كتب - محمد رشدي أكدت الدائرة الأولى "فحص" بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار أحمد الشاذلي، على أن من أهم واجبات وزارة الداخلية الافصاح عن مكان المختفين. وألزمت المحكمة، "الداخلية" بالإفصاح عن مكان اختفاء طبيبة في قلب الصعيد منذ أبريل 2014، وأكدت أن الإختفاء القسري للأشخاص خرق لمبادئ حقوق الإنسان وتجريد الناس من صفاتهم الإنسانية وفى ذات الوقت أكدت المحكمة أن مصر وضعت ضمانة هامة في دستورها ضد ظاهرة الاختفاء القسري. وقضت المحكمة بإجماع الاَراء برفض طعن وزارة الداخلية ضد شقيق الطبيبة أسماء خلف شنديد عبد المجيد وألزمتها بالإفصاح عن مكان اختفائها. وقالت المحكمة أن الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها، وأن هيئة الشرطة بقياداتها ورجالاتها هي الحارس الأمين على أمن الوطن والمواطن بما يكفل الأمن والطمأنينة ويحقق الاستقرار والرخاء، ومرد ذلك أن وزارة الداخلية بحسبانها القوامة على مرفق هيئة الشرطة يقع على كأهلها الالتزام بتنفيذ الدور المحدد لها دستوريًا وقانونيًا وتأديته على الوجه الأكمل خدمة للشعب من خلال المحافظة على أرواح المواطنين وحماية أعراضهم وممتلكاتهم من أي عبث أو اعتداء، والسهر على حفظ النظام والأمن والآداب العامة، كل ذلك في إطار خضوع وزارة الداخلية وسائر سلطات الدولة المختلفة للقانون واحترام قواعده وأحكامه والعمل على تنفيذ ما يفرضه عليها من واجبات ومسئوليات، وإلا أضحت تصرفاتها وما يصدر عنها من قرارات مشوبة بعدم المشروعية . وأضافت المحكمة أن من أهم الواجبات الملقاة على عاتق وزارة الداخلية وأولي الالتزامات التي تضطلع بها الالتزام بالمحافظة على حياة المواطن ومنع ما قد يتعرض له من جرائم وضبطها حال وقوعها، والقيام بواجبها في التحري والكشف عن مكان تواجد أي مواطن سواء كان حيًا أو ميتًا في حال تقديم أي بلاغ بشأن اختفائه وعدم العثور عليه، وإثبات ذلك في وثائقها ومستنداتها للرجوع إليها عند اللزوم، وإلا اختل الأمن والنظام في المجتمع وسادت الفوضى والاضطرابات وأضحي التزام وزارة الداخلية وواجبها في المحافظة على أرواح الموطنين ليس إلا تسجيلًا في سطور ومدادًا على ورق بغير حياة دون أدنى فائدة تُرجى أو أمل يُؤتى أو حق يُستأدى. وذكرت المحكمة أن الإتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسرى الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم 61/177 في الأول من ديسمبر 2006 ورد بها إن الجمعية العامة إذ تحيط علمًا بقرار مجلس حقوق الإنسان 1/1 المؤرخ 29 يونيو 2006 الذي اعتمد المجلس بموجبه الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسرى ورد بها أنه لا يجوز تعريض أي شخص للاختفاء القسري وأنه لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري والزم أن تتخذ كل دولة طرف التدابير الملائمة للتحقيق في التصرفات المحددة عن الاختفاء القسرى التي يقوم بها أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون دون إذن أو دعم أو موافقة من الدولة، ولتقديم المسؤولين إلى المحاكمة وأن تتخذ كل دولة طرف التدابير اللازمة لكي يشكل الاختفاء القسري جريمة في قانونها الجنائي واعتبرت ممارسة الاختفاء القسري العامة أو المنهجية تشكل جريمة ضد الإنسانية كما تم تعريفها في القانون الدولي المطبق وتستتبع العواقب المنصوص عليها في ذلك القانونبل أنه بموجب تلك الاتفاقية تتخذ كل دولة طرف التدابير اللازمة لتحميل المسئولية الجنائية على أقل تقدير : لكل من يرتكب جريمة الاختفاء القسري، أو يأمر أو يوصي بارتكابها أو يحاول ارتكابها، أو يكون متواطئا أو يشترك في ارتكابها وأنه لا يجوز التذرع بأي أمر أو تعليمات صادرة من سلطة عامة أو مدنية أو عسكرية أو غيرها لتبرير جريمة الاختفاء القسري. وأشارت المحكمة إلى أن مصر من الدول القليلة على مستوى العالم التي لم توقع على اتفاقية منع الاختفاء القسري بالأمم المتحدة، برغم توقيع 141 دولة عليها إلا أن هذا الأمر لا يعنى التحلل من ربقة الالتزام بهذه الاتفاقية بموجب الدستور المصرى ذاته الذي الزمت به مصر نفسها في المادة (93) منه التي تنص على أنه: " تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا للأوضاع المقررة." مما يجعل التزاماتها الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان في الاتفاقيات التي صدقت عليها تتمتع بقوة الالزام القانونى، بينما فيما يتعلق بتلك التي لم تصدق عليها بقوة الالزام الأدبى الدولى الذي يرقي إلى الالتزام القانونى الداخلى. وأوضحت المحكمة حكمها الهام أن ظاهرة الاختفاء القسري للأشخاص تشكل خرقًا لكافة مبادئ حقوق الإنسان وتشكل الظاهرة نوعًا من العذاب لضحاياه الذين يظلون على جهل بمصيرهم، كما أن فرص حضور من يمد لهم يد المساعدة ضئيلة فهم بعد إقصائهم عن دائرة حماية القانون واختفائهم من المجتمع مما يترتب عليه كثير من الآثار النفسية المترتبة على هذا الشكل من أشكال تجريد الناس من صفاتهم الإنسانية، فضلًا عما تعانيه أفراد أسرة المختفى التي تتأرجح أحاسيسهم بين الأمل واليأس لعدم علمهم بما إذا كان المختفى على قيد الحياة أم لا .