وكريم ربيع: لم يمر سوى شهرين على تساؤل أهالي جزيرة الوراق، عن قرار مجلس الوزراء باعتماد تبعية الجزيرة لهيئة المجتمعات العمرانية، بينما ينتطرون إجابة عن كيف سيكون وضعهم من هذا القرار، لم يعرهم أحد من المسؤولين أي اهتمام لطمأنتهم -على حد قول الأهالي- ليصطدموا مع ساعات صباح أول من أمس، بنشر قرار نقل تبعية جزيرة الوراق لهيئة المجتمعات العمرانية في الجريدة الرسمية ليصبح قرارا نافذا. الوراق تتبع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ونص القرار، حسب ما جاء بالجريدة الرسمية، على إصدار المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، قرارًا بإنشاء مجتمع عمراني جديد على أراضي جزيرة «الوراق» يتبع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. ووفقًا للقرار، تمارس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في المنطقة المشار إليها كل الاختصاصات المخولة لها على أراضي المجتمعات العمرانية الجديدة، وفقا لأحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 بشأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، على أن تسلم كل الجهات الحكومية ذات الولاية على بعض الأراضي بالمنطقة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة كل المستندات الموجودة بحوزتها والمتعلقة بتلك الأراضي، بما فيها تلك المثبتة لأي تعاملات تمت على أجزاء منها أيا كان غرضها، سواء كان التعامل لجمعيات أو أفراد أو شركات وذلك خلال شهر على الأكثر. وتشهد جزيرة الوراق حالة غضب بين السكان تجاه الحكومة، منذ يوليو من العام الماضي، بعد محاولة إخلاء عدد من المباني بالجزيرة دون إنذار للأهالي، مما نتج عنه وقوع اشتباكات بين الشرطة والأهالي، ووقوع حالة وفاة جراء تلك الأحداث. لن يجبر أحد على ترك أرضه وللحد من هذا التناحر، حاول اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، تهدئة الموقف وقتها، لطمأنة الأهالي، وأنه لن يضار أحد ولن يجبر أحد على ترك أرضه وفقًا لتكليفات من رئيس الجمهورية بحل الأزمة. أهالي الوراق باتوا يخاطبون أنفسهم، في ظل حالة الغموض حول مستقبل الجزيرة، آملين معرفة ماذا يحمل الغد لهم من مصير مجهول، لا يعلمه سوى متخذ القرار، والذي يحجب الإجابة عن مصير سكان جزيرة الوراق، ويريد أن يفاجئهم، حسب ما قاله الشيخ ناصر أبو العينين، أحد سكان الجزيزة. إزاي يعملوا تطوير لأرضنا من غير ما نعرف «إحنا ملاك الأرض.. وإزاي يعملوا أي تطوير لأرضنا من غير ما نعرف»، حديث بالعامية مصحوب بنبرة غاضبة، تحدث به أبو العينين ل«التحرير»، وواصل: "سكان الجزيرة في قلق مستمر، وزاد القلق في نفوسهم بعد نشر قرار مجلس الوزراء أول من أمس بالجريدة الرسمية، لتبعية جزيرة الوراق لهيئة المجتمعات العمرانية. وتعد جزيرة الوراق، كبرى جزر نهر النيل فى مصر، ومساحتها قرابة ال1400 فدان، ويقطنها قرابة ال180 ألف نسمة، وتتبع حي الوراق التابع لمحافظة الجيزة، ويحدها من الشمال محافظة القليوبية، ومن الشرق القاهرة. 80% من أهل الجزيرة يقطنون منازل لا تتعدى مساحتها ال60 وال70 مترا، ولن يرضوا بأي تعويضات، والتي كما نمى لمسامعهم 200 ألف جنيه، والتي لا تكفي لشراء شقة صغيرة حاليا، فكيف يكون تعويض بيت مكون من 3 أو 4 أدوار ويحوي 3 أو 4 أسر ب200 ألف جنيه، منوها بأن الأهالي لن تغادر الأرض، والأفضل لهم أن يموتوا داخل منازلهم بالجزيرة، يقول أبو العينين. لم يكتف أبو العينين بذلك بل أضاف أن أهالي الجزيرة بحوزتهم عقود ملكية من الآباء والأجداد، بخلاف حوزتهم على عقود ملكية باللغتين الإنجليزية والفرنسية، لتؤكد ملكيتهم دون شك للأراضي، فحالهم ليس كحال سكان مثلث ماسبيرو، على سبيل المثال، والذين أخرجتهم الدولة من محل سكنهم، لأن الأرض مملوكة للدولة. لم يحضر أي مسؤول للحديث معهم «التحرير» انتقلت للحديث مع الحاج محمد حسين، أحد أعضاء مجلس كبار عائلات جزيرة الوراق -تم تشكيله منذ قرابة ال5 أشهر ليكون أداة التواصل نيابة عن الأهالي مع أي من ممثلي الحكومة- حيث استهل حديثه، بأنه منذ تشكيل مجلس كبار العائلات، وصدور قرار مجلس الوزراء بضم الجزيرة لهيئة المجتمعات العمرانية، إبريل الماضي، لم يحضر أي مسؤول للحديث معهم أو لطمأنتهم فيما يخص الوضع المستقبلي لهم وللجزيرة أيضًا. لم يوار حسين خوفه من قرار مجلس الوزراء، كون معنى هذا القرار هو إجبار الأهالي على ترك الجزيرة، والتطوير من قبل الهيئة كما هو متعارف عليه في المشاريع التي تنفذها، يعتمد على الإزالة وإعادة البناء، وإذا أرادت الدولة تطوير الجزيرة، فعليها أن تطور الجزيرة وسكان الجزيرة بداخلها دون نقلهم إلى أى مكان آخر، لأنهم لن يتركوا أماكنهم أمام أي تعويضات تقرها الدولة لترك الجزيرة، معربًا عن أن الأهالي في حالة تخوف شديد بعد هذا القرار. وشدد حسين في ختام حديثه، على أنه سيتم عقد لقاء مع مجلس عائلات جزيرة الوراق، خلال الأيام القليلة المقبلة، لبحث قرار رئيس الوزراء، ثم عقْد مؤتمر صحفي للإعلان عما سيتم اتخاذه ردا على قرار الحكومة. تعديل قانون المجتمعات العمرانية لضم جزيرة الوراق فريق من شباب المحامين بجزيرة الوراق، تطوعوا للطعن على قرار مجلس الوزراء، كون اختصاصات هيئة المجتمعات العمرانية في الأساس تعمير المناطق الصحراوية، حسب ما يوضحه المحامي محمد عبد الجليل. عبد الجليل لم يجزم في تصريحه ل«التحرير» بأن الطعن سيكون سندا قويا لردع أو وقف قرار مجلس الوزراء، مستشهدًا بتعديل قانون هيئة المجتعات العمرانية في يناير الماضي، والذي توقع أنه تم تعديله من أجل جزيرة الوراق خصيصًا، والذي يقضي بأحقية الهيئة في تطوير ونزع الملكية من المناطق القائمة سلفًا والزراعية- كما هو حال جزيرة الوراق باعتبارها منطقة زراعية- حيث يحق للهيئة نزع الملكية من الأهالي لتطوير الجزيرة حسب تعديلات القانون الأخيرة. قرار مجلس الوزراء لم يصل المجتمعات العمرانية هيئة المجتمعات العمرانية كان لها رد على هذا القرار، وجاء عبر المهندس عبد المطلب ممدوح عمارة، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لقطاع التنمية وتطوير المدن، وقال: فور وصول القرار من مجلس الوزراء، سيتم بحثه جيدًا، وبناءً عليه تحديد المتطلبات المترتبة عليه، فهل سيكون ذلك المجتمع العمراني الذي سيتم إنشاؤه، مدينة مستقلة بذاتها، يتم تشكيل هيكل إداري لجهاز المدينة، أم سيكون لهذا المجتمع العمراني شكل إداري آخر؟ وأوضح عبد المطلب ل«التحرير» أن قرار مجلس الوزراء لم يصل له حتى الآن، متوقعًا وروده خلال الأيام القليلة المقبلة، يبدأ مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة- التابع لوزارة الإسكان-، بعدها في رسم الملامح النهائية لأطر تنفيذ القرار، ووضع المخطط العام للمجتمع العمراني الجديد، وما يلزمه من نزع ملكية بعض المساحات من الأراضي.