لا يكاد يمر عام على رومانيا إلا وتشهد هذه الدولة الأوروبية وقائع غريبة من نوعها بسبب حالة الاحتقان الشعبي الذي لم يهدأ بها ضد سياسات الحكومات المتعاقبة؛ فالدولة التي شهدت هروب أحد أبرز الطغاة الأوروبيين نيقولاي تشاوشيسكو وإعدامه بالرصاص هو وزوجته في سابقة لم تشهدها القارة العجوز من قبل كان لها موعد مع أحداث أخرى نادرة من نوعها. كان آخر هذه الوقائع هو الطاعون الأحمر، وهو الوصف الذي يطلقه منظمو المظاهرات التي تمتلئ بها شوارع العاصمة بوخارست وغيرها من المدن على الحكومة احتجاجًا على خطة الأخيرة من أجل العفو عن آلاف السجناء، مبررة تلك الخطوة بأنها تأتي "لاكتظاظ السجون بالموقوفين"، بينما يرى فيها المحتجون فسادًا يقوده مسؤولون بالدولة. ويرى المتظاهرون أن رئيس الوزراء سورين جريندينو ينوي تطبيق هذه الإجراءات من خلال إعلان قانون الطوارئ، ما لا يتطلب موافقة البرلمان أو الرئيس، ويتهمون جريندينو بمحاولة تمرير هذه الإجراءات دون رقابة، واصفين إياها بخيانة الأمانة والعمل ضد المصلحة العامة. وفي نوفمبر 2015 - كان هناك حادث غريب آخر؛ حينما استقالت حكومة بوخارست بسبب حريق في ملهى ليلي؛ وأعلن وقتها رئيس الوزراء فيكتور بونتا استقالة حكومته؛ بعد خروج احتجاجات ضخمة عقب نشوب حريق في ملهى ليلي، أسفر عن مقتل أكثر من 30 شخصًا. وقال بونتا: "إنني أسلم تفويضي، أنا أستقيل، ومن ثم تستقيل حكومتي أيضًا، أنا ملزم بتولي مسؤولية المظالم المشروعة الموجودة في المجتمع، وأتمنى أن يرضي تسليمي وتسليم حكومتي لتفويضنا مطالب المحتجين". وفي ديسمبر 2015 اقتحم الآلاف من رعاة الغنم مبنى البرلمان في بوخارست احتجاجًا على قانون يضع حدًا لعدد الكلاب المسموح للراعي اقتناؤها، واحتشد ما لا يقل عن 4000 راع وصلوا من أنحاء البلاد؛ للاحتجاج على قانون خاص بكلاب رعاة الغنم وبمنع استخدام المراعي من ديسمبر حتى أبريل تدعي السلطات أنه اتخذ حفاظًا على سلامة البيئة. واستخدمت الشرطة القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين بعد اندلاع اشتباكات، ورغم ذلك استطاع الرعاة اختراق حاجز الشرطة للوصول إلى موقع البرلمان الروماني، فيما ارتدى عدد كبير من المحتجين جلود الغنم ونفخوا في الأبواق وحملوا لافتات تدين الحكومة. وشهد البرلمان في ديسمبر 2010 واقعة غريبة أخرى؛ حينما حاول رجل الانتحار، ملقيًا نفسه من إحدى شرفات البرلمان الروماني احتجاجًا على الإجراءات التقشفية التي تعتمدها الحكومة، ولفتت وكالة الأنباء الرومانية إلى أن الرجل قال قبل أن يلقي نفسه من الشرفة (لقد منعتم الخبز عن أبنائي)". وتم نقل الرجل (41 عامًا) الذي كان يعمل كفني بالتلفزيون الوطني إلى إحدى مستشفيات العاصمة بوخارست، حيث أكد الأطباء أن حالته ليست خطيرة. وأشارت الوكالة إلى أن الرجل لديه ابن مصاب بمرض التوحد، وكان يحصل على مساعدة اجتماعية علقتها الحكومة كجزء من إجراءات التقشف. واتخذت الحكومة الرومانية تدابير صارمة منذ أن حصلت عام 2009 على قرض دولي بقيمة 20 مليار يورو، وطالت إجراءات التقشف أيضًا المساعدات الاجتماعية التي خفضت في بعض الحالات وتوقفت نهائيًا في حالات أخرى.