كانت الأيام الماضية فرصة لقراءة رسائل السادة القراء، وهذه الرسائل هى وقود أو زيت يضىء عالم الكاتب ويشعل قلمه، فالمتلقى -أو القارئ هنا- هو المخاطب وهو المسرود له، والتلقى صار علما قائما بذاته فى الأدبيات النقدية الحديثة، القراءة هى كتابة أخرى.. ولأن كاتب هذه السطور يؤمن إيمانا عميقا بتعددية الأصوات، وهى تعددية تثرى الأفكار وتخصب الرؤى، وتعمق الطرح، وتتشارك فيها الخطوط وتتلاقى فيها الخيوط، وبالتالى فإن القارئ جانى الحصاد، وهو المرجو من كل كتابة ومن كل أطروحة إعلامية صحفية كانت أم مرئية أم مسموعة. أدعوكم لقراءة وسماع صوت القراء وتداول آرائهم كما هى بأسلوبياتهم وأفكارهم وعفويتها وتلقائياتها. الرسالة الأولى: تعقيبا على سلسلة المقالات التى نشرتها هنا بعنوان (المصباح النسائى فى 15 حلقة) وصلتنى رسالة طريفة، فى هذه الرسالة مفارقتان، الأولى أنها من سيدة قرأت للمفكر د.إبراهيم الفقى سؤالا: كيف يسعد الرجل زوجته وكيف تسعد المرأة زوجها؟ أما الإجابة فإنها فى منظور د.الفقى فتطالب الرجل أن يتحلى ب(50 صفة) لكى يسعد زوجته(!!) فى حين يطالبها بشىء واحد فقط لا غيره حتى تسعد زوجها(!!) (أرأيتم العدل والعدالة). نبدأ ب«كيف يسعد الرجل زوجته؟».. على الرجل أن يكون لها: (صديق، رفيق، حبيب، أخ، أب، سيد، رئيس، كهربائى، نجار، سباك، ميكانيكى، مصمم ديكور، صاحب أسلوب، طبيب نفسى، مبيد حشرات، طبيب معالج، مستمع، مرتب، نظيف جدا، عاطفى، رياضى، رومانسى، يقظ ومتنبه، أنيق، ذكى، مرح، مبدع، حساس، شاعر، يتفهم، يتحمل، متعقل، طموح، قادر ومؤهل، شجاع، مصمم، صادق، يعتمد عليه، يمدحها بانتظام، يحب التسوق، محترم، غنى جدا، لا يرفع ضغطها، لا ينظر لغيرها من النساء، ينتقد المعددين للزوجات، يحب تغيير الأثاث، يحب السفر والسياحة مع زوجته، كريم، غيور، قوى).. أما كيف تسعد المرأة الرجل؟ (بس تتركه فى حاله وجزاها الله خيرا).(!!!) الرسالة الثانية: من وحى حالات المشاهدة الرمضانية -ونهارات وليالى رمضان بريئة من الاقتران بين رمضان والمسلسلات- يقول القارئ الكريم «محمد عزت، الفيوم»: حينما تعلم أن سعر الإعلان الذى تشاهده على إحدى القنوات العربية فى رمضان والذى لا يستغرق أكثر من ثلاثين ثانية يكلف الشركة المعلنة 150 مليون جنيه، نعم 150 وأمامها ستة أصفار، بينما تكلفته على القنوات المحلية تبلغ 120 مليون جنيه وتنزل القيمة إلى 80 مليونا على قنوات أخرى.. حينما تعلم ذلك ربما (وفى الغالب) ستندهش وتهز رأسك غير مصدق، ولكنك ستصدق وتبتلع دهشتك ومعها قرص أسبرين. وهو يبدأ رسالته بهذه الأرقام تمهيدا لقوله: بلغت قيمة تبرعات المصريين فى رمضان من العام الماضى أربعة ونصف مليار جنيه، ومرة أخرى أقول لك نعم أربعة ونصف وأمامها تسعة أصفار كاملة. (تورتة) كبيرة وضخمة تنافس وتقاتل وتهافت عليها الضباع المسعورة مستغلة طيبة وحب الناس لفعل الخير ومستغلة أكثر ضعف الثقافة الجمعية لدى عموم المصريين، فترى إعلانات تستدر الدموع وتوجع القلوب وتشعرك أن المصرى بات واحدا من أربعة، مريض بالسرطان، فقير جائع أو متشرد بلا مأوى، ورابع هو أنت الذى سيتبرع لكل هؤلاء. فى العام الماضى تبرعت 15.8 مليون أسرة من أصل 18.4 مليون أسرة مصرية أى بنسبة 86 بالمائة بالمبلغ المذكور أعلاه (4.5 مليار جنيه). تبقى هذه الدلالة من صاحب الرسالة.... وهذا العام تشير التوقعات إلى زيادة التبرعات بنسبة تصل إلى النصف تقريبا أى نحو سبعة مليارات جنيه. ما تتبرع به عبر الرسائل التليفونية يستقطع منه 55 بالمائة لصالح شركة الهاتف ولصالح القناة صاحبة الإعلان ولصالح الجمعية الخيرية والعاملين عليها، ولا يصل لمستحقيه سوى 45 فى المائة فقط مما دفعت، إذا لماذا نتورط ونستغل بهذه الطريقة وندفع لهؤلاء الضباع ما قيمته 2.5 مليار جنيه العام الماضى ونحو أربعة مليارات هذا العام؟ قليل من الوعى يفوت الفرصة على شبكة فساد واستغلال هائلة يتشارك فيها الإعلام والاتصالات ومؤسسات دينية... لذلك لم أندهش من محاولة رئيس إحدى الجمعيات حين سارع وبادر لنفى تصريحه الذى أعلن فيه على الملأ خلو مصر من الفقراء والمعوزين... حتى يضمن استمرار تدفق التبرعات وديمومة (السبوبة)!!