وسط كييف العاصمة تحول إلى أطلال بعد سقوط عشرات القتلى من المتظاهرين والأمن واشنطن تنتقد الرئيس يانوكوفيتش.. وبوتين يطالب الغرب بإدانة المتشددين من المعارضة على خلفية وسط مدينة كييف، الذى تحول خلال اشتباكات الثلاثاء الماضى إلى ما يشبه أطلال الحرب العالمية الثانية، أعلن جهاز الأمن الأوكرانى ومركز مكافحة الإرهاب عن بدء عملية أمنية ل«مكافحة الإرهاب» على أراضى البلاد. وأصدر رئيس جهاز الأمن الأوكرانى ألكسندر ياكيمينكو بيانًا أكد فيه أنه أبلغ الرئيس فيكتور يانوكوفيتش بقرار إجراء عملية «مكافحة الإرهاب»، نظرًا لأن الأحداث الأخيرة فى أوكرانيا أظهرت تصاعد المواجهات وزيادة استعمال الأسلحة من قبل جماعات قومية متطرفة. وشدد على أن المتشددين قاموا بإضرام النار فى مساكن خاصة ومحاكم والاستيلاء على مبانٍ حكومية ومراكز أمن ووحدات عسكرية ومخازن أسلحة. وتمكنت مجموعات منهم من الاستيلاء على 1500 قطعة من الأسلحة النارية و100 ألف قطعة من الذخيرة. وفى إجراء موازٍ أصدر الرئيس فيكتور يانوكوفيتش أمرًا بتعيين الأميرال يورى إيليين رئيسًا جديدًا لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، بدلا من فلاديمير زامان الذى عين نائبًا لأمين مجلس الأمن القومى الأوكرانى. بينما أكدت وزارة الدفاع الأوكرانية أنها بصدد اتخاذ إجراءات إضافية لتعزيز حراسة مخازن الأسلحة والأهداف العسكرية، لكنها نفت أن يكون نشر القوات الإضافية فى كييف مرتبطًا بأى خطط لتفريق المحتجين المناهضين للحكومة. وشددت الوزارة على أن هذه الإجراءات تأتى على خلفية تصعيد الأوضاع فى البلاد من أجل الحيلولة دون سرقة أسلحة أو ذخائر أو مواد عسكرية أخرى من مخازن الأسلحة والقواعد العسكرية. وكان وزير الدفاع بالوكالة بافيل ليبيديف كان قد أكد نشر كتيبة سلاح المظلات ال25 المرابطة فى دنيبروبيتروفسك شرق البلاد فى كييف، بينما تم إرسال تعزيزات إلى العاصمة كييف فى سياق تشديد حراسة الأهداف العسكرية. وأكدت مصادر بوزارة الدفاع الأوكرانية أنه سيتم نشر الفوج 79 المحمول جوًا فى كييف قريبًا، ووضعه تحت قيادة القوات الداخلية التابعة لوزارة الداخلية. وفى تحذير واضح ومباشر أدان الرئيس الأمريكى باراك أوباما ما وصفه بأعمال العنف فى أوكرانيا، محذرًا من عواقب وخيمة فى حال استمراره. كما حذر أيضًا من تدخل الجيش فى الأزمة التى يجب حلها من قبل المدنيين، على حد وصفه. وفى إجراء يعد الأول من نوعه، وصف البيت الأبيض أعمال العنف فى العاصمة الأوكرانية كييف بالمشينة، مجددًا دعوته للرئيس يانوكوفيتش إلى تهدئة الوضع. وأكد مستشار الأمن القومى الأمريكى بن رودس أن أعمال العنف فى العاصمة الأوكرانية لا مكان لها فى القرن 21، مشددًا على أن البيت البيض «يجدد رفضه أعمال العنف التى تشهدها كييف من جميع الأطراف، ويدعو فى نفس الوقت الحكومة الأوكرانية إلى سحب قوات الأمن وإعلان هدنة بين الطرفين لبدء نقاش جاد يمكن أن يساعد على حل الأزمة». وأضاف أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تدرس فرض عقوبات على كل من ثبت تورطه فى أعمال العنف. هذا وتبنت كل من بريطانياوفرنساوألمانيا نفس الموقف الأمريكى تقريب، إذ أكد رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون أنه على الرئيس الأوكرانى أن يسحب قواته من جميع ميادين الاحتجاجات بالعاصمة كييف لتهدئة الوضع، معربًا عن قلقه من مظاهر العنف اليومى الذى تمارسه جميع الأطراف، وهو أمر غير مقبول فى أوكرانيا. كما أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند أن ألمانياوفرنسا تدينان أعمال العنف فى أوكرانيا. وقالت إنه من المنتظر أن يتم فرض عقوبات خاصة لن تستهدف المدنيين بل المسؤولين عن العنف، حسب تعبيرها. وأشارت إلى أن فرنساوألمانيا تؤمنان بالحوار السياسى وأن البلدين على اتصال دائم بروسيا من أجل إيجاد مخرج من هذه الأزمة. أما الرئيس الفرنسى فقال إن إنهاء العنف يقتضى عقوبات موجهة وخاصة للمسؤولين عن العنف، إضافة إلى فتح حوار سياسى مع كل الأطراف المعنية فى أوكرانيا. غير أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين دعا الغرب إلى إدانة المتشددين من مناهضى الحكومة فى أوكرانيا، وإلى التخلى عن اتهام السلطات الأوكرانية. وذكر الكرملين فى بيان رسمى أن بوتين أكد فى اتصال هاتفى مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أهمية تخلى الدول الغربية عن سياسة الاتهامات الموجهة للقيادة الأوكرانية وأهمية إدانة القوى المعارضة المسؤولة عن تدبير أعمال إرهابية ومتطرفة. وأكد وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف رفض موسكو محاولات التدخل الخارجى فى الأزمة الأوكرانية محمّلا المتطرفين وزعماء المعارضة والساسة الغربيين مسؤولية الفوضى. وأسفرت مواجهات الثلاثاء الماضى فى وسط العاصمة كييف عن 26 قتيلًا، بينهم 10 من عناصر الأمن وصحفى. ووصل عدد الجرحى إلى 600 شخص، بينهم 400 من عناصر الأمن و25 صحفيًّا. إضافة إلى إصابة 74 من قوات الشرطة بطلقات نارية. لكن المستشفى الميدانى التابع للمحتجين فى ميدان الاستقلال أكد أن 20 قتيلًا على الأقل سقطوا فى صفوف المحتجين، بينما أصيب الآلاف. وإذا كان وسط العاصمة كييف قد تحول إلى ما يشبه الأطلال، فقد بدأ أنصار المعارضة الذين تعتبر المناطق الغربية للبلاد قاعدتهم الأساسية، الاستيلاء على مبانٍ إدارية محلية وتحطيم بعض المقرات الأمنية. ففى مدينة لفوف هاجم المحتجون ثكنة عكسرية، وأضرموا النار فيها، الأمر الذى أدى إلى احتراق جزء من المبنى وإصابة نحو 30 عسكريًّا. وبدأت اضطرابات أيضًا فى مدينتى إيفانو - فرانكوفسك وتيرنوبول، حيث استولى المحتجون على عدد من المبانى الحكومية أيضًا. وجاءت اشتباكات الثلاثاء بعد فترة طويلة نسبيًّا من الهدوء، إذا كانت السلطات والمعارضة قد توصلتا إلى اتفاق، انسحب بموجبه المحتجون من المبانى التى استولوا عليها منذ يناير الماضى، مقابل الإفراج عن المعتقلين ممن شاركوا فى المواجهات. لكن الآلاف من أنصار المعارضة توجهوا صباح الثلاثاء الماضى إلى مقر البرلمان (مجلس الرادا)، حيث كانت المعارضة تطالب حزب «الأقاليم» الحاكم ببحث تعديل الدستور خلال جلسة البرلمان. واندلعت اشتباكات عنيفة قرب مقر البرلمان، بينما اعتدى محتجون على مكتب حزب «الأقاليم» وأضرموا به النار. واستمرت الاشتباكات طوال الليل، بينما وجهت السلطات وحدات من القوات الخاصة إلى وسط العاصمة لإخلاء الحى الحكومى من المحتجين، إلا أنهم تجمعوا فى ميدان الاستقلال لمواصلة الاحتجاج، بينما قامت قوات الأمن بإغلاق مخارج ومداخل الميدان على بعد نحو 100 متر من الساحة الأساسية. وفى ضوء التشابكات الدولية حول أوكرانيا وظهور تصريحات حادة من كل الأطراف الخارجية على لسان رؤساء وقادة الدول وليس فقط على مستوى الوزراء، والتحذيرات الغربية من تدخل الجيش، والرد الروسى العنيف على ما وصفه بالتدخل السافر فى الشأن الداخلى الأوكرانى، على خلفية كل ذلك، أعلن أحد زعماء المعارضة الأوكرانية أرسينى ياتسينيوك عن توصل المعارضة إلى اتفاق هدنة مع الرئيس الأوكرانى فكتور يانوكوفيتش، كما تم الاتفاق على إطلاق مفاوضات لاستعادة الاستقرار فى البلاد. وقد جاء ذلك فى بيان لحزب (الوطن) الذى يرأس ياتسينيوك كتلته البرلمانية، صدر فى أعقاب اجتماع الرئيس الأوكرانى مع قادة المعارضة فى وقت متأخر من مساء الأربعاء. وجمع اللقاء الرئيس الأوكرانى مع كل من ياتسينيوك وزعيم حزب «الضربة» فيتالى كليتشكو وزعيم حزب «الحرية» أوليج تياجنيبوك. غير أن الأزمة المتفاقمة لا تتجه نحو الحل، بقدر ما تتجه نحو التعقيد، خصوصًا فى ظل الزيارات المتواصلة لكبار المسؤولين الغربيين الذين يتوجهون إلى ميدان الاستقلال مباشرة للتعامل مع المحتجين والإدلاء بتصريحات تزيد من التصعيد السياسى والميدانى. أعلنت وزارة الداخلية الأوكرانية مقتل أحد عناصرها وإصابة 29 آخرين بعد هجوم شنه المحتجون صباح الخميس 20 فبراير، على قوات الأمن لطردها من ميدان الاستقلال، حيث يعتصم أنصار المعارضة. من جانب آخر، ذكر التليفزيون الأوكرانى أنه تم العثور على 7 جثث فى ميدان الاستقلال، بينما قال المحتجون الذين انتشروا فى الشوارع القريبة من الميدان إنهم يتعرضون إلى إطلاق نار من جانب قناصة تحصنوا على سقف فندق أوكرانيا المجاور. ومن جانبه قال مصور لرويترز إنه عثر على أكثر من 21 جثة مسجاة فى ميدان الاستقلال بالعاصمة كييف أثناء تفقده لمواقع الاشتباكات. وتجددت الاشتباكات بين المحتجين المناهضين للحكومة وقوات الشرطة فى ميدان الاستقلال بوسط كييف، على الرغم من اتفاق الهدنة الذى توصلت إليه قيادة المعارضة والسلطات الليلة الماضية.