حلم بسيط لدى رجل تقدم به العُمر، وهو أن يتزوج من امرأة عجوز تسكن في العقار المجاور لمحل تصوير المستندات الذي يمتلكه، لكن بعض الظروف تمنع إتمام هذا الحلم، خاصة بعد تدخل أطراف أخرى في هذا الموضوع، وتبذل كل ما في وسعها لإعاقة منح العجوزين السعادة بعدما عاشا معاناة في سنوات الوحدة الطويلة. كانت هذه هي تفاصيل رحلة «فوتوكوبي»، وهو الفيلم الذي شارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بمهرجان الجونة السينمائي، وحصد منه جائزة نجمة الجونة الذهبية، رغم أنه يعد التجربة الأولى لمخرجه تامر عشري بعد تقديمه مجموعة من الأفلام القصيرة، وكذلك الأولى لمؤلفه الشاب هيثم دبور، لكن بساطته جذبت لجنة التحكيم، ودفعتها لتقديم هذه الجائزة له دعمًا للخطوات القادمة لفريق العمل. تامر عشري مخرج فيلم «فوتوكوبي» كشف في حواره مع «التحرير» عن كواليس هذا العمل السينمائي خلال مراحل التحضير والتصوير وصولًا إلى عرضه بالمهرجان. ماذا جذبك في قصة «فوتوكوبي» لتقديمها في أول فيلم طويل لك؟ القصة عُرضت عليَّ قبل 3 أعوام، حينما أرسل لي المؤلف هيثم دبور معالجة الفيلم، ومن وقتها تعلّقت بها، وأبديت له رغبتي في أن يكون هذا هو العمل الأول لي في مجال السينما الروائية الطويلة، بعد تقديمي الأفلام القصيرة، فالعمل ذو طبيعة خاصة، وبقدر محبتي له قدر ما حمل تحديا شديدا لي، ليس فقط لأنه فيلمي الطويل الأول، لكن لأن المنتجين قد يتحفظّون على تقديمهم عملا بهذا الشكل، إذ لم أكن أرغب في تقديم فيلم لا يشاهده أحد، إنما فيلم يتم طرحه بالسينمات والجمهور يتابعه، فكان هذا هو التحدي الأبرز الذي عشته، وحاولت مواجهته عبر تحقيق المعادلة بين تقديم فيلم يعتمد على كتابة وشخصيات وقصة جيدة، مع كونه عملا جماهيريا. وكيف وجدت استقبال العمل في مهرجان الجونة السينمائي؟ رد الفعل الذي وصلني حول الفيلم في عرضه بالمهرجان كان فوق المتوقع، وكان بمثابة جائزة وتكريم له، عن الفترة التي عملنا فيها على الفيلم قبل وأثناء التنفيذ، وبمثابة دفعة قوية للأمام، كما أن وجودي مع مخرجين مميزين على مستوى مصر والوطن العربي بل والعالم أوجد حالة قوية من المنافسة، من ناحية أخرى فإن الإشادات التي وصلتني عن «فوتوكوبي» جعلت لدي أمل أنه عند طرح الفيلم في دور العرض بأنه سيجد قبولا جماهيريا. وكيف أقنعت شيرين رضا بتغيير هيئتها إلى المرأة العجوز؟ الحقيقة أن شيرين كان لديها قابلية ومرونة من البداية للتغيير، ولم أقنعها على الإطلاق بذلك، إنما هي كانت مستعدة لأي تغيير على شكلها بعدما قرأت القصة وفهمت دورها، وما سيحدث حتى تصل للشخصية، كما أنها كانت حريصة على الحضور لموقع التصوير قبل ساعة من تنفيذ مشاهدها حتى وضع المكياج اللازم لشخصية «صفية» التي قدمتها، وفي بعض الأوقات كنّا نستخدم تأثيرات على جسدها لإظهار تأثير مرض السرطان عليها كأنثى. معروف عن الفنان محمود حميدة أنه لا يقبل تقديم أي عمل بسهولة.. كيف كانت قراءته ل«فوتوكوبي»؟ صحيح، كان لدي هذا التخوّف، ولم أكن أعلم رد فعله حول قصة الفيلم، لكنه تحدث إليّ بعدها بيومين، وعقدنا جلسة عمل، ولم يداخله قلق لأن هذا هو مشروعي الطويل الأول في السينما، وكذلك لهيثم دبور، لكنه رغب في التعرّف علينا، وماذا نخطط نحو هذا الفيلم، وبعد ساعتي حديث عن رؤيتنا للعمل أبدى موافقته، واعتبرت هذه الموافقة بمثابة تشجيع وحماس لبذل أفضل مجهود لديّ في الفيلم. وماذا عن كواليس التصوير مع «حميدة»؟ اختفت فيها مشاعر القلق والخوف والتوتر، فالأستاذ محمود حميدة كان إضافة قوية للفيلم، وتعلمت منه خلال التنفيذ، وما ساعد في هذه المرحلة اتفاقنا على كل تفاصيل الدور قبل التصوير، وبالتبعية فإن التطورات والتحولات الخاصة بكل شخصية لن يعترض عليها الفنانون خلال العمل. الموسيقى التصويرية من أهم عناصر أي عمل سينمائي.. كيف اتفقت عليها مع المؤلفة ليال وطفة؟ كانت هذه مهمة صعبة أيضًا، لأنه كان عليها تقديم موسيقى تناسب تكنيك العمل، لا سيما أنها جزء حساس منه، لذا كان يتوجب ألا تأتي على نحو ضخم أو مبالغ فيه، فهو عمل سينمائي بسيط، أو ثقيلة فتذهب بالعمل في اتجاه آخر، بالتالي كان على المؤلف الموسيقي تقديم مزيكا تخدم القصة، والحقيقة أن ليال كانت موفقة جدا في اختياراتها وعملها، وقدمت تيمة ملائمة جدا للإيقاع.
جاءت نهاية الفيلم سعيدة.. هل تصالحون بها المشاهد بعد معاناة البطلين من الوحدة؟ لم نختر النهاية لأجل مُصالحة الجمهور، فالنهاية تأتي وفقًا لمسار قصة العمل من بدايته، وإذا كانت تؤشر لأن تكون تعيسة، فإننا لن نتردد في ذلك، لأن الأهم أن يصدق الجمهور النهاية، ويخرج من القاعة راضيا عمّا حدث، بناء على ما تابعه في تطورات الشخصيات والقصة. ألاحظ إيمانك واهتمامك بالقصة بشكل إنساني.. هل هذا يعني استمرارك في إخراج هذه النوعية من الحواديت؟ لا، فأنا أتعامل وفقًا لكوني مخرجا مهنيا أقدم كل أنواع الأفلام، أكشن، كوميدي، درامي، وليست لديّ أزمة تدفعني لإخراج نوع محدد، ولا أحب فكرة هيا بنا ننفذ عمل أكشن، إنما وفقًا لما تدفعنا إليه القصة، مثلا إذا كانت القصة كوميدية أقدم عملًا كوميديًا بها، وأهتم بأن أصبح أحد المخرجين الذين يعملون بهذا الشكل في السينما المصرية.