بحث وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو إتمام التحضير لعقد مؤتمر ما يسمى ب "الحوار الوطني السوري" في منتجع سوتشي الروسي. وأشارت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن الاتصال الهاتفي بين الوزيرين تناول "تبادل آراء معمقا" بينهما حول تفاصيل تنظيم وإجراء المؤتمر المذكور في سوتشي والمزمع عقده في 29 و30 من يناير الحالي. وذكر البيان أنه خلال الاتصال الذي بادر إليه الجانب التركي، اتفق لافروف وجاويش أوغلو على اتخاذ خطوات إضافية مشتركة لضمان إنجاح المؤتمر الذي يواجه تعقيدات تكاد تنسفه قبل بدئه لأسباب كثيرة، على رأسها رفض الهيئة العليا للمفاوضات المشاركة فيه، والعمليات التركية ضد الأكراد في عفرين، والعمليات العسكرية الجارية في الغوطة الشرقيةوجنوب إدلب. من جانبها أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عن مشاركة وفد عن أكراد سوريا في هذا المؤتمر، موضحة بأن روسيا تعتبر مشاركة الأكراد فى العملية السياسية برعاية موسكو "مسألة مبدأ". وأكدت في الوقت نفسه وجود أطراف تتحفظ على مشاركتهم، وذلك فى إشارة إلى تركيا. كما أعلنت الأممالمتحدة عن إمكانية مشاركة المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في هذا المؤتمر، وهو ما اعتبرته روسيا خطوة لشرعنه مؤتمر سوتشي، ومن ثم ما سيتمخض عنه من قرارات أو إجراءات. واعتبر مراقبون أن مشاركة وفد كردي في مؤتمر سوتشي، جاء بنتيجة ضغط روسي – تركي، حيث تركت موسكو القوات التركية تجري عمليات عسكرية ضد الأكراد للمزيبد من الضغط عليهم، بينما استثمرت أنقرة هذه الفرصة مقابل أن لا تنسحب من المحور الروسي – التركي – الإيراني، أو تعمل على انهيار مؤتمر سوتشي. وألمح المراقبون أيضا إلى أن وقوف روسياوتركيا في صدارة مشهد مؤتمر سوتشي، ووضع إيران في الخلفية، يأتي لمغازلة السعودية ودول الخليج من جهة، ومحاولة لإرضاء الولاياتالمتحدة وبعض الدول الأوروبية، أملا في عدم معارضتها إجراء المؤتمر والحيلولة دون انهياره قبل أن يبدأ. وحول الأسباب التي دعت موسكو لعدم معارضة أنقرة في سوريا، رأت تقارير أن روسيا تقف إلى سقف معين مع الأكراد، فعرضت عليهم الحد الأقصى الذي يمكن أن يحصلوا عليه، وذلك في إشارة إلى الحكم الذاتي في إطار الدولة السورية. وكانت موسكو مستعدة للتوسط في ذلك مع نظام بشار الأسد، بل وحتى مع أنقرة. لكن الأكراد رفضوا المقترح الروسي، الأمر الذي حرر يد روسيا من تعهداها للأكراد الذين وجدوا أنفسهم أمام الرد التركي المتوقع. ورأت التقارير أن موسكو لم توقف الأتراك، ليس فقط لأنها لا تستطيع فعل ذلك عمليا. إنما لأن هذه العملية سوف تؤدي إلى نتائج مفيدة بالنسبة لروسيا، من بينها أن هذه العمليات تلغي "أوهام" الأكراد حول إمكانية إنشاء كردستان سورية، وأنها تدفع تدفع الأكراد السوريين للتفاوض مع نظام الأسد. إذ أن "التهديد التركي" المستمر سيجبرهم على البحث عن مكانهم في أي عمليات تقودها روسيا أو نظام دمشق. إضافة إلى ذلك، فإن أنقرة توافقت مسبقا على عملية عفرين مع موسكو، وهو ما يعزز التفاعل الروسي - التركي. وبالنظر إلى مدى فائدة التنسيق السياسي بين البلدين، فإن الرهان هنا مرتفع جدا. غير أن تلك التقارير اشترطت أن لا تتحول عملية "غصن الزيتون" العسكرية التركية في سوريا إلى حرب كردية - تركية شاملة وطويلة الأمد. وتعرَّضَت تقارير أخرى إلى الاتفاقات التي جرت بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، وأسباب صمت روسيا عن العمليات العسكرية التركية في سوريا. وأكدت أن موافقة روسيا على عدم اعتراض ضربات تركيا الجوية على عفرين تأتي في إطار مقايضة تقضي بعدم قيام الطيران الروسي اعتراض الطيران التركي في عفرين مقابل عدم معارضة القوات التركية عمليات روسيا في جنوب إدلب، وأن لا يتم إفشال محادثات سوتشي، وأن لا ينهار مثلث "روسيا - تركيا – إيران"، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن "عفرين منطقة نفوذ روسية".