غربان الدولتية فى معادلة 30 ستة بعد أن حسموا الحرب لمصلحتهم مع الإخوان، يلتفون اليوم ليحسموا الحرب مع طلائع ثورة 25 يناير.. من المؤكد أن لديهم عداءً جذريًّا مع تلك الطلائع أكثر من عدائهم مع الإخوان.. صراعهم مع الإخوان هو فى حقيقته صراع ثأر بين اثنين يقفان على أرضية واحدة.. هو صراع مصالح.. بينما صراعهم مع الثورة صراع جذرى.. صراع بين طرفين يقفان على أرضيتين مختلفتين. غربان 30 ستة ربما يحسمون الحرب مع طلائع الثوار كما حسموها مع الإخوان.. لكن بعد انتهاء الحرب (أو فى أثنائها) ستقفز فى وجوههم مشكلة الاقتصاد.. الاقتصاد دخل مرحلة خطرة.. دول الخليج لن تستطيع أن تستمر فى عمل إنجيكشين لاقتصاد الغربان على طول.. فضلًا عن أن الغربان فى حقيقتهم لديهم عداء عميق مع قيم تلك الدول.. الغربان يعتبرونهم بدوًا همجًا، لم يبنِ أجدادهم هرمًا ولم يشيدوا معبدًا ولا نحتوا من الصخور تماثيل ومسلَّات.. ومن ثم فالانقلاب وارد سريعًا وربما يحدث بسبب غمزة عين أو التفاتة أو كلمة عابرة بينهم وبين مشايخ الخليج. طبعًا غربان الدولتية من عمى أذهانهم لا يعرفون أن مدينة البتراء العربية، إحدى معجزات العالَم السبع، نحتها البدو الأنباط فى الصخور، لا بواسطة الصخور.. يعنى لا تنحت لى ولا أنحت لك.. النحت طايلنى وطايلك.. إنت بتنحت من الصخر وأنا بنحت فى الصخر... لكن الفقراء فى مصر ينتظرون الطعام.. أيضًا الزمن لم يعُد يستطيع استيعاب حكم محمَّل بقيم غربان دولتية.. هذا النوع من الحكم يثير سخرية الزمن واشمئزازه.. القوى المتحكمة فى العالم، مهما كانت مصالحها، لن تستطيع غض الطرف عن نظام مفرِّط فى آثارة، التقزز بمقاييس الزمن. ولن تستطيع أن تستمر فى التعامل معه، وإن من تحت الطاولة.. الدول المتحكمة قد تتعامل مع نظام مثل نظام الملالى فى إيران رغم إثارته للاشمئزاز.. لكن دير بالك.. ذلك النظام، مثل نظام ابن سعود، لديه احتياطى نفطى هائل يضمن له البقاء على قيد الحياة.. وفوق ذلك فالنظامان، نظام ابن سعود ونظام الملالى، لديهما أيديولوجيا، مهما كانت رثاثتها، فإنها فى الأخير تبقى أيديولوجيا. دولة غربان الدولتية فى القاهرة ليس لديها أى أيديولوجيا (هى تجمُّع غربانٍ أيديولوجيتها الوحيدة هى النعيق).. اقتصادها على وشك الانهيار.. وشروط خروجه من الانهيار هو علاقات شراكة مع العالم.. الغربان بطبيعة التكوين لا تستطيع أن تقيم شراكة مع أحد (إما تابع وإما متبوع).. والعالم لا يستطيع أن يقيم شراكة مع جغرافيا يمتلئ فضاؤها بنعيق الغربان.. تلك المعادلة ستنهار أسرع مما نتصور.