تتواجد قوات النظام السوري على بعد نحو سبعة كيلومترات من مدينة الباب، حيث تسيطر فصائل "درع الفرات" المدعومة من تركيا على مناطق الجنوب الغربي من المدينة، والتي تتواجد على نحو كيلو متر ونصف من طريق الباب – حلب الرئيسي، وهو ما قد يقطع الطريق على القوات النظامية السورية وحلفائها في سعيها نحو الباب. ينذر التقدم السريع للجيش السوري نحو مدينة الباب، التي يسيطر عليها تنظيم داعش، بإطلاق شرارة مواجهة مع تركيا، بينما تسعى دمشق لمنع أنقرة من التوغل لمسافة أعمق في منطقة ذات أهمية استراتيجية في شمال سوريا. وفي أقل من أسبوعين وصلت وحدات الجيش السوري لمسافة تبعد ستة كيلو مترات من الباب، وهي مدينة تستهدفها أيضًا حملة للجيش التركي وحلفائه من الجماعات التي تقاتل تحت راية الجيش السوري الحر. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الهجوم التركي دفع مقاتلي المعارضة الذين تدعمهم -والذين حارب بعضهم ضد الرئيس بشار الأسد أيضًا في حلب- إلى أطراف مدينة الباب. وقال مصدر في التحالف العسكري الذي يقاتل في صف الأسد، أمس الأربعاء، إن الجيش السوري يهدف إلى الوصول إلى الباب ومستعد "بالتأكيد للاشتباك مع الجيش السوري الحر" الذي يقاتل إلى جانب الجيش التركي إذا لزم الأمر، بحسب وكلة رويترز الاخبارية. غير أن المصدر وهو غير سوري قال إن الهدف الأساسي هو إحباط الطموحات التركية "وامتلاك ورقة قوية في لعبة ذلك المحور". موقف تركيا رفضت أنقرة الأسبوع الماضي فكرة تسليم الباب للأسد بعد طرد الدولة الإسلامية منها. ولكن مع ذلك قالت مصادر مطلعة ومتابعة للتحركات التركية العسكرية صوب مدينة الباب في إطار عملية درع الفرات لصحيفة "ترك برس" التركية، إن القوات التركية انتقلت في تحركها داخل مدينة الباب السورية من تكتيك التقدم إلى تكتيك المرابطة على النقاط التي استطاعت تحريرها من عناصر "داعش". وبحسب المصادر فإن تركيا، على ما يبدو اتخذت قرار تجميد التحركات العسكرية في الباب لفترة من الزمن، وهو ما سيطرح تساؤلًا ما إذا كانت تركيا ستوقف تحركها نحو الباب السورية؟ ويمكن للإخفاق العسكري التركي الملحوظ يجعلها تتوقف أو تجمد موقفها على الأقل. أطلقت تركيا على معركة الباب اسم "المرحلة الثالثة لعملية درع الفرات"، وبينما استطاعت تركيا تحرير جرابلس، وبلدة الراعي، بل وحتى دابق ذات الرمزية الهامة بالنسبة ل"داعش"، إلا أنها تواجه صعوبات في مواصلة التقدم صوب الباب، ولعل التكتيك الذي اتبعه "داعش" في سحب مقاتليه نحو الباب، وبالتالي تشكيل حصن مضاد للتحرك التركي، بالإضافة إلى تحول الحرب من حرب مناطق مكشوفة إلى حرب شوارع، حسب المصادر، عاملان أديا إلى إحداث حالة من الإرباك لدى القوات التركية التي أخفقت في حسم معركة الباب لصالحها، بالرغم من تزويدها بعدد هائل من القوات الخاصة، وقد ظهر ذلك للسطح غداة الهجوم التركي الحادة ضد قوات التحالف. وقد يدفع هذا الإخفاق، حسب المصادر، تركيا لإرجاء عملية التقدم العسكري حتى يتم إنشاء تحالف متين مع القوات الروسية وقوات التحالف الفاعلة في سوريا. من جانب آخر أضافت المصادر، أن تحرك النظام السوري بشكل متسارع نحو الباب قادمًا من ريف حلب الشرقي سيخلق صدامًا عسكريًا مباشرًا بين القوتين، قد يفقد تركيا أسبابها القانوني، وتتحول إلى دولة "محتلة" لدولة يسعى نظامها محاربة الإرهاب. وتسوية هذه النقطة لا يتم على صعيد ميداني عسكري، بل يحتاج لتنسيق تركيا روسي، يمكن من خلاله الضغط على إيران التي بدا واضحًا منذ بروز ملامح التوافق التركي الروسي في التحرك السياسي حيال المسألة السورية، أنها تحاول عرقلة هذا التوافق عبر دفع ميليشياتها لخرق عملية "وقف إطلاق النار".