تبدأ اليوم مباحثات "أستانا 5" حول الأزمة السورية، ولمدة يومين، وسط تناقضات كثيرة من حيث مشاركة المعارضة السورية المسلحة. وزارة الخارجية الكازاخية، أعلنت عن وصول وفود كل من روسياوإيران ونظام دمشق، وقال رئيس المكتب الصحفي للوزارة أنور جايناكوف "حتى هذه اللحظة وصلت وفود روسياوإيران، بالإضافة إلى جزء من وفد تركيا"، وأكد أن الوفد الروسي يترأسه هذه المرة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الخارجية الروسية سيرجي فيرشينين، وأنه من المتوقع أن يشارك المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا. وفي الوقت نفسه، سرَّبَت موسكو إلى وسائل إعلامها أجندة المباحثات التي تتضمن 4 بنود لا علاقة لها بجوهر صيغة "أستانا"، ما فسره المراقبون بأن روسيا تشعر بالإحباط، وتسعى للالتفاف على جوهر هذه الصيغة التي اخترعتها هي بنفسها. وتتضمن الأجندة حسب موسكو: - موضوع مكافحة الإرهاب. - تنسيق البيانات المتعلقة بمذكرة مناطق ما يسمى ب"تخفيف التوتر" التي تم الاتفاق عليها في 4 مايو الماضي، والتي تقضي بإنشاء 4 مناطق لتخفيف التوتر في سوريا، ووقف النشاط العسكري في تلك المناطق بما فيها تحليقات الطيران، على أن يتم إقامة مراكز للتفتيش على حدود هذه المناطق، إضافة إلى نشر مراكز مخصصة لمراقبة الهدنة. - بحث موضوع تشكيل اللجنة السورية للمصالحة الوطنية. - مناقشة القضايا المتعلقة بإيصال المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار البنية التحتية في سوريا. هذه البنود الأربعة، كما يرى الخبراء، ليس لها علاقة بجوهر صيغة "أستانا" التي تتمحور حول المسائل العسكرية حصرا. الأمر الذي يعمل على خلط الأوراق وإثارة المزيد من الخلافات، ويسعى إلى تهميش صيغة "جنيف" المعنية ببحث الأزمة السورية، أو في أحسن الأحوال إحباط صيغة جنيف. إضافة إلى أن ما يثار حول مناطق ما يسمى ب"تخفيف التوتر" لا يعني وقف القتال كما تروج موسكو ووسائل إعلامها، وإنما تخفيف "التوتر" الذي لا يعني أي شئ في ظل الحرب القائمة، والسباق المحموم لكل الأطراف، بما فيها نظام الأسد، على كسب المزيد من الأراضي ومناطق النفوذ. "أستانا 5" تبدأ وسط تفاقم الأوضاع في سوريا من جهة، واتهامات الولاياتالمتحدة لنظام الأسد بالتحضير لهجوم كيميائي جديد في ريف دمشق من جهة أخرى، واتهامات روسية لواشنطن بإفساد المباحثات من جهة ثالثة. وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد أعلن، في وقت سابق، أن اتهامات واشنطن هذه قد تشجع الإرهابيين على القيام باستفزاز جديد، وتحميل نظام دمشق المسؤولية عنه، الأمر الذي قد يؤدي إلى توجيه ضربات جديدة أمريكية إلى قوات الأسد والميليشيات التابعة لها. أما وزارة الخارجية الروسية فقد أدانت الهجمات الإرهابية التي وقعت مؤخرا في دمشق، وقالت إنها جاءت في ظل تكثيف الجهود الهادفة إلى التسوية السياسية الدبلوماسية للأزمة السورية واستهدفت عرقلتها. وقالت الوزارة في بيان صدر يوم أمس الاثنين (عشية انعقاد مباحثات أستانا 5) إن قوات الأسد عثرت يوم 2 يوليو الحالي على ثلاث سيارات مفخخة حاولت دخول دمشق، وتم تدمير سيارتين، غير أن السيارة الثالثة تمكنت من دخول مركز المدينة، حيث فجرها انتحاري كان يقودها، ما أسفر عن مقتل 18 شخصا وإصابة عشرات الآخرين بجروح متفاوتة. واعتبرت الخارجية الروسية أن هجمات دمشق تعتبر "عملا جديدا نفذه الإرهابيون في محاولة متشنجة منهم لعرقلة تعزيز الاتجاهات الإيجابية فيما يتعلق بإطلاق العملية السياسية في سوريا". وبشأن مباحثات "أستانا 5"، سعت موسكو إلى إعطاء انطباع بأنه تم توسيع المباحثات لتشمل أطرافا جديدة من بينها الولاياتالمتحدة والأردن والأمم المتحدة. علما بأن نواف وصفي التل مستشار وزير الخارجية الأردني، وستيوارت جونز مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط يشاركان كمراقبين، وأعلنا أكثر من مرة أنهما لا يشاركان في المناقشات ولا يتدخلان في سيرها. هذا إضافة إلى الخلافات الحادة بين إيرانوتركيا من جهة، وبين الأخيرة وروسيا من جهة أخرى. في نفس السياق، تتضارب الأنباء حول مشاركة رئيس الهيئة السياسية بتنظيم "جيش الإسلام"، محمد علوش كرئيس لوفد المعارضة السورية المسلحة. ففي الوقت الذي أكدت فيه وزارة الخارجية الكازاخية أن محمد علوش سوف يترأس وفد المعارضة السورية المسلحة، أكد مدير المكتب السياسي في لواء "شهداء الإسلام"، النقيب سعيد نقرش أن علوش لن يشارك في الجولة الخامسة من مفاوضات أستانا، كما أضاف أيضا بأن أسامة أبو زيد، المتحدث باسم تنظيم "الجيش السوري الحر"، لن يشارك أيضا في المباحثات.