تشهد إيران تظاهرات هي الأكبر منذ الحركة الخضراء في 2009، والتي تهدد حكم المرشد الأعلى للبلاد آية الله علي خامنئي، وأسفرت التظاهرات عن مقتل شخصين بالرصاص خلال مواجهات مع قوات الأمن، فيما أصيب عشرات آخرين. لماذا اندلعت التظاهرات؟ قالت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن تلك التظاهرات، التي بدأت، مساء الخميس الماضي، جاءت احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية المتردية، والفساد المستشري، وزيادة أسعار الوقود والغذاء. وأشار عدد من الخبراء إلى أن الإيرانيين، يشعرون بحالة من الغضب بسبب عدم تحسن الأحوال الاقتصادية على الرغم من رفع العقوبات الاقتصادية الدولية ضمن الاتفاقية النووية مع البلاد. وبدأت التظاهرات في مدينة مشهد، ثاني أكبر مدن إيران، وسرعان ما امتدت الاحتجاجات إلى أكثر من 40 مدينة، في العاصمة طهران، وفي محافظات أصفهان وكرمان وآراك. وأكد تريتا بارسي، رئيس المجلس الوطني الأمريكي الإيراني، أن سوء الإدارة الاقتصادية والفساد هما السبب الرئيسي لهذه الاحتجاجات، إذ تسببت سياسات الحكومة في ارتفاع معدلات البطالة والتضخم. من جانبه، قال رضا ماراشي، الباحث في المجلس الوطني الأمريكي الإيراني، إن الاحتاجات لم تكن سياسية فقط، إذ تسبب الظلم السياسي والاقتصادي والاجتماعي في إيران إلى دفع المواطنين للخروج في مظاهرات منذ 2009، وأكد ماراشي أنه لا يمكن الفصل بين السياسة والاقتصاد. وأشار علي رضا نادر، الباحث الإيراني، إلى أن الشعب فقد الثقة في رئيس البلاد حسن روحاني، إذ ردد المتظاهرون شعارات ضد روحاني والحكم الديني. كيف تعاملت السلطات الإيرانية مع التظاهرات؟ ردا على هذه التظاهرات، حذرت السلطات الإيرانية المواطنين من التجمعات غير القانونية، فيما تم اعتقال العشرات من المتظاهرين. وأظهرت عدد من مقاطع الفيديو التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يتسنَ التأكد من صحتها، متظاهرين مصابين بإطلاق نار، وقال التلفزيون الإيراني إن عملاء أجانب أطلقوا النار على متظاهرين. من جانبه، ذكر النائب الأول للرئيس الإيراني إسحق جهانجيري، أن من يعتبرهم "خصوم الحكومة" هم من يقفون وراء الاحتجاجات، مضيفا: "بعض الأحداث في البلاد هذه الأيام تتخذ من المشكلات الاقتصادية ذريعة، لكن يبدو أنها تحدث على خلفية أمور أخرى. يظنون أنهم بذلك يؤذون الحكومة، وهناك آخرون سيركبون الموجة". تغريدات ترامب أثارت الاحتجاجات اهتمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي غرد عبر حسابه الشخصي على "تويتر"، قائلا: "العديد من التقارير تشير إلى تظاهرات لمواطنين إيرانيين سئموا من فساد النظام، وتبذيره ثروات الشعب، لتمويل الإرهاب". وأضاف ترامب: "على الحكومة الإيرانية أن تحترم حقوق شعبها، ومن ضمنها الحق في التعبير عن رأيه، فالعالم يتابعهم"، موضحا في تغريدات أخرى أن النظم القمعية لن تدوم للأبد. إلا أن العديد من الخبراء والمتابعين أكدوا أن تغريدات الرئيس الأمريكي حول الوضع في إيران لا تساعد المتظاهرين على الإطلاق، إذ أشار كريم سادادبور، الباحث في معهد كارنيجي للسلام، إلى أن انتقادات ترامب، للنظام الإيراني غير مفيدة، فمن الممكن أن تستخدم كذريعة للنظام لشن حملة ضد المعارضة، مؤكدا أن الاحتجاجات بدأت إيرانية، وستنتهي إيرانية. ماذا سيحدث بعد ذلك؟ استمرت تظاهرات الحركة الخضراء في 2009 نحو 3 أشهر، فيما لم تستمر التظاهرات الحالية سوى عدة أيام، وليس من الواضح كم ستستمر تلك التظاهرات. وقال سادادبور إن الإيرانيون شهدوا ثورة دون ديمقراطية في 1979، واليوم هم يسعون إلى الوصول للديمقراطية دون ثورة. وأضاف أن العديد من الشباب الإيرانيين يسعون للحصول على المزيد من الحريات، لكنهم لن يحملوا السلاح في وجه السلطات، حتى وأن أتيحت لهم تلك الفرصة.