بعد 70 عامًا من العلاقات الدافئة بين الحليفين السعودي والأمريكي، إلا أن بوادر أزمة تلوح في الأفق مجددًا بعد قيام شركات تأمين أمريكية مشتركة، برفع دعوى قضائية تطالب بتعويضات 4.2 مليار دولار من بنكين وشركات سعودية مرتبطة بعائلة أسامة بن لادن وجمعيات خيرية بشأن هجمات 11 سبتمبر. ما يعيد إلى الأذهان "قانون جاستا" الذي شرعَّه الكونجرس الأمريكي في 28 فبراير 2016، ويسمح لمواطني دولة بمقاضاة دولة أخرى على أفعال نُسبت إلى رعايا الأخيرة، لكن الرئيس الأمريكي السابق "أوباما" رأى أن القانون قد يتسبب في انهيار الاقتصاد الأمريكي، ما دفعه لاستخدام "الفيتو"، الأمر الذي قابله الكونجرس برفض كبير ودفعه إلى إبطال قرار الرئيس بأغلبية الأصوات. فبحسب وكالة "رويترز" البريطانية، فقد أُقيمت دعوى في وقت متأخر ليلة الأربعاء في محكمة جزئية أمريكية في مانهاتن، ضد شركات سعودية تطالب من خلالها بتعويضات 4.2 مليار دولار من بنكين ةشركات سعودية مرتبطة بعائلة أسامة بن لادن. وهو أحدث إجراء لتحميل كيانات سعودية المسؤولية القانونية عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، بحسب "الوكالة". التصديق على القانون وكان قد أقر الكونجرس الأمريكي قانون جاستا، بعد نقضه للفيتو الرئاسي، إذ صوّت 97 من أعضائه تأييدًا لتجاوز الفيتو الرئاسي، مقابل صوت واحد مؤيد لأوباما، هو السيناتور هاري ريد، زعيم الأقلية الديمقراطية في المجلس، وأيّد 348 نائبًا في مجلس النواب تجاوز الفيتو الرئاسي مقابل 77 صوتًا، ليصبح المشروع قانونًا. اعتراض أوباما لكن أوباما رد معقبًا على ذلك بأن هذه الخطوة هي سابقة خطيرة، وكذلك فإن صحيفة "نيويورك تايمز" تبنت وجهة نظر الرئيس السابق أوباما، معتبرة أن هذا القانون إذا تم إقراره فسوف ينتج عنه نتائج خطيرة، كما أنه سيقضي على علاقة الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة العربية السعودية، والعديد من الدول العربية التي ستساند السعودية، كما اعتبرت هذا القانون إذا ما تم إقراره، فهذا من شأنه أن يعرض أمريكا ومواطنيها ودبلوماسييها إلى عدد من المحاكمات والملاحقة القانونية من جانب دول غربية. وهاجم البيت الأبيض نتيجة التصويت، إذ قال الناطق باسمه آنذاك جوش ارنست: إن "هذا يعد الفعل الأكثر إحراجًا من مجلس الشيوخ ربما منذ عام 1983"، وذلك في إشارة إلى نقض المجلس لفيتو رئاسي آخر آنذاك". وكان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، جون برينان، قال: إن "القانون ستكون له عواقب وخيمة" على الأمن الوطني الأمريكي"، وأخطرها وأكثرها ضررًا سيتعرض لها أولئك المسؤولون الحكوميون الأمريكيون الذين يعملون في الخارج نيابة عن بلادنا". وأضاف، أن مبدأ الحصانة السيادية مبدأ يحمي المسؤولين الأمريكيين كل يوم، وهو مبدأ مبني على التبادلية"، مؤكدًا على أنّه في حالة تخلي الولاياتالمتحدة عن تطبيق هذا المعيار بالنسبة للدول الأخرى، فسنعرض مسؤولي بلدنا إلى مخاطر. تأثير القانون وينصّ القانون المذكور على أن المواطنين الأمريكيين الذي نجوا من الهجمات الإرهابية، وهم أقارب قتلى الهجمات يمكنهم المطالبة بتعويضات من دول أخرى، وفي هذه الحالة، فإنه سيتيح المضي قدمًا في دعاوى بمحكمة اتحادية في نيويورك، حيث يسعى محامون لإثبات أن المسؤولين السعوديين كانوا ضالعين في الهجمات على مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بواشنطن، يوم 11 سبتمبر 2001، والتي اتهم بتنفيذها من قبل 19 شخصًا، 15 منهم سعوديون. ويمنح القانون عائلات الضحايا، الحق في ملاحقة "أي عناصر في الحكومة السعودية عن أي دورٍ قد تكون لعبته في الهجمات" في المحاكم الأمريكية، ما قد يجبر الرياض على دفع مليارات الدولارات كتعويضات، بحسب مراقبين. وبحسب القانون، فإن هذه المحاكم سيكون بإمكانها التخلص من أي مطلب يتعلق بالحصانة الممنوحة للدول، لأن الهجمات كانت على أراض أمريكية. الدعاوي السابقة وفي مطلع أكتوبر 2016، قدمت مواطنة أمريكية، فقدت زوجها في هجمات 11 سبتمبر 2001، أول دعوى قضائية ضد السعودية إلى المحكمة. أما مارس الماضي، فقد رفع أقارب ضحايا هجمات 11 سبتمبر في الولاياتالمتحدة، دعوى قضائية جماعية ضد السعودية اتهموها فيها بتمويل تنظيم "القاعدة" وتقديم أشكال أخرى من الدعم. واتهمت وثيقة الدعوى القضائية التي قدمت آنذاك، بعض الجمعيات الخيرية والجهات الحكومية في السعودية بإقامة علاقات مع زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن. وتنفي الحكومة السعودية بشكل قاطع مسؤوليتها عن هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة، وتعترض بشدة على القانون، وعبرت الرياض مرارًا عن قلقها العميق إزاء القانون، وهددت ببيع الأصول السعودية، التي تحتفظ بها المملكة في الولاياتالمتحدة وتبلغ 750 مليار دولار. وهدّدت أيضًا - عبر وزير خارجيتها عادل الجبير - بسحب استثماراتها من أمريكا، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في أبريل الماضي، غير أن المصالح الأمريكية مع دول الخليج تتعدى سندات الخزينة السعودية في الولاياتالمتحدة، التي تقدر بحوالي 100 مليار دولار، لتشمل جميع القطاعات العسكرية والأمنية والسياسية. وتملك الحكومة السعودية وهيئات تابعة لها من بينها صندوق الاستثمارات العامة، صندوق الثروة السيادية السعودي، الحصة الكبرى في البنك الأهلي التجاري.