تدخل المنطقة العربية على مرحلة جديدة من التفاعلات السياسية الحادة نتيجة الخلاف القطري مع الأطراف العربية الأربعة (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) والتي يمكن أن نطلق عليها (الحدود السياسية ما بعد ٥ يونيو ٢٠١٧)٬ ومن ثم ستفرز أشكالا جديدة من التحالفات السياسية بالمنطقة والتي سيترتب عليها مسار العديد من الملفات والأزمات السياسية القائمة٬ كالأزمة السورية واليمنية والليبية والعراقية٬ وبعيدا عن تفاصيل الخلاف القائم يأتي تساؤل مهم حول مدى ثأتير هذا الخلاف على الميليشيات المسلحة بدول الصراع؟ بمعنى أدق كيف يمكن أن ينعكس هذا الخلاف وما ينتج عنه من تشكيل تحالفات إقليمية جديدة على أطراف النزاع المسلح بدول الصراعات؟ وبنظرة سريعة على وضع تلك الأزمات سنجد التالي٬ أولا: الأزمة السورية وهي واحدة من أزمات المنطقة شديدة التعقيد نتيجة تداخل الفاعلين الداخليين والخارجيين في تلك الأزمة٬ فمن حيث خريطة الصراع السياسي على مستوى القيادة السياسية نجد صراعا حادا واضحا ومباشرا بين الرئيس بشار الأسد مع النظام القطري وباقي الدول الخليجية في وقت يتفق النظام السوري مع النظام الإيراني والروسي٬ ومع حدوث تقارب شديد بين النظام القطري والنظام الإيراني٬ يأتي التساؤل حول موقف النظام السوري من تلك الأزمة؟ فهل يقبل النظام السوري بالدفاع عن النظام القطري في مواجهة النظام السعودي والإماراتي والمصرى؟ وبعيدا عن إمكانية حدوث ذلك٬ فالعلاقات السياسية قائمة على المصلحة ولكن هل سيقبل النظام السوري أن يعادي النظام المصري صاحب الموقف القريب إلى حد ما من موقف النظام السوري تجاه الأزمة٬ وإذا أخذ النظام السوري موقفا معاديا من النظام القطري فذلك سيؤثر على العلاقة الاستراتيجية مع إيران٬ وعلى الرغم من أن العلاقات الدولية لا تقوم على النظرة الحادة والثنائية فقط فهناك مساحات متعددة من المناورة٬ فإن التأثير السياسي سينعكس بالضرورة على مستوى الفاعلين الداخليين بالأزمة السورية٬ حتى ولو استمر النظام السوري في حالة عدم رد الفعل أو حالة عدم إعلان موقف محدد من الخلاف القطري مع الدول العربية (٣+١)٬ فبعد ساعات قليلة من الأزمة السياسية أعلن جيش الإسلام، وهو واحد من الفصائل المسلحة بسوريا، تأييده للموقف السعودي ضد قطر٬ هذا الأمر انسحب أيضا على بعض التنظيمات المسلحة الأخرى كتنظيم أحرار الشام وتنظيم هئية تحرير الشام وهي أقرب للنظام القطري٬ وهذا سيؤدي إلى انتقال الخلاف السياسي للداخل السوري بشكل عنيف٬ ولكن الأهم في هذه المساحة هو الموقف بين الميليشيات المسلحة الشيعية والتنظيمات المحسوبة على قطر٬ فهل يمكن أن نشاهد تنسيقا ما بين جبهة النصرة وحزب الله في سوريا؟ فالبعض سيقول قولا واحدا: هذا مستحيل٬ ولكن أدعو القارئ إلى أن يتوقف لحظة أمام ملاحظتين، الأولى أن العلاقات الدولية والسياسية وخصوصا في الصراعات لا توجد بها أشياء ثابتة. ثانيا: حدث اتفاق منذ أقل من شهرين بين جبهة النصرة وتنظيمات قريبة من النظام السوري ومنها حزب الله في عملية إخلاء بعض المدن كجزء من الاتفاق السياسي بين قطر وإيران لحل أزمة المخطوفين القطريين في العراق٬ وهذا مثل بسيط يمكن أن يستمر٬ وهذا يعني أن خريطة التحالفات بين الميليشيات المسلحة بسوريا ستختلف خلال المرحلة القادمة، أي بمعنى أدق أن خريطة التحالفات بين التنظيمات المسلحة والسياسية بسوريا قبل ٥ يونيو ٢٠١٧ ستختلف جذريا عما بعد ٥ يونيو ٢٠١٧. وبالقياس على باقي الأزمات الإقليمية وخصوصا الأزمة اليمنية والليبية يمكننا القول إن أزمة (٥ يونيو ٢٠١٧) بين قطر ومجموعة (٣+١)٬ (مصر والسعودية والإمارات والبحرين)٬ نقطة البداية في تشكيل نمط جديد للتحالفات الإقليمية، فالحديث عن العودة إلى حدود ٥ يونيو ٢٠١٧ ٬ أمر صعب، فهذا التحالف قيد التشكل سيكون مؤثرا على أغلب الملفات السياسية بالمنطقة، سواء كانت بدول الصراع أو في العلاقات بين دول المنطقة (السودان ومصر نموذجا)٬ وهذا يحتاج لمساحة أخرى من التحليل.