روبرت جيتس: لا أعتقد أن روسيا سوف تتوقَّف عما تفعله فى أوكرانيا حتى توجد حكومة متعاطفة مع موسكو «القرم خلاص راحت»، هكذا قال روبرت جيتس، وزير الدفاع الأمريكى السابق، واصفا الوضع الحالى فى أوكرانيا، ومتوقّعا أن لا يحدث أى تغيير فى المستقبل المنظور. وقام أوباما بتوجيه الدعوة إلى رئيس الوزراء الأوكرانى للقاء معه فى البيت الأبيض غدا (الأربعاء). وبالطبع واشنطن تريد أن تستبق الأحداث وتحديدا الاستفتاء المزمع إجراؤه يوم 16 مارس الجارى لإقرار ضم القرم إلى روسيا، ولذلك تُكثّف اتصالاتها الرامية ل«عزل روسيا». ولم تتباين بشكل عام القراءات الأمريكية للأزمة الأوكرانية بأن روسيا تحكم قبضتها على شبه جزيرة القرم، ونعم هناك جهود دبلوماسية مكثّفة تبذل إلا أنه لا يوجد أى مؤشر بأن موسكو قد تتراجع أو قد تتنازل عن تمسكها بالقرم. وزير الدفاع الأمريكى السابق جيتس كان محدّدا وواضحا وأيضا صادما فى تصريحه «لا أعتقد أن القرم ستفلت من قبضة روسيا»، وقد قال ذلك فى حديث مع شبكة «فوكس نيوز»، مشيرا إلى أن ما حدث كان جزءا من استراتيجية طويلة الأمد من جانب روسيا تسعى من خلالها إلى خلق دائرة نفوذ روسية أى الكتلة الروسية، وقال جيتس: «لا أعتقد أن روسيا سوف تتوقف عن ما تفعله فى أوكرانيا حتى توجد حكومة متعاطفة مع روسيا فى أوكرانيا.. فى كييف». وأعرب جيتس فى حواره التليفزيونى عن تأييده للجهود التى يبذلها الكونجرس والإدارة من أجل زيادة العقوبات ضد روسيا قائلا: «ما نحن فى حاجة إليه أن نُظهر لروسيا بأن هناك عواقب طويلة المدى لأفعالها»، واعترف جيتس أيضا بقلة المتاح والمنتظر من جانب واشنطن «أن خياراتنا التكتيكية محدودة للغاية». من ناحيتها، حاولت إدارة أوباما صباح يوم أول من أمس (الأحد) أن تشرح وجهة نظرها وموقفها من الأزمة الأوكرانية، وأن تبرّر بالطبع ما فعلته أو ما لم تفعله بخصوص أوكرانيا. تونى بلينكن، نائب مستشار الأمن القومى الأمريكى، كان عليه دور «محامى الإدارة» فى حوار مع شبكة «سى إن إن». وذَكَر بلينكن أن الرئيس أوباما وجّه الدعوة إلى رئيس الوزراء الأوكرانى أرسينى ياتسنيوك ليلتقيه فى البيت الأبيض غدا من أجل إبداء التأييد له وأيضا التشاور معه. بلينكن فى حواره التليفزيونى رفض فكرة أن الولاياتالمتحدة ليس لديها نفوذ على روسيا، ذاكرا أن كل تلك الخطوات التى اتخذتها موسكو لها تكلفة وعواقب حقيقية بالنسبة إلى روسيا. وأشار بلينكن إلى أن ما يصفه البعض بأنه ضعف من أوباما هو العكس تماما، وأن ما رآه بوتين موخرا أن الرئيس أوباما يقوم بتعبئة المجمتع الدولى من أجل دعم أوكرانيا ومن أجل عزل روسيا بسبب أفعالها فى أوكرانيا. وأن «روسيا تدفع ثمنا حقيقيا لذلك»، حسبما قال بلينكن. مضيفا أن بوتين لا يتصرّف من موقف قوة بل من موقف ضعف، كما أن نائب مستشار الأمن القومى الأمريكى كان حريصا على تأكيده بأن أوكرانيا ليست محصلة سوريا، وذلك ردا على ما يتردّد بأن ما لم يفعله أوباما وما أظهره من ضعف بخصوص سوريا أدّى إلى التدخل الروسى فى سوريا. وقال بلينكن أيضا فى حديثه التليفزيونى: «هذا ليس له صلة بما نفعله أو نقوله.. إنه يخصّ روسيا ومصالحها»، وذلك ردا على الانتقادات الموجّهة إلى أوباما، وأشار إلى ما يقال بأن ما حدث ويحدث فى القرم جاء كنتيجة لما لم تفعله الإدارة فى سوريا «لا معنى له»، ذاكرا أن روسيا تحرّكت ودخلت جورجيا خلال إدارة بوش، وكانت هناك قوات أمريكية فى العراق وأفغانستان. وقال بيان صادر عن البيت الأبيض إن الرئيس أوباما قام بتوجيه دعوة إلى رئيس الوزراء الأوكرانى أرسينى ياتسنيوك للقاء به فى البيت الأبيض غدا (12 مارس). ذكر البيان: «أن هذه الزيارة تبرز الدعم القوى الذى تبديه الولاياتالمتحدة للشعب الأوكرانى الذى أظهر شجاعة وإرادة ملهمة خلال الفترة الأخيرة من الأزمة، وأن الرئيس ورئيس الوزراء الأوكرانى سوف يُناقشان كيف يمكن إيجاد حل سلمى للتدخل العسكرى الروسى الجارى فى القرم يحترم سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها. كما أنهما سيُناقشان أيضا المساندة التى يستطيع المجتمع الدولى أن يقدّمها لدعم أوكرانيا فى مواجهة تحدياتها الاقتصادية، وأهمية توحّد أوكرانيا وعملها من أجل تحقيق تطلعات الشعب الأوكرانى، بينما يستعد للانتخابات الرئاسية فى مايو المقبل». من جهة أخرى، انتقد ديك تشينى، نائب الرئيس الأمريكى، أوباما، مشيرا إلى أنه فشل فى أن يأخذ فى الحسبان خيارات عسكرية، وهو يُحاول التعامل مع الأزمة الأوكرانية. وذَكَر تشينى فى حديث تليفزيونى مع شبكة «سى بى إس» يبدو أن أوباما يعمل دائما بأسلوب «لا خيار عسكرى» فى أغلب الأحوال. وأكد تشينى على وجود خيارات عسكرية لا تتطلّب وضع قوات على الأرض فى القرم قائلا: «نحن يمكن أن نرجع ونضع من جديد برنامج دفاع صاروخى تم سحبه، وكان من المفترض أن يذهب إلى بولندا وجمهورية التشيك. وأن أوباما سحبه إرضاءً لبوتين.. نحن فى إمكاننا أن نجرى تدريبات مشتركة مع بولندا، وفى استطاعتنا تقديم مساعدات عسكرية وعتاد عسكرى للأوكرانيين أنفسهم». ويذكر فى هذا الصدد أن نائب الرئيس السابق ومنذ أن ترك السلطة فى 2009 لم يتوقّف عن توجيه انتقادات شديدة اللهجة لأوباما. أما بخصوص برنامج النظام الدفاعى الصاروخى الأوروبى فإن إدارة أوباما أعلنت فى مارس الماضى إلغاء المرحلة الأخيرة منه، والتى كانت ستقام جزئيا فى بولندا، وقد بررت الإدارة قرارها هذا حينئذ بوجود حاجة لتلك الأجهزة فى آلاسكا للمساعدة فى منع الهجمات من كوريا الشمالية. وبمتابعة المشهد وتفاصيله يبدو أن موسكو «عازمة» على ضم القرم إليها، كما يبدو أن واشنطن «عاجزة» عن أن تقنع موسكو أو تُجبرها على التراجع أو التنازل عن عزمها، ومن ثمّ المواجهة مستمرة والعالم كله يترقب ما قد يحدث.