دخلت الأزمة في تونس مرحلة السجال والحرب الباردة بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد ورئيس البلاد الباجي قائد السبسي، خاصة بعد مطالبات بإقالة الشاهد في ظل تعدد الأزمات التي تشهدها البلاد، لكن يبدو أن الأخير قرر خوض معركة ضد النظام. البداية كانت من خلال دعوة الرئيس الباجي قائد السبسي لرئيس الحكومة بالتنحي من منصبه، إلا أن الأخير رفض الامتثال للقرار أو التفكير في تغيير الحكومة أيضًا. "الشاهد" علل موقفه الحازم ضد قرار السبسي، بوجود تداعيات خطيرة، يمكن أن تنتج عن تغيير الحكومة في هذه المرحلة التي تحتاج فيها تونس إلى الاستقرار السياسي، خاصة على اقتصاد البلاد والتزاماتها مع شركائها في الخارج، مبديا استعداده للذهاب إلى البرلمان لإعادة نيل ثقته، حسب وكالة تونس للأنباء. فتغيير الحكومة يجب أن يضع التزامات الدولة ومصالحها في الميزان، ولا يجعل الثقة تهتز من جديد مع شركاء تونس الدوليين، ويجب أن يُأخذ بعين الاعتبار أولويات الفترة القادمة، وأن الحديث عن تغيير الحكومة فيه مخاطر على الاقتصاد التونسي وعلى الوضع العام ككل، وفقا لرئيس الحكومة. كان الرئيس الباجي قائد السبسي، دعا مطلع هذا الشهر، رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إلى الاستقالة من منصبه أو اللجوء إلى البرلمان لإعادة تجديد الثقة في حكومته، إذا استمرت الأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد. اقرأ أيضًا: إجراءات النقد الدولي في تونس.. نهضة اقتصادية أم انتكاسة طاحنة؟ لكن الشاهد دافع عن حصيلة عمل فريقه الحكومي، وأكد أنه لا يتحمل مسؤولية الأزمة التي تعيش فيها البلاد التي جاءت نتيجة تراكمات سلبية موروثة، موضحًا أن الوضع الأمني لم يكن على ما يرام والنمو كان غائبًا، وعجز ميزانية الدولة كان يتجاوز 7% عند بدء الحكومة في مهامها، ومع ذلك استطاعت تحقيق تحسن نسبي في عدة قطاعات، حسب "عاجل" السعودية. وتعيش تونس وضعًا اقتصاديًا صعبًا، زاد من تفاقمه، التجاذبات السياسية بين الحكومة المدعومة من حركة النهضة، ومعارضيها الذين يطالبون بتغييرها، ويتقدمهم حزب نداء تونس الحاكم، والذي نتج عنه تعطل الحوار بين الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد حول البرنامج السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد خلال الفترة المقبلة. صحيفة "جون أفريك" الفرنسية نشرت تقريرًا سلطت من خلاله الضوء على التوترات بين رئاسة الحكومة ورئاسة الدولة في تونس، وعمقت الأزمة التي تعيشها الطبقة السياسية في البلاد. وقالت الصحيفة في تقريرها: إن "الأمور ليست على ما يُرام بين قصر قرطاج والقصبة، ومن الآن فصاعدًا، تطورت الأزمة التي يعيشها أعلى هرم السلطة في البلاد، مما جعلها تنتقل إلى الساحة العامة التونسية". اقرأ أيضًا: لماذا تخلى «السبسي» عن رئيس الحكومة التونسية؟ وبعد أشهر من اندلاع الأزمة، خرج الباجي قائد السبسي عن صمته ليُلقي خطابًا، أثار ضجة واسعة، وعلى الرغم من أنه لم يُشر بشكل صريح إلى رئيس حكومته، إلا أن الطريقة التي صاغ بها السبسي جملته أكدت أنه يتحدث عن رئيس حكومته. ففي غضون سنتين تقريبا قضاهما على رأس الحكومة في القصبة، ارتكب الشاهد أخطاء فادحة، بل سارع في انتقاد قانون طرحه الرئيس للمصالحة الاقتصادية من أجل إعادة تحريك العجلة الاقتصادية وطمأنة رجال الأعمال بشأن عدم تعرضهم لملاحقات قضائية. علاوة على ذلك، يعارض الشاهد، دون الإعلان رسميًا عن ذلك، المشروع الرئاسي المتعلق بالإصلاحات في مجال المساواة والحريات الفردية، حسب الصحيفة. أما الأمر الذي أثار أزمة كبرى، فهو أن رئيس الحكومة يتجاهل وثيقة قرطاج، التي روج لها الباجي قائد السبسي في شهر أبريل 2018. اقرأ أيضًا: إقالة وزير الداخلية التونسي.. هدية رئيس الحكومة لحركة النهضة ومن المفترض أن تحدد هذه الوثيقة خارطة طريق السلطة التنفيذية، فضلًا عن ذلك، يثير سعي الشاهد إلى الحصول على دعم النهضة لتجنب إقالته من رئاسة الحكومة التي تُطالب بها قيادة نداء تونس، غضب رئيس الدولة، ويبدو أن هذا الدعم يوحي للسبسي بخيانة الشاهد لأسرته السياسية، وفقا للصحيفة السعودية. فبالنسبة لرئيس الدولة، تُعتبر المناورة السياسية التي يقوم بها الشاهد غير مقبولة، كونها تخلق أزمة سياسية حادة على رأس أعلى سلطات البلاد. على جانب آخر، هاجم الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، رئيس الوزراء يوسف الشاهد، مؤكدا أن حكومته لن يُكتب لها النجاح، وأنه ليس مؤهلا لحكم تونس طالما أنه خاضع لابتزاز الأحزاب وتأثيرها. وأضاف الطبوبي أن الوضع في تونس من سيئ إلى أسوء نتيجة الخيارات السياسية الخاطئة، معتبرًا أن السيادة الوطنية باتت مفقودة بسبب من يلهثون للتقرب من سفراء الاتحاد الأوروبي والسفراء الأجانب. خلاصة القول أنه كان حريًا بمن يحكمون تونس أن يجلبوا أموالًا من الاقتصاد الموازي الذي يسيطر على أكثر من نصف ميزانية تونس بدل التفكير في بيعها وخصخصة مؤسساتها.