أدانت مؤسسة «حرية الفكر والتعبير» سلسلة الإجراءات القمعية، التي مارستها بعض الجهات السيادية –حسب وصفها- بحق حرية تداول المعلومات، ففي اليومين الماضيين حيث تم مصادرة عددين من جريدتين مختلفتين هما «صوت الأمة»، و «روز اليوسف اليومي»، وذلك تحت ذرائع مختلفة، إما حظر النشر أو أنها تضر بمصالح الوطن. وقال البيان «بدأ الأمر مباشرة بعد مد العمل بقانون الطوارىء الذي كان من المفترض إنتهائه آخر سبتمبر الحالي، ففي يوم السبت الماضي، أخبرت «جهات سيادية» مطابع الأهرام، بضرورة مصادرة العدد الصادر من جريدة صوت الأمة، وإعادة طباعته بعد حذف موضوع منه، وهو موضوع يخص قضية قتل المتظاهرين والمتهم فيها الرئيس المخلوع «مبارك» على حد زعمهم، ولكن رئيس تحرير الجريدة د.عبد الحليم قنديل، أكد في تصريحات له على إحدى الفضائيات، أن الموضوع المحذوف كان خاصا بسيديهات المخابرات العامة التي عرضت على المحكمة الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أن هذه السيديهات عرضت في جلسات مذاعة أمام الجمهور وأن قراءتها وتحليلها في الصحف لا علاقة له بحظر النشر، وإنما هو يهدف في الأساس للصالح العام». وأضاف البيان أما الحادث الثاني فهو خاص بعدد جريدة روزاليوسف الصادر اليوم، حيث أكد رئيس تحرير الصحيفة إبراهيم خليل أنه فوجىء بأن مطابع الأهرام إمتنعت عن طباعة عدد اليوم المذكور، بناء على طلب ما أسمته ب «الجهة السيادية» وذلك إعتراضا على موضوع داخل الجريدة، عن جاسوسة إسرائيلية التي تعتبر أول عميلة للتجسس الإقتصادي في عهد الرئيس المخلوع، حيث أن المخلوع تستر عليها ورفض القبض عليها على حد قول الصحيفة، وهو الموضوع الذي كانت الجريدة قد نشرت أول حلقة منه أمس، وكان من المفترض استكماله في الأعداد اللاحقة. وقد أشار خليل إلى أن هذه هي المرة الأولى، التي تطلب فيها جهة سيادية بمصادرة صحيفة قومية وإعادة طبعها مرة ثانية، مؤكدا على أنه أجبر على استبدال هذا الموضوع بموضوع آخر. وأشار البيان بقوله «وتعود بنا هذه الإجراءات القمعية المتشددة إلى عصر ما قبل الثورة، بل وحتى هذا الإجراء لم يكن متبعا بهذا الشكل في العهد البائد، حيث يجدر بنا التساؤل هنا عن ماوراء هذا الإجراء، وهل هو إيذان بعودة العصور القمعية في أربعينيات القرن الماضي، والتي كانت أعداد من الصحف المختلفة يتم مصادرتها بشكل كثيف بسبب إنتقادها للملك أو للاحتلال الإنجليزي؟ فهل أصبحت أي معلومة متداولة في الصحف أو حتى في فضاء الإنترنت هي تعتبر من وجهة نظر المجلس العسكري، معلومة تضر بمصالح الوطن، أو خطر على أمن مصر القومي، بدون وضع أي ضوابط بشأن هذه الجزئية، وتعويم الموضوع، بحيث يمكن لهم مصادرة ما يرون هم أنه ضار بأمن الوطن».
ورفضت مؤسسة حرية الفكر والتعبير بشدة مثل هذا الإجراء، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد أكبر قدر ممكن من الشفافية لتطهيرها من الفساد، ولإيضاح الأمور أمام الشعب، حتى يستطيع المشاركة في صنع القرار، حيث أنه من المفترض أن تدخل البلاد مرحلة جديدة من الديموقراطية. وإنتهي بيان المؤسسة لمطالبة هذه الجهة السيادية، أيا كانت، التوقف عن مثل هذه الإجراءات الرجعية من مصادرة الصحف وغيرها، وإتاحة المعلومات للمواطنين بشكل سلس، حتى لا نقع في براثن الإشاعات، وحتى نتمتع بوسائل إعلام بها قدر من الشفافية والحرية، ومتحررة من سطوة الدولة عليها، ولذلك يجب التوقف فورا عن مضايقة منابر الإعلام بهذا الشكل المجحف، فنحن في أمس الحاجة لوسائل إعلام لا تحركها يد السلطة.