجوا، الملقب ب "التمساح" بسبب مشاركته في حروب العصابات خلال حرب التحرير، والذي كان نائبًا لموجابي، الظهور بمظهر المصلح، بعد تعهده بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، تختلف عن الانتخابات السابقة التي شابتها أعمال العنف والمخالفات. وقد دفع قرار موجابي بإقالته من منصب نائب الرئيس، العام الماضي، الجيش إلى التحرك والسيطرة على مفاصل الحكم، وطرد موجابي من منصبه. إلا أن العديد من المتابعين وضعوا علامات الاستفهام حول دوره كوزير للأمن القومي خلال مذبحة "ماتابيليلاند" في الثمانينيات عندما قتل الجيش آلاف الأشخاص بسبب خلاف سياسي. وقد أعلن منانجاجوا مرارًا وتكرارًا أن زيمبابوي "مفتوحة للاستثمارات" منذ أن تولى منصبه، إلا أن الانتخابات الحرة هي المفتاح لرفع العقوبات الدولية وفتح الباب أمام الاستثمارات التي أصبح اقتصاد البلاد المنهار في أمس الحاجة إليها. اقرأ المزيد: 3 سيناريوهات للإطاحة برئيس زيمبابوي من الحكم نيلسون تشاميسا العمر: 40 عامًا الحزب: حركة التغيير الديمقراطي برز المحامي والقس كقائد لحزب المعارضة الرئيسي في زيمبابوي بعد وفاة زعيمه مورجان تسفانجيراي في وقت سابق من هذا العام، والذي كان لسنوات عديدة من المنافسين الرئيسيين لموجابي في الانتخابات. ويحظى تشاميسا الآن بتأييد ائتلاف من الأحزاب، بما في ذلك ائتلاف مدعوم من موجابي وأعضاء فصيل شبابي مؤيد لموجابي كان قد تم طردهم من الحزب الحاكم والحكومة عندما تولى منانجاجوا منصبه. ووعد تشاميسا، وهو زعيم طلابي سابق كان من بين كبار المسؤولين الستة الذين شكلوا حركة التغيير الديمقراطي في عام 1999، بتحقيق إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق في زيمبابوي. وفي أكثر من مناسبة لعب تشاميسا على وتر فارق السن بينه وبين منانجاجوا في بلد يمثل الشباب أقل من 35 عامًا نحو 43.5% من المصوتين. حيث قال لوكالة "أسوشيتد برس" في مقابلة في وقت سابق من هذا العام "أنا أمثل المستقبل، منانجاجوا يمثل الماضي". موجابي مازال في المشهد شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أكدت أن الرئيس السابق للبلاد، البالغ من العمر 94 عاما لم يستطع منع نفسه من العودة إلى الساحة السياسية عشية التصويت. اقرأ المزيد: «بكاء ومفاوضات».. اللحظات الأخيرة لرئيس زيمبابوي في السلطة ففي أول بيان سياسي له منذ الإطاحة به من منصبه في نوفمبر الماضي، قال موجابي إنه لن يصوت لحزبه السابق "زانو بي إف" أو الرئيس الحالي منانجاجوا. حيث صرح موجابى خلال مؤتمر صحفى فى حديقة منزله فى هرارى أمس الأحد "لا استطيع أن أصوت لصالح حزب زانو بي إف، ولا استطيع أن أصوت لصالح الأشخاص الذين أوصلوني إلى هذا الموقف". وأضاف "يجب أن أقول بوضوح أنني لا أستطيع التصويت لأولئك الذين عذبوني، لا أستطيع ذلك"، مؤكدًا "سأحصر اختياراتي بين 22 مرشحًا من بين ال23 مرشح". وأشارت الشبكة الأمريكية، إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان تدخل موجابي، الذي اتهم منانجاجوا وحزبه والجيش بخلق بيئة "بعيدة كل البعد عن الحرية" في زيمبابوي، سيؤثر على الناخبين أم لا. اتهامات متبادلة من جانبه، استغل منانجاجوا تصريحات موجابي لمهاجمة منافسه الرئيسي، تشاميسا، مدعياً أن الزعيم السابق "عقد صفقة" مع حركة التغيير الديمقراطي. وقال منانجاجوا في بيان مقتضب، الأحد، "الآن وبعد أن أصبح واضحا للجميع أن تشاميسا أبرم اتفاقا مع موجابي، لم يعد بوسعنا أن نؤمن بأن نواياه هي تحويل زيمبابوي وإعادة بناء بلدنا". وأضاف أن "الخيار واضح، إما أن تصوت لصالح موجابي الذي يمثله تشاميسا، أو تصوت لصالح زيمبابوي الجديدة تحت قيادتي وقيادة زانو بي إف"، مؤكدًا أن "التغيير الحقيقي قادم، يجب علينا جميعا أن نكون جزءا منه". اقرأ المزيد: زوجة موجابي.. كلمة السر في سيطرة الجيش الزيمبابوي على الحكم ووصف تشاميسا رد فعل منانجاجوا بأنه "مذعور" خلال مؤتمر صحفي في وقت لاحق من ذلك اليوم، حيث هاجم لجنة الانتخابات في البلاد، قائلًا إنها كانت منحازة لصالح منانجاجوا. يذكر أنه تم نشر المئات من المراقبين الدوليين لضمان سير الانتخابات بسلاسة، لكن المعارضة زعمت في أكثر من مناسبة وجود مخالفات في قائمة الناخبين، كما أعربوا عن قلقهم بشأن أمن أوراق الاقتراع وترويع الناخبين في المناطق الريفية. ومن المتوقع، أن تعلن نتائج الانتخابات العامة يوم الاثنين في 4 أغسطس، حيث يتطلب دستور البلاد من اللجنة الانتخابية الزيمبابوية إطلاق النتائج في غضون خمسة أيام من إغلاق صناديق الاقتراع.