19 مليون دولار من المعونة الأمريكية لخفض معدلات الإنجاب عند المصريين خطة الحكومة تستهدف خفض معدل الإنجاب من 2.7 مليون مولود وصولا إلى 1.8 فقط في 2030 مع انخفاض معدل الخصوبة العالمية، تحولت مخاوف الزيادة السكانية من العالمية إلى الإقليمية، وإذا استمرت بعض المناطق في تكوين عائلات كبيرة، فسوف تتخطى في نهاية المطاف المناطق ذات النمو السكاني المحدود، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل الخصوبة الكلي العام. "لدينا خطة لخفض معدلات الإنجاب إلى 110 ملايين نسمة بحلول عام 2030 من خلال التنمية المستدامة التى وضعها الرئيس عبد الفتاح السيسي".. هكذا أعلن الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة عن ملامح الخطة الجديدة لتنظيم الأسرة التي خصصت لها الوزارة نحو 116 مليون جنيه. لم يكن هذا هو التصريح الأول الذى أطلقته الحكومة خلال السنوات الماضية، بشأن خفض معدلات الإنجاب لدى المصريات، بل سبقه أيضًا تصريح تليفزيونى آخر مماثل فى 27 سبتمبر الماضى لوزيرة التضامن الاجتماعى غادة والى، والتى تبنت حملة "كفاية 2" لخفض النمو السكانى المتصاعد. وأكدت والى في لقائها مع برنامج (90 دقيقة) على فضائية المحور أن هناك نحو 1.4 امرأة غالبيتهن فى الصعيد أعمارهن أقل من 35 عامًا، ولديهن من طفل إلى 3 أطفال، وفى حالة خصوبة ممتدة لأكثر من 10 سنوات، لافتة إلى أن نسبة الخصوبة فى محافظات الصعيد في ازدياد، وتعد الأعلى فى مصر وسنحاول تعطيل ذلك من خلال بعض البرامج لخفض معدلات الإنجاب. وتهدف خطة الحكومة إلى تحسين الخصائص الديموغرافية للسكان عبر زيادة وسائل التوعية في مجالات الصحة والتعليم وسوق العمل، ومن بين محاورها خفض معدل المواليد السنوى البالغ حاليًا 2.9 مليون طفل، حسب مسح جغرافى أجرى فى 2014، إلى 2.4 مولود، وصولا إلى 1.8 مليون مولود فقط فى العام قبل حلول 2030، وزيادة استخدام وسائل تنظيم الأسرة من 59% فى 2014 إلى 71% فى العام ذاته. دعم أمريكي خطة وزارة الصحة جاءت بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية التى خصصت لتنفيذ ذلك البرنامج نحو 19 مليون دولار ضمن برنامج المعونة الأمريكية، وذلك لخفض معدلات الخصوبة فى 9 محافظات مصرية، غالبيتها بصعيد مصر، ومناطق متفرقة بالقاهرة والإسكندرية خلال 5 سنوات. وخلال فعاليات إطلاق تعزيز برنامج تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، أعلنت الدكتورة شيرى كارلين، مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فى مصر عن خطتهم فى ذلك صراحة: «نحن نعلم حجم التأثير الهائل الذى أحدثته مشروعات الوكالة الأمريكية فى مجال تنظيم الأسرة فى السنوات الماضية، نحن مستعدون مرة أخرى لنكون جزءًا من الحل لمجابهة النمو السريع فى معدل الخصوبة فى مصر». وعلى مدار 4 عقود كاملة كان للمعونة الأمريكية دور كبير فى تحديد النسل لدى جموع المصريين الذين تجاوز تعدادهم 104 ملايين نسمة وفقًا لإحصاء الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الصادر عام 2017، حيث تم إنفاق قرابة 30 مليار دولار استثمرتها السلطات الأمريكية خلال تلك الفترة، وتحديدًا منذ عام 1978 من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وما زالت نسبة الخصوبة فى تزايد، حيث تبلغ 3.5 مولود لكل سيدة فى الفئة العمرية ما بين (15 و49 سنة) فى حين أن النسبة العالمية 2.5 مولود. تزايد الإنجاب "بعض من أكثر التنبؤات الخاطئة إثارة في التاريخ قام بها أولئك الذين يدّعون أن الزيادة السكانية ستغرق الكوكب".. عبارات قالها عالم الاقتصاد الأمريكي توماس مالثوس في أواخر القرن الثامن عشر وفي عام 1968، كتب عالم الأحياء في جامعة ستانفورد، بول إيرليك ، مقالًا بعنوان "القنبلة السكانية"، محذراً من أن النمو السكاني بلا ضابط سيؤدي إلى مجاعة جماعية في السبعينيات. ووفقًا لما نشرته وكالة "بلومبرج" الاقتصادية الأمريكية فإن تقديرات البنك الدولي لمعدلات الخصوبة الكلية تتصاعد وتحول القلق الآن إلى إفريقيا وتحديدًا في جنوب الصحراء الكبرى مع معدل خصوبة يبلغ نحو خمس ولادات لكل امرأة، فهي المنطقة الوحيدة في العالم التي لم تقم بعد بالقفز إلى عائلات صغيرة. الرسم البيانى السابق يوضح ماذا جرى على مدى السنوات الماضية (الخط المستعرض أسفل الرسم) منذ 1960 حتى عام 2015، والخط العمودى على اليمين يوضح متوسط عدد الأطفال لكل سيدة (معدل الإنجاب). ثلاث دول، إيران (الخط اللبني) والسعودية (الرمادي) وبنجلاديش (الأسود) حققت نجاحا ملحوظا فى خفض معدل الإنجاب، ولكن الانخفاض فى إيران وصل لمستويات أثارت قلق الساسة والخبراء هناك، لأنهم اقتربوا من طفل واحد لكل سيدة يعنى كل اثنتين تنجبان طفلا واحدا، وهذا للعلم، حدث بدون حوافز سلبية أو إيجابية. البلد الوحيد الذى ارتفع به معدل الإنجاب، بعد انخفاض استمر نصف قرن هو مصر (الخط الأخضر)، ارتفع، فى عام 2014، إلى 3.5 طفل لكل سيدة، أو 35 طفلا لكل 10 سيدات، وحتى تتخيل الوضع، مصر حققت هذه النسبة عام 2000، أى أن القفزة كانت من نحو 15 سنة تقريبا للخلف. هناك حاجة إلى عنصر آخر، معدلات خصوبة أقل لإنقاذ المواطنين من خطر التضخم السكاني، يجب أن يكون لدى البشر عدد أقل من الأطفال. العائلة الكبيرة ولا يزال المصريون يميلون إلى أن يكون لديهم عائلات كبيرة، مع كل امرأة تحمل في المتوسط خمسة أطفال على مدى حياتها، إن معدل الخصوبة الإجمالي هو مجرد تقدير، استنادا إلى عدد الأطفال الذين يتم إنجابهم وعندما يكون المعدل أقل من 2.1 تقريبًا، فهذا يعني أن إجمالي السكان سوف يستقر وينخفض في النهاية. يقترب العالم الآن من هذا المستوى المثالي، بفضل ظاهرة تعرف باسم انتقال الخصوبة، حيث ينخفض معدل الخصوبة الإجمالي من مستوى عال يبلغ نحو ستة أو سبعة أطفال إلى اثنين أو أقل وعندما تصبح الأسر الأصغر سناً في بلد أو منطقة، فنادرا ما تعود إلى الوراء. 5000 دولار سنويًا تقول الدراسات إن هناك ارتباطا قويا بين الخصوبة ومستويات الدخل، وبمجرد أن يمر بلد ما بنحو 5000 دولار في الناتج المحلي الإجمالي السنوي للفرد، فإنه لا يوجد لديه معدل خصوبة مرتفع تقريبًا والنمو السريع في عدد من البلدان الإفريقية يعني أن هذا المستوى سيكون في متناول اليد في غضون بضعة عقود. يبدو أن التحول يحدث أسرع بكثير مما كان عليه في الماضي، فقد تطلب الأمر أكثر من 95 عاما في المملكة المتحدة لكي تنخفض معدلات الخصوبة من ستة أطفال لكل امرأة إلى ثلاثة فقط، لكن الأمر استغرق في بوتسوانا 24 عامًا فقط، وبنجلاديش 20 وإيران 10 فقط. وتجدر الإشارة إلى أن انخفاض معدلات الخصوبة لن ينزع فتيل القنبلة السكانية على الفور فلا يزال عدد الأشخاص في دول عدّة يرتفع لعدة سنوات بعد أن يتوقف الشباب عن امتلاك الكثير من الأطفال، وهي ظاهرة تعرف باسم الزخم السكاني، وبالتالي تواصل الأممالمتحدة توقعاتها أن عدد سكان العالم سيرتفع من نحو 7.6 مليار نسمة اليوم إلى أكثر من 11 مليار بحلول نهاية القرن الجاري. المعدل المثالي وأعلن الدكتور طارق توفيق، نائب وزير الصحة لشئون السكان أنهم اختاروا الحل الأنسب لمواجهة الزيادة السكانية، التي تهدد بنسف كل خطط التنمية وسيبدأون بخفض معدلات الإنجاب عبر اتباع سلسلة من الخطوات الضرورية، خاصة بعد تضاعف أعدادهن 3 مرات منذ عام 1960 حتى الآن. وأضاف أن أكبر زيادة سكانية كانت فى 2014، وانخفض عدد السكان تدريجيًا بمعدل 88 ألف مولود خلال العام الماضى من بينهم 34% شباب وعدد المواليد في العام الجاري2.7 مليون طفل سنويًا تسعى الدولة إلى خفض أعدادهم من أجل تحقيق النمو الاقتصادي وحسب الخطة الاستراتيجية 2030 من المفترض وصولهم إلى 1.8 مليون مولود وهو المعدل السكاني المثالي طبقًا للاستراتيجية القومية للسكان، والمعدل العالمي 2.5 وإذا اتبعنا تلك الإجراءات سيصل معدل النمو السكاني إلى 2.2 أو 2.1 مليون في وقت قياسي. 116 مليون جنيه دعما وأوضح توفيق ل"التحرير" أن الوزارة تقوم بحملات توعية في كل محافظات الجمهورية، وهي مرتبطة بحملات خدمية في مجال تنظيم الأسرة والخدمات الطبية في بعض المناطق البعيدة والفقيرة من أجل توفير وسائل تنظيم الأسرة للجميع وخصصت لدعم برنامج تنظيم الأسرة مبلغ 116 مليون جنيه. كما أن الدولة تهدف من خلال ذلك إلى إحداث التوازن بين معدلات المواليد المرتفعة والنمو الاقتصادي للدولة، والخطة الجديدة تسعى لخفض عدد المواليد حتى تكون هناك فرصة أكبر للاستثمار في التعليم والصحة ويكون لدينا خصائص اجتماعية إلى حد ما عالية وكل مؤشراتنا مرتبطة بالتنمية المستدامة. حملة دعائية وتشمل خطة الحكومة حملة دعائية واسعة لتغيير ما سمته "الممارسات الثقافة والمعرفية الأقوى من القانون"، ونشر الثقافة والتوعية من خلال عدد من الشباب المتطوعين أو من المكلفين بالخدمة المدنية، معتمدة على إتاحة وسائل تنظيم الأسرة بالوحدات الصحية وتطوير الخدمة بها وتشغيل السيدات ببعض المشروعات الصغيرة، لشغل المرأة عن الإنجاب، وتنظيم قوافل طبية للقرى والنجوع والكفور لمواجهة هذه المشكلة. قبل سنوات طويلة، اعتقد الكثيرون أن الثقافة الإسلامية والمفاهيم الدينية الخاطئة، مع تركيزها على الأدوار التقليدية للجنسين، من شأنها أن تحد من انتقال الخصوبة، لكن كانت المفاجأة أن معدلات الخصوبة تراجعت في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، حيث أكملت كل من إيران والمملكة العربية السعودية وبنجلاديش وإندونيسيا تحولات الخصوبة في الغالب، في حين أن مصر وباكستان في طريقهما إلى ذلك. كما تم التعاقد على شراء 50 ألف عبوة متنوعة من وسيلة الأقراص الموضعية تمثل إضافة جديدة لعيادات تنظيم الأسرة بوزارة الصحة، مثل كبسولة "امبلانون نكست" الحديثة، والحقن الشهرية "ميزوسيبت"، وحقن "كونترا بلان 2" لمنع الحمل، ومن الوسائل طويلة المفعول "اللولب النحاسي"، وتم توريد نصف الكمية، وتوزيعها عبر فروع الشركة المصرية لتجارة الأدوية بالمحافظات، وأن تلك الأقراص مدعمة بسعر 1.5 جنيه للشريط. ومن جانبه أعلن الدكتور محمد وفيق رفعت، رئيس مجلس إدارة المؤسسة العلاجية السابق عن توجه وزارة الصحة في السنوات الأخيرة إلى الشو الإعلامي أكثر من اهتمامها بالناحية الطبية، مما يؤثر على تقديم الخدمة الصحية الجيدة للمواطنين في مختلف المنشآت الصحية.