أزمات اقتصادية متلاحقة وسياسة عدائية اتسمت بها فترة حكم رئيس جنوب السودان سلفا كير، حيث بدأ فترة رئاسته بحرب أهلية مع الشمال، أودت بحياة الآلاف، وتسببت في مجاعة 100 ألف شخص. أمس، ألغت حكومة جنوب السودان الدعم للوقود بعدما لم تستفد منه الفئات التي تستحقه، وهو ما يهدد بمزيد من الارتفاع في أسعار المحروقات وسط تضخم مستفحل بالفعل. ويشكل النفط نحو 98% من إيرادات صادرات البلاد، لكن احتياطيات العملة الصعبة تآكلت بفعل هبوط في أسعار النفط والإنتاج منذ الحرب الأهلية التي تفجرت في 2013، حسب "سودان تريبيون". ليلي ألبينو أكول نائبة وزير الإعلام للصحفيين قالت "مجلس الوزراء لاحظ واعترف بأن مواطني جنوب السودان يعانون بالفعل، وأن تخفيف الأعباء الاقتصادية لمعظم مواطنينا الذي كان يستهدفه دعم الوقود، لا يحدث". وأضافت: "رفع دعم الوقود سيبدأ على الفور.. وزيرا المالية والبترول وأيضًا (شركة نايلبت) صدرت إليهم توجيهات للبدء في رفع دعم الوقود بأثر فوري". اقرأ أيضًا: تمرد جديد في جنوب السودان.. ومخاوف من انفصال الإقليم الاستوائي ويبلغ سعر لتر البنزين حاليًا 290 جنيها ما يعادل 0.97 دولار أمريكي، بينما يبلغ سعر لتر الديزل 280 جنيها في محطات الوقود التي يشغلها القطاع الخاص. ووفقًا لتقديرات الميزانية للسنة المالية 2017، 2018، فإن نايلبت خصصت 183 مليون دولار لاستيراد الوقود المدعوم للاستهلاك المحلي. كان وزير المالية السابق ستيفن ديو داو قد اقترح رفع الدعم لتوفير أموال لنفقات أخرى للحكومة بما في ذلك دفع الرواتب، حسب مركز الخرطوم للإعلام. واندلع الصراع في العاصمة جوبا وأثر لفترة قصيرة على بعض حقول النفط مما دفع إلى خفض الإنتاج بنسبة طفيفة، غير أن هذا المحرك الرئيسي للاقتصاد لم يتأثر إلى حد بعيد. وسرعان ما امتد القتال بين أنصار الرئيس سلفا كير وأنصار نائبه ريك مشار الذي أقاله في يوليو، بأنحاء جنوب السودان الذي انفصل عن السودان في عام 2011. في المقابل، قالت الرئاسة في جنوب السودان: إن "الرئيس سلفا كير قام بإقالة محافظ البنك المركزي في البلاد، بعد فشله في كبح جماح أسعار المستهلكين التي تضاعفت ثلاث مرات في العام الماضي". اقرأ أيضًا: «التوازن البيئي وسلسال الدم».. أمريكا تنتقم من جنوب السودان وأوضحت الرئاسة أن رئيس جنوب السودان عين "ديور تونج نجور" نائب المحافظ السابق ليشغل منصب محافظ المركزي بدلاً من عثمان راجو أجاك، كما عُين "ألبينو داك أوتو" في منصب نائب محافظ البنك، نقلاً عن شبكة "بلومبرج". ويكافح "سلفا كير" من أجل استقرار الاقتصاد الذي انكمش خلال السنوات الثلاث الماضية، ومن المتوقع أن يتضاعف التضخم بأكثر من الضعف خلال العامين الجاري والمقبل، وفقًا لصندوق النقد الدولي. وحسب صندوق النقد، فقد انخفضت عملة جنوب السودان بنحو 50% لتصل إلى 300 جنيه لكل دولار مقابل 150 جنيها سودانيا عندما تم تعيين "أجاك" في يناير عام 2017. وتابع صندوق النقد: "على ضوء الصعوبات في جنوب السودان، فإن احتياطي النقد الأجنبي يُقدر ب6 إلى 8 أشهر من الواردات"، مشيرا إلى أن التراجع الحاد في احتياطي النقد يعد من ضمن نقاط الضعف الحرجة العديدة التي تهدد الاستقرار الاقتصادي للبلاد. توصيات للإصلاح قال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في واشنطن: إن "سعر الصرف الرسمي للجنيه الجنوب سوداني مقابل الدولار الأمريكي غير واقعي، وينبغي تعديله للمساعدة في استعادة احتياطي النقد الذي تراجع". وأوصى المسؤولون التنفيذيون بصندوق النقد الدولي "بأن توحيد سعر الصرف سوف يقلل من عدم التوازن المالي بشكل كبير ويقطع الطريق أمام الفساد، وتعديل سعر الصرف إلى مستوى واقعي من شأنه أن يساعد أيضًا في وقف تراجع احتياطي النقد الأجنبي". اقرأ أيضًا: انتهاكات جنوب السودان.. نساء جوبا في مصيدة «الأممالمتحدة» لكن يبدو أن جنوب السودان لم يستمع إلى نصيحة صندوق النقد الدولي، وقرر محافظ البنك المركزي الإبقاء على سعر الصرف عند نفس المستوى، ليرتفع سعر الصرف بالسوق السوداء بشكل حاد. الأزمة التي يشهدها جنوب السودان تنذر بكارثة وعواقب كبيرة قد تطيح بالرئيس الحالي سلفا كير، وذلك مع اقتراب سجال الانتخابات، خاصة بعد تحذير مكتب الإحصاء الوطني المحلي من أن 40% من السكان سيعانون من الجوع هذا العام حتى قبل دخول موسم الجفاف. وتأكيدًا على ذلك، أفاد مسح لمجموعة متخصصة تضم مسؤولين من جنوب السودان والأممالمتحدة، بأن المجاعة ستهدد البلاد من جديد خلال أشهر، مع احتمال أن يواجه 155 ألف شخص وضعًا كارثيًا بين مايو ويوليو من العام الجاري، حسب إرم نيوز. وقال المسح: إن "5.3 مليون، أي 48% من السكان، يعانون أزمة أو وضعًا طارئًا، وهما المرحلتان الثالثة والرابعة على مقياس من خمس نقاط، وقد يصل 155 ألفًا إلى المرحلة الخامسة وهي المجاعة في وقت لاحق من هذا العام".