المحامون ينددون والنواب معترضون.. و«أبو شقة» يؤجل حسم النقاش أثار مناقشة اللجنة التشريعية بمجلس النواب، للمادة 245 بالتعديلات المقترحة بقانون الإجراءات الجنائية، حالة من الجدل الواسع، بشأن إحالة المحامي للنيابة العامة للتحقيق معه، وتحريك دعوى ضده فى حال ارتكابه «التشويش» خلال سير الجلسة، مما دفع المستشار بهاء أبو شقة، رئيس اللجنة، إلى اتخاذ قراره بتأجيل حسم هذه المادة، لحين الانتهاء من جميع المواد، والاضطلاع على قانون المحاماة، لتفعيل الضمانات اللازمة لحفظ الأمن والهدوء بالجلسات والمحاكمات. التشويش تنص المادة 245 على أنه مع مراعاة أحكام قانون المحاماة إذا وقع من المحامى أثناء قيامه بواجبه فى الجلسة، وبسببه ما يجوز اعتباره «تشويشًا مخلا بالنظام» يحرر رئيس الجلسة محضرًا بما حدث، وللمحكمة أن تقرر إحالة المحامى إلى النيابة العامة لإجراء التحقيق إذا كان ما وقع منه يستدعى مؤاخذته جنائيا، وإلى رئيس المحكمة إذا كان ما وقع منه يستدعى مؤاخذته تأديبيا، وفى الحالتين لا يجوز أن يكون رئيس الجلسة التى وقع فيها الحادث أو أحد أعضائها عضوا فى الهيئة التى تنظر الدعوى. تعديل لن يمر بدأ محمد رشوان، المحامي والخبير القانوني، حديثه موضحا أن تعديل تلك المادة ليست قانونية، ويعلم المستشار بهاء أبو شقة أن هذا التعديل لن يمر، بحسب قوله. أضاف «رشوان» في تصريحات ل«التحرير» أن لفظ «التشويش» الذي ورد بتعديل المادة هو لفظ فضفاض لا وجود له في نص قانوني، ويتسم بالعموم والتجريد، متسائلا « يعنى إيه تشويش، وما الأركان المادية لجريمة التشويش؟»، لافتا إلى أن هذا التعديل غرضه التشويش على الأحداث فقط، ولن يمر مرور الكرام. وطالب الخبير القانوني، سامح عاشور، نقيب المحامين، بالاضطلاع بمسئولياته والتصدي لهذا العبث، مشيرا إلى أنه وفي السابق كان هناك ما يسمى بجرائم الجلسات وهى الإخلال بنظام الجلسة. القبض على المحامي أشار «رشوان» إلى أنه لا يجوز القبض على محام أثناء تأدية وظيفته، وتوقع حدوث انتفاضة من قبل المحامين في هذا الشأن ولن تمر تلك المادة هكذا على وضعها الذي يسىء إلى المحامين، مختتما بأن كل هذا الحديث للاستهلاك فقط لا غير، ولن يمر أصلا من مجلس الدولة حال عرضه عليه كما سيرفضه عموم المحامين، معقبا «صياغة هذه المادة لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تكون قد مرت على مجلس الدولة». واتفق معه في الرأى المحامي، أحمد عبد العزيز، موضحا أن مسألة إحالة محام للنيابة أثناء عمله، مخالفة للقانون، وتعد انتهاكا صارخا لما تضمنته مواد الدستور، لأنه يعتبر كسرا لحرية المحامي وإعاقته عن استكمال أداء عمله، وتعريض مهنة المحاماة لخطر كبير.
أضاف «عبد العزيز» الخبير القانوني، أنه لا بد من عدم استكمال النقاش حول هذه المادة القانونية وعدم تمريرها، لأن الأصل هو توفير ضمانة للمتهم فكيف يتم إهانة المحامي بهذه الطريقة وتعريض حياته للخطر وجعله مهددا دائما بإحالته للنيابة وتحريك دعوى جنائية ضده، مؤكدا أن تقدير نسبة التشويش داخل قاعة المحكمة، هى مسألة نسبية لكل قاضٍ، فقد يرى قاض أن حديث محام مع زميل له نوع من أنواع التشويش، وإبداءه طلبا جوهريا للمحكمة قد يتصوره رئيس الدائرة على أنه تشويش، معلقا «لا توجد معايير محددة سيتحدد على أثرها مدى ارتكاب التشويش». النائب سامى رمضان، عضو مجلس النواب، قال في تصريحات له «النص غير منضبط وينبغي وعى هذه المادة بشكل ضروري، لأن المحامين سيدخلون قاعة المحكمة خائفين من احتمالية تعرضه للتحفظ عليه أو إحالته للنيابة للتحقيق؟». وعلق النائب أحمد الشرقاوى، عضو مجلس النواب، فى تصريحات له أن الدستور وضع ضمانة للمحامين في عدم القبض عليهم أثناء القيام بعملهم، سوى حالات التلبس، من أجل أن تكون هناك حرية للدفاع، وهذه الضمانة منصوص عليها فى الدستور ليس من أجل المحامين، ولكن من أجل ضمان حق الدفاع بشكل حر، دون أى قيود، ومن ثم النص على التحفظ على المحامين واحتجازهم إذا حدث تشويش فى القاعة أو أمر غير منضبط ولا بد من ضبط حاسم له. وأكد «الشرقاوي» أن هذه المادة مخالفة للنص الدستورى بمادته 190، الخاصة بعدم القبض على المحامى إلا فى حالة التلبس، بالإضافة إلى أن التشويش المنصوص عليه، أمر مطاط دون أى ضوابط، وإحالة المحامى للنيابة يعنى التحفظ عليه ومن ثم احتجازه وهذا يخالف الدستور لأنها ليست حالة تلبس مثلما نص عليها الدستور.
