سامية جمال.. فراشة الشاشة، وإحدى فضلى راقصات مصر في القرن الماضي، والتي لم يكن في خيالها وهي صغيرة أنها سترقص في يوم ما في قصر عابدين أمام ملك مصر والسودان، أو أنها ستأسر عيون كثيرين برشاقتها وخفة حركتها اللتين احتفظت بهما حتى بعد تقدمها فى السن مما ساعدها على العودة إلى ممارسة الرقص بعد الاعتزال مدة 15 عامًا، حيث استطاعت أن تتخذ لنفسها أسلوبًا خاصا في الرقص وفي حياتها أيضًا، مما أدخلها إلى عالم الشهرة والنجومية من أوسع أبوابه. هي زينب خليل إبراهيم محفوظ، التي ولدت في 5 مارس 1924، بمحافظة بني سويف، حياتها لم تكن سهلة، حيث تعذبت كثيرًا من زوجة والدها التي حولتها من ابنة صاحب البيت إلى مجرد خادمة تؤدي الأعمال المنزلية، لتقرر الهرب من المنزل، وتذهب إلى بيت شقيقتها لتعيش معها هي وأبناؤها وهي في عمر 13 عامًا، ولكنها اكتشفت بعد انتهاء فترة الضيافة أن الوضع في بيت شقيقتها لا يختلف كثيرًا عن الوضع في بيت أبيها، حيث تتعامل كخادمة أيضًا. بدأت قصتها مع الفن عندما ذهبت لمشاهدة فيلم «ملكة المسارح» لبديعة مصابني، وخرجت من السينما تحلم بأن تكون راقصة، وبالفعل قادتها الصدفة للانضمام إلى فرقة بديعة مصابني، وعملت كراقصة في الفرقة تشارك في التابلوهات الجماعية الراقصة مع الفتيات خلف «بديعة»، التي أعجبت بجمالها الأسمر وقررت أن تجعلها تقدم رقصة منفردة في إحدى الحفلات، وأسندت مهمة تدريبها إلى مدرب رقص محترف، قام بتعليمها بعض الحركات لكي تؤديها على المسرح بحذاء بكعب عال وهو ما جعلها تشعر بالخوف والرعب، فخرجت الرقصة سيئة، لتُعيدها «مصابني» مرة أخرى لصفوف الراقصات خلفها، ولكنها لم تيأس وألحت على «بديعة» أن تُعطيها فرصة أخرى، لتوافق الأخيرة بشرط أنه في حال فشلها ستطردها من الفرقة، فوافقت «زينب»، ولكنها طلبت منها ألا تجعل مدرب الرقص يتدخل في الرقصة التي تؤديها وأن تتحمل هي التجربة كاملة، وبالفعل قدّمت الرقصة التي جعلت من في الصالة يصفقون لها تصفيقا حارا استمر عدة دقائق لتحصد النجاح والنجومية التي فتحت لها أبواب الشهرة. تحول اسمها إلى «سامية»، وبعد النجاح الكبير الذي حققته «سامية» في الرقص بفرقة بديعة مصابني، فتحت لها السينما ذراعيها، فشاركت في عدد من الأفلام كراقصة تؤدي رقصة في الفيلم، إلى أن جاءتها الفرصة عام 1941 مع فريد الأطرش حبها الأول في دور ثانوي بفيلم «انتصار الشباب»، حيث ظهرت معه في استعراض غنائي راقص لفت الأنظار إليها، وانطلقت بعد نجاح كبير حققه الفيلم لتُقدم نفسها كممثلة وراقصة لتحظى بأدوار البطولة، وكونت ثنائيا فنيا ناجحًا مع «الأطرش»، في عدة أفلام، منها «حبيب العمر، أحبك أنت، عفريتة هانم، آخر كدبة، تعالى سلم، وماتقولش لحد». تزوجت «سامية» في بداية حياتها الفنية من شاب أمريكي يُدعى عبد الله كينج، ولكن في تلك الفترة، جمعت قصة حب كبيرة بينها وبين «فريد»، حيث كانت مفتونة به منذ طفولتها، ولكن إصراره على عدم الزواج أنهى هذه العلاقة، وتزوجت «سامية» بعدها من النجم رشدي أباظة في أواخر الخمسينيات بينما ظل فريد الأطرش بلا زواج حتى وفاته، وقضت مع «رشدي» ما يتجاوز 17 عامًا، ربّت خلالها ابنة رشدي الوحيدة «قسمت»، وفي عام 1977، انفصلا، بعدما خطفت «صباح» رشدي منها، وبدأ الأمر بدعابة بين صباح ورشدي حين تحدته بأنه لا يستطيع الزواج منها خوفا من سامية جمال، فاصطحبها للمأذون وتحولت هذه الدعابة إلى واقع، وقرأت «سامية» خبر زواجهما في الصحف، وبعدها ب3 سنوات رحل «دنجوان السينما»، وحضرت الجنازة متخفية بإيشارب على وجهها ونظارة سوداء وذلك حتى لا تلفت النظر إليها، وبعدها ب3 أيام زارته في قبره وقرأت له القرآن، ثم تحدثت إليه قائلةً: «كان نفسي تموت في حضنى يا رشدي». في أوائل السبعينيات اعتزلت الفنانة سامية جمال الأضواء والفن، ثم عادت مرة أخرى للرقص في منتصف الثمانينيات، ولكنها سرعان ما عادت للاعتزال مرة أخرى، ورغم كل الشهرة التي نالتها، قامت بفعل غريب في أواخر حياتها، حيث اشترت مدفنا في أول طريق السويس وكانت تزوره من وقت إلى آخر، وفي إحدى هذه المرات وجدت الحارس قام بكتابة مدفن الفنانة سامية جمال، فقامت بتوبيخه على وضع كلمة فنانة لأنها تود أن تبقى بلا أي ألقاب عند مقابلة ربها، وقامت بكسر الرخامة التي كتب عليها لقب فنانة، وأوصت بأن يتم خروج جثمانها في هدوء من سلم الخدم، كما أصرت في أيامها الأخيرة على أن تخدم نفسها دون مساعدة من أحد، حتى وفاتها في 1 ديسمبر عام 1994.