كتب - مصطفى عبد الفتاح موسيقي مصري اختار أن تكون آلة البيانو سلاحه وطريقه للوصول إلى العالمية، يعزف عليها مقطوعات موسيقي يعتبرها تراثًا بشريًا عامًا غير مرتبط ببيئة معينة، إنه عازف البيانو الشهير "رمزي ياسا"، وبينما اختار الفنان عمر خيرت الموسيقى الشرقية، عشق "ياسا" الموسيقى العالمية، وكان ل"التحرير" معه هذا الحوار: - كيف كانت بدايتك مع الموسيقى ولماذا فضلت البيانو على غيره من الآلات؟ "نشأت في بيئة موسيقية والدتي أستاذة بيانو وبتعزف بيانو وكذلك أختي والدي كمان كان بيحب الفنون بجانب إنه طبيب في الجيش وكان بيهوى جدا التصوير الفوتوغرافي وبيعمل معارض لصوره، فبالتالي كله ده أثر في نشأتي وخلاني أختار المجال الفني واتجه للموسيقى". - أنت من أوائل خريجي الكونسرفتوار.. من هم "دفعتك" من الموسيقيين الحاليين؟ كان من دفعتي الدكتور حسن شرارة، الدكتور مصطفى ناجي، جمال سلامة، جابر البلتاجي. - لماذا اخترت السفر للاتحاد السوفيتي بعد تخرجك؟ "لإن الاتحاد السوفيتي وقتها كان من البلاد المشهورة بالفن والموسيقى بالتحديد، ووقتها اللي كان بيدرس موسيقى هناك كان بيدرس في أحسن مكان في العالم عندهم موسيقيين على أعلى مستوى وتاريخ موسيقي قديم". - ما هو الهدف الذي كنت تسعى إليه من خلف هذه الرحلة العلمية؟ "أنا سافرت في أواخر الستينيات، وقتها كانت طالع من بلد اتهزمت في الحرب فكنت مخطط إني أدرس واستفاد بأكبر قدر من المكان اللي أن مسافر ليه، خصوصا إنه وكر الموسيقى العالمية وقتها كان كل هدفي الفن استفاد أكبر قدر من المحيطين بيا اشترك في مسابقات وأفوز بجوائز، وبالفعل اشتركت وفزت بجوائز كثيرة وحققت جزء من اللي كان نفسي اعمله بس دايما الواحد بيحلم بحاجات كثيره بس في الطبيعي مش بيحقق كل اللي بيتمناه، فأنا راضي عن مشواري بس مش مبسوط لإن في حاجات كنت ممكن أعملها بشكل أفضل". - ما هو الفارق بين جيلك من الموسيقيين والجيل الحالي؟ "الفرق كبير جدا فأيام تخرجي من الكونسرفتوار مثلا عشان أجيب نوتة موسيقيه لعمل عايز أدرسه كانت حدوتة في ظل إن البلد كانت خارجة من نكسة ومقفولة جدا ده غير مشكلة العملة الصعبة مثلا وقتها كان فين نوتة معينة عايز أجبها من الخارج عرفت إن اليونسكو عامله كوبونات تشتريها وتقوم بإرسالها للناشر في أوروبا ويبعت لك النوتة فتخيل كم المعاناة من إرسال الكوبونات وانتظار وصول النوتة كانت شغلانة دلوقتي تقدر تعمل دون لود لمكتبات موسيقية وأنت قاعد في بيتك بدون مقابل، وفى نفس الوقت مكتبة الكونسرفتوار كانت محدودة جدا في الاسطوانات الموجودة بها مقارنة باليوتيوب حاليا". - لماذ اخترت التخصص في الموسيقى العالمية بدلًا من الموسيقى الشرقية؟ "لإنها موسيقى ليها رصيد كبير جدا وبتتعزف في جميع أنحاء العالم رغم إنها نشأت في الغرب وحاليا أكتر ناس بتعزف موسيقى عالمية خارج أوروبا لإنها بمثابة تراث عالمي غير مرتبط ببيئة أو مكان محدد، وعلى المستوى العربي لا يوجد موسيقيين عرب من حيث العدد مقبلين على هذا النوع من الموسيقى، بعكس مثلا دولة مثل الصين كانت بعيدة عن المجال ده من الموسيقى لكن حاليا أصبحت قوة كبيرة فيه". هل هناك إقبال على الاستماع للموسيقى الغربية في مجتمعاتنا الشرقية؟ "فيه إقبال بس مش كبير فعدد الموسيقين وعدد الأوركسترات وعدد القاعات الموسيقية قليل جدا مقارنة بعدد سكان مصر مثلا دولة زي إسبانيا أنا عزفت فيها فيما يقرب عشرين أو خمسة وعشرين مدينة، أما مصر فعزفت فيها في أماكن تتعد على أصابع اليد رغم إن شهرتي هنا أكثر من شهرتي في إسبانيا ففي الخارج عدد الأماكن اللي ممكن يتعمل فيها عروض موسيقية كثيرة جدا، وتوجد بلاد ممكن تلاقي فيها قاعات أكبر من الأوبرا فلو قارنت هتلاقي إن في الخارج الفرصة متاحة إني أعزف في أماكن كثيرة فتكون النتيجة إني أوصل بموسيقتي لناس أكثر". - من هو الموسيقي الذي شعرت من عزف مقطوعاته أن شخصيته قريبة من شخصيتك؟ "كتير جدا أنا لما بعزف ل "بيتهوفن ،شوبان ،موزارت ،تشايكوفسكي" بتمنى إني أكون شبيه لهم لإنهم تركوا لنا أعمال كثيرة متميزة وصعبة وجميلة وممكن أنت كشخص تقضي ساعات وأيام وشهور وسنوات من أجل أن تقدمها بشكل تكون راضي عنه لإن فيها مليون طريقة أداء من خلال قراءتك ليها وتتيح للموسيقي إنه يأديها بطرق مختلفة وكثيرة جدا". - هل وجود نماذج مثلك في الخارج يؤثر بشكل إيجابي على صورة العرب؟ "الكام سنة الأخيرة اتشكلت في الغرب صورة سلبية كبيرة عن العرب، فأنا كمواطن مصري مقيم في الخارج لما بقرأ خبر عربي ببقى خايف من كثرة ارتباط المنطقة في الفترة الأخيرة بالأحداث السلبية، كل يوم تقرأ خبر عن انفجار في المكان الفلاني لدرجة إننا وصلنا في بلادنا العربية إنك لو سمعت انفجار إطار سيارة أول تخمين بيجي في عقلك إنه انفجار إرهابي". - ما الاختلافات التي تلاحظها في مصر كلما سافرت إلى الخارج وعدت من جديد؟ "فيه أشياء كثيرة تغيرت في بلدنا للأحسن وفيه أشياء تغيرت للأسواء وأكثر شيء أدركته مؤخرًا الأسعار التي ارتفعت بشكل جنوني احنا خلال الفترة الماضية كنا مسيطرين على الأسعار بشكل كبير خطوة رفع الأسعار كانت لازم تتاخد لإن في منتجات كثيرة كنت بلاقيها هنا بعشر سعرها في الخارج رغم إن تكلفة إنتاجها كبيرة جدا، بس في نفس الوقت لازم يكون فيه سيطرة وإشراف لإن بلدنا فيها ناس كثيرة لاتمتلك أي شيء". - ما رأيك في واقع مصر الموسيقي حاليا في ظل سيطرة الإنتاج الشعبي على الساحة؟ "المجتمع بعد ثورة 25 يناير ظهرت فيه إيجابيات كبيرة وقابلها في نفس الوقت سلبيات وكان منها الموسيقي الشعبية ذات الطابع التجاري اللي سمح ليها إنها تنتشر وتحقق مبيعات مهولة لإنها سهلة ومُكسبة لمنتجها ولا تتطلب أي نوع من المجهود فبالتالي اللي بينتج نوع من الموسيقى ده بيتعود ميبذلش مجهود لإن الفن بالنسبة له تسلية والدليل على كدا اسمع أي أغنية منها هتلاقيها أي كلام بيتحط على أي لحن مكرر فتكون النتيجة إنهم كلهم متشابهين لبعض وفيه حاجات فيه إسفاف كتير جدا واللي بسببه فيه حاجات حلوة كثيرة أصبحت غير قادرة على الظهور، وحاول تقارن بين حد كان بيسمع أم كلثوم اللي كانت بالنسبة له غذا روحي وبين حد بيسمع الشعبي حاليا". - هل فكرة الاستقرار في مصر واردة في عقلك؟ "أنا لم أنقطع عن القاهرة فأنا دائم المواظبة على زيارتها واحنا كعادتنا كمصريين مرتب في أذهاننا أن من يترك القاهرة ينقطع عنها العالم حاليا تغير بشكل كبير فأنا من ساعة ما اتولدت وأنا بسافر وأرجع لمصر فالبنسبة ليا أنا لم أشعر يوما أني مهاجر أو أني تركت البلد ورحلت فأنا في جزء كبير من وقتي بقضيه خارج مصر نتيجة طبيعة عملي". - هل تشعر أنك مكرم فنيًا في بلدك؟ "أنا أول موسيقي يحصل على جائزة الدولة التقديرية فلن أستطيع أن أقول أني لست مكرم فنيا في مصر، والأهم بالنسبة ليا إني عندي جمهوري هنا اللي بيحبني ويأتي لحضور حفلاتي أنا بشكل مخصوص، وكل ما أتمناه أن يكون الفن الراقي متوفر ومنتشر في بلدي بشكل أكثر من ذلك دار الأوبرا بتعمل محاولات تشكر عليها لكن أنا بحكم سفري في الخارج بروح بلاد لم أسمع عنها من قبل للعزف بها وأتفاجىء بكم التجهيزات والقاعات التي تكون على أعلى مستوى لخدمة العازفين والجمهور فده اللي بيخليني أتمنى إنه يجي اليوم اللي أشوف فيه الفنون منتشرة في كل ربوع مصر مش في العاصمة فقط". - ما رسالتك التي تود أن توجهها للمسؤولين؟ "أهم شيء يجب الاهتمام به الفن والتعليم لأنهم أهم مكونات الشخصية الإيجابية للطفل، بحيث إنه لما يكبر يكون عنده مقياس بيقيس عليه يبقى عنده معيار للصح والخطأ، لإن أي فن في الدنيا له قواعد وله نظام، ويجب أن يكون هناك اهتمام بشكل أكبر بالفنون وألا نلجأ إليها وقت الأزمات فقط لتحسين صورتنا، وبعد ذلك نتجاهلها وننساها، لأن الفنون ليست علاج للشخص وإنما غذاء له".